وجهة نظر

التطبيع المغربي الإسرائيلي قد يخدم القضية الفلسطينية أكثر من أي وقت مضى

المغرب إسرائيل

إن التطبيع المغربي الإسرائيلي ليس استئنائي أكثر ما هو طبيعي، لأن اليهود المغاربة لم تنقطع علاقتهم بوطنهم المغرب منذ استقلال المملكة المغربية وعودة فقيد العروبة والإسلام جلالة الملك محمد الخامس قدس الله روحه، فهو الملك والشخص الواحد عالميا كان يشمل رعاياه اليهود المغاربة بالعطف والرعاية داخل المغرب وخارجه بقدر ما كان يدافع عن القضية الفلسطينية والقدس العربي الشريف، وتقديرا لهذا الموقف المغربي الجليل واحتراما لأصالة اليهود المغاربة لم يتجرأ يهودي واحد من داخل الوطن أو خارجه وانتقد سياسة النظام المغربي، بل كان يساند المغرب في قضاياه، والدليل على ذلك ما شاهده العالم عبر وسائل الإعلام وأساسا “الفيسبوك” واليهود المغاربة وغير المغاربة موحدون وهم كرجل واحد يرقصون ويغنون فرحة للعودة إلى الوطن الحنون، والذين اشتاقوا إلى لقاء أبناء الجيران والأصدقاء وذووا القربى، و إلى منازلهم التي بقيت مصانة ومحصنة في كل المدن المغربية، ولقد شاءت الأقدار أن يسر الله هذه العودة إلى أحضان الوطن، والحكومة الإسرائيلية الحالية جلها من أصول مغربية، وتجد المغاربة فرحين عندما يصل أحد أفراد اليهود المغاربة إلى الحكومة الإسرائيلية من أصل مغربي، ولقد أعجبت غاية الإعجاب حينما شاهدت عبر وسائل الإعلام اليهود يغنون نشيد المسيرة الخضراء المظفرة وهم يقولون ملكنا واحد هو محمد السادس، ألا تعتبر هذه حسنة من حسنات محمد السادس الذي واعد المغاربة على استكمال مسيرة والده المنعم جلالة المغفور له الحسن الثاني بأن لا يهدأ له بال إلا باستكمال الوحدة الترابية واحتضانها لكافة أبناء هذا الوطن من طنجة إلى الكويرة، وهاهو العهد تحقق بالإرادة التامة والواقعية وفق إستراتيجية دبلوماسية ملكية معقلنة وذكية بتعاون صبر ورزانة المغاربة وتشبثهم بأرض الصحراء المغربية جاعليها في مقدمة أولوياتهم وهم مستعدون يموتون جوعا دونها.

وللإشارة فالتطبيع مع إسرائيل ليس وليد اليوم، فالعالم العربي مطبع مع إسرائيل بل ومعترف بوجود دولة إسرائيلية منذ سنة 1967 إن لم أقل قبل هذا التاريخ، والسؤال، من ذا الذي لا يخاطب إسرائيل دون أن يذكر دولة إسرائيل وحتى إن هو قال الكيان المحتل، والدولة لا تسمى دولة إلا إذا كان لها كيان، والكيان هو الأرض والشعب والحدود، فاليهود موجودون في كل بقاع العالم منذ بزوغ فجر الإسلام، ولينظر المرء مثلا، الرسل المتبادلة بين بعض الدول الإفريقية والرسول صلى الله عليه وسلم، مثلا أثيوبيا حيث استقبل النجاشي الصحابي الجليل عمر بن العاص قبل إسلامه، كما استقبله بعد إسلامه وهو مبعوث من لدن سيد الأولين ولآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والنجاشي كان يساند اليهودية وهم إلى اليوم يعيشون في الحبشة الملقبون ب “لافلاشة”.

وعلى كل حال، السياسة مصالح وجلالة الملك نصره الله وجد مصلحة الوطن في هذا التطبيع، وعلى الرغم من ذلك فجلالته لم يقرر ويوافق على هذا التطبيع انبطاحا وخضوعا وإنما تفاوض في شأنه، و راعى في هذا التفاوض القضية الفلسطينية وهو أمير المؤمنين يحفظ المقدسات الإسلامية أولى القبلتين وثاني الحرمين بيت القدس الشريف.

أما الذين يحاولون المغالطة أقول لهم إنكم والله لا تريدون من ذلك إلا السيساوية الرعنة، وأنتم تجزون بأنفسكم في قضية ليس لكم إدراك ولا معرفة محاولين تحريف مفهوم التطبيع على مقاصده الحقيقية والتي ماهي إلا تحقيق السلام، وبالتالي تنعم البشرية بهذا السلام ومن خلاله التبادل التجاري وحفظ كرامة الإنسان أينما كان، يعيش بأمن و أمان أينما وجد، ويحيى حياة هادئة من دون إسالة دماء ولا رائحة البارود والدمار والخراب، أليس اليهود بشر خلقهم الله مثل سائر البشر؟ لا إكراه في الدين، وجعل الله لكل إنسان الحق في الدفاع عن وجوده بكرامة، ومن أهم بنود هذا التطبيع حفظ حقوق الفلسطينيين وأراضيهم وعدم مصادرتها، وسلب الحقوق أو قتل النفس إلا بالحق، واعلموا أيها الغافلون أنه بهذا التطبيع تكون المملكة المغربية قريبة من مواقع الأشقاء الفلسطينيين وحمايتهم وأراضيهم من خلال المصالح المشتركة التي توقع بين المملكة والإسرائيليون بحيث دون هذا التطبيع من أي باب يمكن لأمير المؤمنين أن يسلكه إلى قلب الحكماء في اسرائيل، والحصول على حقوق الفلسطينيين بصفة خاصة، والعرب والمسلمين بصفة عامة، والعالم أجمع يدري جيدا مدى الاحترام والتقدير اللذين يكنهما اليهود لجلالة الملك محمد السادس، وهم ينشدون وينادون ملكنا واحد محمد السادس، ألا تقدرون هذا المعنى وتعطوه حق قدره يا من توسوس لهم أنفسهم بالباطل؟ واعلموا أن هذا التطبيع نعمة من الله بها على كل انسان يحب السلام والعيش بكرامة وحرية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “خيركم خيركم لأهله” والفلسطينيون أهلنا واليهود أبناء عمومتها، وهم في حماية إمارة المؤمنين، وأن أكثر من 70 ألف يهودي يعيشون في اسرائيل، والملايين منهم يعيشون في العالم مسالمين آمنين في ظل كل الديانات السماوية لهم من الحقوق ما لجميع مواطني البلد المضيف.

وما هذا التطبيع إلا آلية من الآليات التي تزيد هذه المبادئ إلا رسوخا وتعايشا بين الانسانية في جميع بقاع العالم وما الأرض إلا أرض من عمل فيها صالحا سيتلقاه ومن فسد ينال جزاءا وفق القوانين والشرائع السماوية، ولربما هذا التطبيع سيؤدي إلى تغيير مجموعة من الأمور من الحسن إلى الأحسن، خصوصا أن سيدنا محمد السادس أمير المؤمنين في العالم وهو السبط الكريم وما فعل إلا ما أمر به من ربه السميع العليم، وفقه الله وأذل المخادلين اللذين يسيرون في الاتجاه المعاكس.

أما من يتنكر أو يرفض قرارات جلالة الملك وأعماله الجليلة لصالح المغاربة والإنسانية أجمع، أقول لهؤلاء أين هي طاعة أمير المؤمنين؟ وأين هي طاعة أولي الأمر منكم، وأين الوصية التي مفادها إن اختلفتم في امر فردوه إلى الله والرسول وأولي الامر منكم، أخزى الله كل مناع للخير معتد أثيم.

أما السيد الوزير الشاب القزقاز الذي حاول إبخاس مجهودات جلالة الملك ونسي أو تناسى أن الامر لا يعنيه في شيء، فقضية الصحراء قضية المغاربة كافة، وهم ليسوا محتاجين لمن يتكلم باسمهم إلا جلالة الملك، حيث هو الذي يعلم جيدا أين تكمن مصلحة البلاد والعباد، والمغاربة يعتبرونه تاجا فوق رؤوسهم وقدوة حسنة في كل خطوة يخطوها جلالته، وما خاب في ذلك قيد أنمولة فالله معه، وبركات جده المصطفى معه أينما حل وارتحل، والله إن طلب من المغاربة مقلهم لأعطوها له دون تردد أو تماطل أو تفكير، اللهم احفظه بعينك لتي لا تنام واجعل المغاربة الاحرار جندا مجندين وراءه، واحفظ جلالته ورعاياه الأبرار في العهد الذي بينهما واجعل رعاياه الكرام سندا قويا له في الحق و أعنه عليه، أما من يتظاهرون بالولاء وما هم إلا منافقون، فاللهم اجعل كيدهم في نحورهم. آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *