وجهة نظر

“وخا كنت يهودي ميدروليش هكا”

وَخّا كْنْتْ يْهودي مَيْدِروُليشْ هَكّا!

أسمع دائمًا المغاربة، عندما يشعرون أنهم ضحايا سوء المعاملة أو الظلم، يُعبِّرون بألم “حتى لو كْنْتْ يْهودي مَكانْشْ عْليهُم يْعَملوني هَكّا”.

كذلك كثيرًا ما أسمع المغربي يصف مثلا موظفا صارمًا وحازمًا وعادلًا ومستقيمًا بالكلمات التالية “تْقولْ عْليهْ يْهودي مَشي مْسْلْمْ”.

وبالطبع أنتم جميعًا تعرفون العبارة الشهيرة ” لِهودي حاشاكْ” وهي علامة على التأدب عند المُحاور عند التعبير عن مصطلح “يهودي” أثناء المناقشة. كما في الواقع يتم استخدام نفس العبارة “حاشاك” عند نطق كلمة “كلب أو حمار”.

لماذا إذن هذه الكراهية وهذا الازدراء لليهود في حين أن الأديان الثلاثة المفترضة سماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) تدعو جميع المؤمنين إلى التعايش؟

بعد التحليل اكتشفت الأسباب التالية:

1- الخلط بين اليهودية ودولة إسرائيل

يعتقد المغربي أن دولة إسرائيل هي العدو والمضطهد للعرب وخاصة  للشعب الفلسطيني ومن هنا يعتبر أيضًا أن اليهودي مضطهده.

2- الخطاب الديني

للأسف منذ قيام دولة إسرائيل ترسخ الخطاب الديني البغيض ضد الصهيونية في الثقافة الدينية المغربية مما أدى إلى الخلط بين الصهيونية واليهود.

3- المؤامرة 

إن المغاربة مثل كل العرب على يقين أن تراجع المسلمين وبؤسهم ناتج عن إرادة اليهود المتعمدة. ولكن في الواقع برع اليهودي في التواصل منذ القدم وهذا سبب حصوله  على مكانة كبيرة في السياسة العالمية والتي يسميها العرب بالمؤامرة.

4- تشابه الفكر العربي واليهودي

إن العقلية وآلية التفكير والشعور بالشرف والاندفاع تكاد تكون متطابقة بين العرب واليهود وهذا التشابه هو المسؤول عن الكثير من الصراع والمعارضة الأمامية.

5- اللوبي اليهودي

كان اليهودي على الدوام ذكياً ومتلاعبًا، كما كان يتفوق في الاقتصاد وينجح في جميع مشاريعه. وهذا هو السبب في أن العربي يعتبر اليهودي محتالًا بينما يستخدم فقط ذكاءه العالي وحسه التجاري. وفي الواقع هذه هي الطريقة التي يتفوق بها اليهود على العرب في الاقتصاد العالمي وسر وجودهم في كل مكان في العالم  ويسميها العرب اللوبي اليهودي.

6- الاتحاد اليهودي

تمكن اليهود من الاتحاد في ظرف زمن وجيز مع إنشاء دولة ديمقراطية قوية لها كلمتها على الصعيد العالمي، الشيء الذي لم يستطع العرب تحقيقه.

من الواضح أن هناك أسبابًا أخرى نفسية باطنية تنتقل من جيل إلى جيل وتتجسد في علاقة صراع قديم جدًا بين أبناء العم. 

لقد حان الوقت لأن يفتح العالم العربي أعينه ويقبل الواقع كما هو مع السعي للتأقلم مع الموجة العالمية بينما يتجه نحو العولمة.

لقد حان الوقت أيضًا للشعب اليهودي أن يكون عادلاً ومنصفًا وأن يشارك في مختلف حركات السلام والأخوة والعيش المشترك  مع اخوانهم العرب.

لقد حان الوقت لجميع شعوب العالم وحكامهم لقبول أن الأرض وطن واحد وأن يجتهدوا بكل قواهم من أجل  تحقيق السلام العالمي .

* الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفساني، باحث وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *