منتدى العمق

لماذا لا تحل عقدة المتعاقدين؟

أقرت حكومة عبد الإله بن كيران أسلوبا جديدا في التوظيف في مجال التعليم العمومي أطلق عليه ” التعاقد” . ومنذ اليوم الأول لتفعيل هذه الآلية تبين أن الأساتذة قبلوا بها على مضض في انتظار فرصة لمحاربتها. كيف يمكن إقناع فئة عريضة من رجال التعليم بقبول نظام يقصيهم من إطار يضمن لهم نفس الحقوف كزملاءهم الكثر. وكيف يمكن تقديم تفسير معقول من الناحية المحاسباتية العمومية حين يتم تغليف التحميلات المالية بشكل يبعدها شكليا عن الميزانيات الفرعية للوزارات.

كل هذا مجرد لعب على أوتار المساطر القانونية و الإدارية المحاسباتية لإخفاء مصادر تزايد النفقات العمومية. و في النهاية لا نتيجة ذكية تذكر. الربح الوحيد للدولة عبر ميزانيتها هو تقليص مساهمتها عبر تحويل التحملات من مستويات الصندوق المغربي للتقاعد إلى مستويات المساهمة الأقل في الأنظمة الأخرى كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و الأنظمة التي يديرها صندوق الإيداع و التدبير بالإضافة إلى أنظمة التقاعد التكميلي. و السؤال الكبير يتعلق بمن أقنع أصحاب القرار السياسي بالتمسك بمن اخترعوا التعاقد في قطاع حيوي كالتعليم دون أن يضع أمامهم كل المعطيات.

يتخذ القرار دون تقييم و دون دراسة مالية و إجتماعية لاثاره و يطبق على مواطنين حاربوا الفقر من أجل ضمان موقع في مجتمع كغيره يبحث عن توازنات يمكن أن تساهم في استقرار البلاد. ولأن التفكير التقنوقراطي يظل حبيس المعادلات العقيمة، وصل اجتهاد أصحاب القرار إلى خلق مشكلة تفرعت منها مشاكل و وصلت إلى الشارع العام و استخدمت من طرف مؤسسات لا يهمها أي شيء يتعلق بتحسين خدمات التعليم ببلادنا.
هل من عاقل يرجع الأمور إلى نصابها. أساتذة التعاقد يسكنهم الخوف و هاجس الهشاشة و الدولة ترصد نفس الميزانية لتغطية حاجيات التأطير التعليمي ببلادنا. و لماذا تتعامل الحكومة، منذ سنوات، ببرودة تقنوقراطية مع أساتذة اجبروا على قبول تعاقد خلق حدودا بينهم و بين زملاءهم الكثيرون في القطاع التعليمي. تقتضي المسؤولية السياسية إبعاد البلاد عن القضايا الهامشية التي لا تكلف الميزانية ثقلا إضافيا.

و هكذا يستغل البعض قضايا كان بالإمكان معالجتها بكثير من الهدوء و التحليل القبلي قبل إتخاذ القرار. و هكذا تداخلت الإشكاليات و دور بعض المؤسسات لكي تثقل مشكلة التعاقد و تشعل نيران فتنة لا أحد يرغب في تاجيجها. المهم هو الاحتكام إلى العقل و التدبير الحكيم لقضية عقدها التقنوقراط. المهم هو أن ميزانية الدولة تحول سنويا ملاييرا إلى الأكاديميات الجهوية لأداء رواتب أساتذة التعاقد و أن هذه الميزانية يمولها دافعوا الضرائب و أن هذه المصاريف تساهم في توازنات الحسابات العمومية و عجوزاتها و أنه لا فائدة من خلقنوعين من الأساتذة داخل جسم تعليمي و تربوي لا يتحمل التقسيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *