أدب وفنون

الزوهري.. سيرة صحافي وأكاديمي وروائي من قرية بتاونات

يبدو واضحا أن الغوص في عوالم المبدعين، والأدباء، عمل يحتاج الكثير من التدقيق، بالنظر إلى تعدد المداخل التي تسعف في قراءة هؤلاء الكبار، وتمنح فرصة الاقتراب من منجزاتهم، وتفكيكها في أفق تحويلها إلى تجربة مشاعة يستفيد منها العوام.

سيرة محمد الزوهري، ابن قرية بني وليد نواحي تاونات، واحدة من السيٓر التي يحقق تقاسمها مع القراء الكثير من المتعة، اعتبارا للأشواط التي قطعها الزوهري للوصول إلى الهدف المنشود، وهذا الأمر يغري بتقفي أثره، واستلهامه كنموذج في تأكيد الكينونة في الهنا والآن.

ولد الزوهري بقرية بني وليد المحاذية لوادي ورغة، المصب الرئيسي لسد الوحدة، وبها نشأ وترعرع؛ كما لو أنه يعيد إنتاج تجربة الروائي اللبناني أمين معلوف، حيث القرية ساكنة ومسكونة به وفيه، وهذا الارتباط كان له الأثر الكبير في تشكيل شخصية الزوهري، قبل أن تصير هذه الشخصية عنوانا روائيا ينقل تفاصيل وأسرار سيرة “طائر جبلي” ينظر إلى بيئته بمنظار الفلسفة، ويحياها بمنظار السوسيولوجي، وبستحضرها في علاقاته سيكولوجي يمتح من لغة اللاشعور الفرويدية.

التحق الزوهري بمدرسة القرية، وتابع دراسته الإعدادية والثانوية بمنطقته، قبل أن يشد الرحال إلى مدينة فاس وجهة طلبة الإقليم، حيث حصل على الإجازة من كلية الآداب ظهر المهراز بفاس، وبعدها نال شهادة الدكتوراه في الإعلام الثقافي من الكلية نفسها.

ولج الدكتور الزوهري الصحافة في سن مبكرة، حيث اشتغل مع وسائل إعلام وطنية وجهوية، قبل أن يحط الرحال بالأحداث المغربية مكتب جهة فاس مكناس، وبها قضى سنوات طويلة، قبل أن يلتحق بمكتب جريدة ” الأخبار” مع انطلاقتها الأولى، بالإضافة إلى إسهاماته في الإعلام العربي، وانفتاحه على تجارب إعلامية عديدة، بما يعنيه من ذلك تمرّس في الكتابة، ونضج في التعاطي مع الحقل الإعلامي “المفخخ”.

مسار ابن قرية بني وليد بتاونات لم يتوقّف عند حدود ممارسة الإعلام، بل امتد لحقل التعليم، حيث التحق مطلع الألفية الثالثة بالسلك الثانوي التأهيلي، قبل أن يتفوق في مباراة توظيف أستاذ للتعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الأداب سايس، تخصص الإعلام والتواصل، في رحلة أكاديمية غارقة في الإصرار والتحدي.

لم يكن الإعلام في تجربة الأستاذ الزوهري مجرد ممارسة، بل كان سؤالا للتفكير، وإشكالية تحتاج مزيدا من التفكيك، في ضوء غياب براديغمات مؤطرة للممارسة الصحفية بالمغرب، وفي هذا الباب أصدر سلسلة أعمال لها صلة بحقل الإعلام؛ السمعي والبصري والرقمي، منها ملامح الكتابة الصحفية، والممارسة الإعلامية: الواجب المهني والأداء الفني، ثم الإعلام الإلكتروني بالمغرب، وتحولات الإعلام السمعي البصري بالمغرب ورهاناته، قبل أن يطلّ على قرائه برواية تحفر في ذاكرة الانتماء، وتعيد إنتاج الماضي البسيط، بعدما أصدر رواية “طائر الجبل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *