مجتمع

معركة الأمعاء الفارغة تشعل “حرب البلاغات” بين دفاع معتقلي الريف وإدارة السجون

أدت معركة “الأمعاء الخاوية” التي خاضها معتقلو حراك الريف الستة المرحلين من سجن “طنجة 2″، طيلة 10 أيام، والتي انتهت أمس بإعلانهم تعليق الإضراب عن الطعام، إلى نشوب “حرب بلاغات” بين هيئة الدفاع عن المعتقلين المذكورين، وبين المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

هيئة الدفاع عن المعتقل نبيل أحمجيق، القيادي البارز في حراك الريف والمرحل إلى سجن وجدة، عبرت في بلاغ لها عقب زيارتها للمعتقل المذكور، يوم الأربعاء المنصرم، عن قلقها البالغ جراء “التدهور الملحوظ في الحالة الصحية والبدنية للمعتقل بسبب خوضه الإضراب المفتوح عن الماء والطعام”.

ودعت هيئة الدفاع إلى “تعجيل الاستجابة لمطالب أحمجيق وتمتيعه بكافة حقوقه القانونية والدستورية، لاسيما المكتسبة منها في سياق نضالاته السابقة داخل السجن”، مشددة على حقه في ربط الاتصالات بواسطة هاتف السجن والتواصل بكل حرية وفي إطار القانون، رافضة “حرمانه من هذا الحق تحت أي مبرر”.

اقرأ أيضل: الزفزافي ورفاقه يعلقون إضرابهم.. هل دفعت معركة “الأمعاء الخاوية” إدارة السجون للتراجع عن قرار ترحيلهم؟ 

ونبه البلاغ “الجهات الإدارية والقضائية المعنية بالملف، إلى تمتيع المعتقل المذكور بكافة الحقوق والضمانات المخولة له، باعتباره معتقلا احتياطيا وليس مُدانا، نظرا لاعتقاله على ذمة قضية لا تزال معروضة أمام أنظار القضاء”.

وفي نفس السياق، ثمن جمعية “ثافرا للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف”، بزيارة هيئة الدفاع المكونة من كل من هيئة فاطمة بنعزة، مصطفى العمري، عبد الحق بنقادى، مراد المختاري، عبد الواحد بنسرية، عبد الكريم عبو، محمد العيادي، رشيد البركي، يحي العلامي، مراد زيبوح، إلى المعتقل نبيل أحمجيق بوجدة.

ودعت الجمعية في بلاغ لها، هيئة الدفاع إلى توسيع مبادرتهم لتشمل معتقلين حراك الريف المضربين عن الطعام في مختلف السجون: بركان، طنجة، الناظور، الحسيمة، العرائش، مناشدة هيئات الدفاع وطنيا “تعزيز هذه المبادرة والتنسيق مع المبادرين إليها في شخص محمد العيادي الذي ينسق مع عائلات المعتقلين المضربين عن الطعام”.

رد “السجون”

بالمقابل، حذرت مندوبية السجون في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، “مما قد يترتب من انعكاسات سلبية لمثل هذه البلاغات (بلاغ هيئة الدفاع)، إذ بدل إقناع السجين المعني بالعدول عن هذه الخطوة الخطيرة على وضعه الصحي، فإنها تدفعه إلى الاستمرار في الإضراب عن الطعام”، وفق تعبيرها.

وقالت مندوبية السجون إن قرار ترحيل معتقلي الريف من سجن طنجة 2، “جاء ردا على التجاوزات الخطيرة وغير المقبولة التي قاموا بها، بالرغم من التنبيهات والتحذيرات المتعددة من إدارة المؤسسة المذكورة بضرورة الامتناع عن استغلال خدمة الهاتف لأغراض خارجة عن القانون، من قبيل التنسيق مع جهات خارجية وفي ملفات قضائية لا صلة لها بملفهم”.

واتهمت المندوبية المعتقلين السنة بأنهم “تمادوا في عدم الامتثال لهذه التنبيهات والتحذيرات، بل وصل بهم الأمر إلى الاحتجاج والتهديد بالدخول في إضراب جماعي عن الطعام من أجل الضغط على إدارة المؤسسة، ضاربين بعرض الحائط جميع الضوابط القانونية والتنظيمية المؤطرة للمؤسسات السجنية”.

اقرأ أيضا: مندوبية السجون تعاقب الزفزافي ورفاقه وتقرر ترحيلهم من سجن “طنجة 2” 

وعلى خلاف ما جاء في بلاغ هيئة الدفاع بخصوص “ضرورة استعمال خدمة الهاتف بكل حرية”، تقول مندوبية السجون، “فإن جميع مراسلات النزلاء والاتصالات يجب أن تخضع للمراقبة طبقا للقانون، علما أنه يبقى من مسؤولية إدارة المؤسسة التدخل من أجل منع كل ما من شأنه المس بأمن المؤسسة السجنية وسلامة نزلائها”.

وتساءلت في هذا الإطار: “هل من المعقول السماح لكافة فئات السجناء، بمن فيهم السجناء المتابعون بموجب قانون مكافحة الإرهاب وأباطرة المخدرات وكبار المجرمين…، بالتداول في كل شيء، بما في ذلك الأمور التي قد تنطوي على تهديدات أمنية للمؤسسة السجنية؟”.

وتابع البلاغ: “على خلاف ما يدعيه هؤلاء المحامون في بلاغهم بخصوص الحقوق المكتسبة، فإن من واجب إدارة المؤسسة الحرص على التعامل مع جميع السجناء على قدم المساواة، وعدم تمتيع أي كان بمعاملات تفضيلية، أو الرضوخ لطلبات أو ممارسات غير قانونية”.

وبالنسبة الإضراب عن الطعام، حملت إدارة السجون المعتقل المُضرب “مسؤولية ما يمكن أن يترتب عنه من انعكاسات سلبية على صحته، وكذا من يقوم بتشجيعه على الاستمرار فيه”، مشيرة إلى أن المدير الجهوي لإدارة السجون واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، قاما بزيارة السجين لثنيه عن الاستمرار في الإضراب عن الطعام، “إلا أنه أصر على الاستمرار في الإضراب مطالبا دائما باستعمال الهاتف دون قيد أو شرط، في خرق تام للمقتضيات القانونية”.

أضهشور وإغيد

من جهتها، قالت هيئة الدفاع عن المعتقلين زكرياء أضهشور وسمير إغيد المرحلين إلى سجن بركان، إن “السياسة العقابية لا ولن تشكل وسيلة مجدية في تسوية الأزمات الاجتماعية، بل إن الحوار والتقيد بالمبادئ المؤطرة لدولة القانون، هي المدخل الحقيقي لضمان السلم الاجتماعي في ظل ديمقراطية حقيقية تكفل العيش الكريم للجميع دون تمييز”.

واعتبر بلاغ لهيئة الدفاع المكونة من عبد القادر الحسناوي، مراد زرزوري، مصطفى بن شريف، جمال أبدالس، مراد زيبوح، عقب زيارتهم إلى المعتقلين المذكورين، أن “إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين هو الحل الأنجع لإغلاق ملف حقوق الإسان بالمغرب والقطع مع المقاربة الأمنية”.

وأشار البلاغ إلى أن أضهشور وأغيد قررا تعليق إضرابهما عن الطعام رفقة باقي المعتقلين في سجون أخرى، “في أفق إعادة تجميعهم من جديد”، منوهة بمدينة سجن بركان والعاملين بالمؤسسة على توفيره الشروط الملائمة لإجراء الزيارة والتخابر مع المعتقلين في حرية كامل.

وأمس الجمعة، أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن معتقلي حراك الريف الستة المرحلين من السجن المحلي “طنجة 2″، والذين سبق لهم الإعلان عن دخولهم في إضراب عن الطعام، قد تقدموا اليوم الجمعة إلى إدارات المؤسسات السجنية التي رحلوا إليها بإشعارات تفيد فكهم للإضراب عن الطعام.

ورغم أن مندوبية السجون اكتفت في بلاغها المقتضب الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، بالإعلان عن تعليق المعتقلين الستة إضرابهم عن الطعام، دون أي معلومات أخرى، فإن محمد أحمجيق، شقيق نبيل أحمجيق المعتقل المرحل إلى سجن وجدة، كشف أنه تعليق الإضراب جاء بعد الاتفاق على إعادة تجميع المعتلقين الستة.

اقرأ أيضا: والد الزفزافي يعلق على قرار ترحيل معتقلي حراك الريف من سجن “طنجة 2” 

وأوضح محمد أحمجيق في تدوينة له، أن شقيقه يعلن للرأي العام عبر اتصال هاتفي أجراه مع شقيقه، أنه جرى الاتفاق على تجميع المعتلقين الستة (ناصر الزفزافي، نبيل أحمجيق، محمد جلول، محمد حاكي، سمير إغيد، زكرياء أضهشور) بسجن “طنجة 2” من جديد، بعد أيام من قرار مندوبية السجون بترحيلهم.

وقال محمد أحمجيق، إن شقيقه ورفاقه الستة، قرروا تعليق إضرابهم عن الطعام الذي يخوضونه منذ 10 أيام، مشيرا إلى أن هذه التطورات جاءت “بعدما تكلف ناصر الزفزافي بمهمة التنسيق والتشاور معهم، حيث  تم الإتفاق على تجميعهم كما كانوا بسجن طنجة 2 قبل صدور قرار الترحيل من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون”.

كما أكد أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، رفع المعتقلين الستة إضرابهم الطعام، مشيرا في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، أن النشطاء المعتقلين المكورين “سيعودون إلى حالتهم الأولى في طنجة”، وفق تعبيره.

تحركات “وقف الإضراب”

هذه التطورات تأتي بعدما قامت لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان بكل من طنجة تطوان الحسيمة وجهة الشرق، بتكليف من رئيسة المجلس أمينة بوعياش،  بزيارة المعتقلين الستة داخل زنازينهم بالمؤسسات السجنية التي رُحلوا إليها، وفق ما أعلنه المجلس في بلاغ له اليوم الجمعة.

وأفاد البلاغ أن لجنة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بجهة الشرق، زارت نبيل أحمجيق بالسجن المحلي بوجدة، وسمير إغيد وزكرياء أضهشور بالسجن المحلي ببركان، بمشاركة منسق مجموعة العمل المعنية بحماية حقوق الإنسان، وطبيب، وإطار إداري.

اقرأ أيضا: هيئة حقوقية تدعو للتراجع عن قرار ترحيل الزفزافي ورفاقه من سجن طنجة 

كما زارت لجنة المجلس بجهة طنجة تطوان الحسيمة كلا من ناصر الزفزافي ومحمد جلول بسجن طنجة 2، ومحمد حاكي بالسجن المحلي العرائش 2، بمشاركة رئيسة اللجنة وعضوين، ضمنهما طبيبة.

وأوضح البلاغ أن وفدي لجنتي المجلس قاما بزيارة المعتقلين بزنازينهم داخل المؤسسات السجنية المذكورة، مشيرة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجنتيه الجهويتين يتابعون أوضاع المعتقلين بشكل مستمر، طبقا لاختصاصات المجلس ذات الصلة، حسب المصدر ذاته.

وخلال الأيام المنصرمة، كشف محمد أحمجيق أن أسرته حولت بيتها إلى ما أسماه “مأثم عزاء” بسبب الوضع الصحي الصعب لشقيقه المضرب عن الطعام بسجن وجدة، مشيرا إلى أن عائلته تعيش وسط توجس وخوف ودموع، محملا إدارة السجون مسؤولية أي مكروه قد يتعرض له شقيقه.

وكانت مندوبية السجون قد قررت في 21 يناير 2021، ترحيل معتقلي حراك الريف المتواجدين بسجن “طنجة 2” إلى مؤسسات سجنية أخرى، وذلك بسبب ما اعتبرته “التمادي في استغلال خدمة الهاتف الثابت للقيام باتصالات لا تدخل في إطار الحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية”، وفق تعبيرها.

قرار الترحيل أثار غضبا عارما لدى عائلات المعتقلين ومحاميهم وهيئات حقوقية، كما دفع القرار السجناء الستة إلى الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام والماء إلى حين التراجع عن قرار الترحيل، قبل أن يعلنوا تعليق الإضراب مساء اليوم الجمعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *