وجهة نظر

المرأة المغربية والفعل الثقافي

  لعبت المرأة دورا هاما في  الحياة الإسلامية ، فهي الأم والمربية والمعلمة والكاتبة والمفكرة…، والناظر في مسيرة المرأة المغربية يرى بوضح ما قامت به علميا وعمليا، ففي أيام المقاومة المسلحة والسياسية  للمستعمر قامت بمجهودات يجب أن تخصص لها مجلدات، وبعد خروج المستعمر “ماديا”، عملت على البناء الفعال للفعل الثقافي الإسلامي،وقد ظلت المرأة المغربية تجابه “الاستعمار الناعم”، بطرق تتناسب والواقع، إلى ألان.

ففي المجتمع :  انخرطت المرأة المغربية المسلمة  في بناء مجتمعها انخراطا حضاريا حقيقيا، فأسست جمعيات وعملت على توعية الناس بالأخطار المقبلة علينا من المستعمر، ومن ثم العمل على التماسك الاجتماعي والحفاظ على الخصوصية وتطويرها .

وفي السياسة:   انخرطت المرأة المغربية المسلمة في المقومة بنوعيها أو أنواعها، فشاركت في العمل الحزبي والنقابي، وتوعية الناس بالقضايا الوطنية، عبر نشر مقلات وتوزيعها ، كما أننا نرى مشاركتها في التوقيع على وثيقة الاستقلال .

في التعليم  والمعرفة : كانت المرأة المغربية تعي جيدا أن مواجهة العدو من جهة، والانبعاث الحضاري المغربي الإسلامي من جهة ثانيا، لا يتحقق إلا بالتعلم والتعليم، فعملت على التعلم ومن ثم التعليم، وهذا أعطى للمرأة مكانتها التي كانت في عصر النور الإسلامي الكوني .

وهناك أسماء عديدة  من النساء المغربيات التي ساهمت إسهاما كبيرا في الفعل  الثقافي المغربي الإسلامي  ، وسأكتفي باسمين  باعتبار التتكامل بين الفعل والنظر الثقافي  .

أولا: أمنة اللوه ( 1926- 2015) من الأمور التي اعرفها عنها شخصيا،  أنها أوقفت بيتها الكبير  لله  في  مدينة طنجة ، يدرس فيه حاليا  طلبة العلوم الشرعية ، لان أدَرس فيه ،  قيل لي من احد المقربين منها رحمه الله ، أرادوا شراء بيتها هذا، وأعطوها فيهما يقارب المليار ، فقالت لهم هذا البيت بعته لله. وهو ألان  يحمل اسم “مدرسة التوعية الإسلامية للتعليم العتيق” ، هذا وحده كاف دون النظر إلى عملها الأدبي والتعليمي والإعلامي، إضافة إلى أنها كانت تتواصل باستمرار مع الكتاب في اسبانيا، وكانوا يزورونها ويرسلونها من اجل أن كتابة تقديم لهم في كتبهم أو مراجعتها ، وقد تحدث عنها العالم والمؤرخ المغربي المختار السوسي في “المعسول” .

عملت رحمها الله معلمة وأستاذة بالتعليم الابتدائي والثانوي، وكانت تعمل على تكوين المعلمات، ثم انتقلت إلى العمل الإداري والتفتيش فكانت مفتشة التعليم النسوي.وهذا جعلها خبيرة بالمرأة واحتياجاتها وطرائق العيش والتعايش والعمل على زعق القيم والانبعاث من جديد.

وهذا يظهر من خلال عملها في الصحافة والإذاعة في برنامجها “فتاة تطوان تخاطبكم”، وكان خطابها يتميز بالروح  الوطنية  والثقافية ، وبهذا العمل المتواصل والجاد تم تعيينها في “اللجنة الملكية لإصلاح التعليم”

حتى داع صيتها خارج المغرب رحمه الله، في أوربا والعالم الإسلامي ، فكانت أول امرأة تشارك سنة 1957 في المؤتمر النسوي العربي الذي كان  في سوريا.

من أهم أعمالها :

بدأت الدكتورة تكتب المقالات العلمية وهي في عمر 20 سنة وكان اول ما كتبته   مقالة تحت عنوان  “نحن والتعليم” في مجلة الأنيس بتطوان، سنة 1946.

ولها أعمال كثيرة منها ما طبع ومنها ما لم يطبع، وسنحاول تحقيقه ان تيسرت الامور باذن الله، ومنها:

  • “الملكة خناثة قرينة المولى إسماعيل”
  • الطفولةالمغربية”
  • “تاريخالتعليم العربي بأقاليم المغرب الشمالية”، باللغة الاسبانية.
  • ” سيرة الخطابيين الورياغليين” مخطوط

وبحكم تمكن الدكتورة  من الاسبانية فقد عملت على ترجمة كتب وأبحاث، منها ::

  • “حول استراتيجية النبأ عند المغاربة: (فصول مترجمة من كتاب: (Tres Sultanes a la profia de un reino)  لأنريك أركيس
  • نصوص إسبانية حول المغرب في القرن السادس عشر: كتاب الراهب خوان بوستيتا عن مولاي عبد الملك .
  • فصول من كتاب (جولات بالمغرب) لببديع العباسي ،مخطوط…. وغير ذلك .

 

ثانيا : فريدة زمرد:   لها إسهام كبير في البناء التداولي للفعل النظري  الثقافي الإسلامي، فهي حاصلة على الدكتورة في الدراسات الإسلامية، متخصص في دراسات المفاهيمة والمصطلحية القرآنية، وتعتبر رائدة في هذا الباب ومرجعا يعتمد عليه، وهي من دعت إلى تأسيس “علم مصطلح القران”،وهي من الذين يعملون في ما سمي” الدراسة المصطلحية”، التي بدأها العالم المغربي الدكتور الشاهد البوشيخي بمعية تلميذه ألألمعي الفريد، فريد الأنصاري رحمه الله .

ومن أهم أعمالها :

  • “الأبعاد التداولية لنظرية المجاز عند ابن تيمية”
  • “معجم المصطلحات القرآنية المعرفة في تفسير الطبري”.
  • “أزمة النص في مفهوم النص عند نصر حامد أبو زيد”.
  • “مفهوم التأويل في القرآن الكريم، دراسة مصطلحية”.
  • “مفاهيم نبذ العنف ضد النساء في القرآن الكريم والسنة المطهرة”

كما لها دور كبير في انبعاث الفعل الإسلامي الجاد المؤصل من خلال انشغالها في المراكز البحثية ومساهمتها الفعالة في العالم الإسلامي .

لمعرفة مكانة المرأة  المغربية في الفعل الثقافي ، يجب النظر في اعمالها  بشكل مباشرة لا عن طريق المستشرقين والمستغربين، هذا من جهة،  ومن جهة أخرى لا يصح بناء الحكم انطلاقا من  بعض الجزئيات الواقعية _التي تحكمها معايير لا علاقة لها بالواقع-  للحكم على الوضع  الكلي للمرأة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *