المغرب العميق

“خبز الشحمة الزاكوري” .. سلاح الرجال قبل الخروج للرعي وجني التمور

يقول الفنان المغربي “نعمان لحلو” .. “عطر الحنة وانسامو فكل مكان وكل وجدان، والتمر عربون فرسامو د المحبة وحق الجورة .. واحة جنة فبلادي يالغزالة يا زاكورة”.

عمق الحضارة
لمدينة زاكورة رونق تراثي وحضاري خاص تبلور عبر الزمن، وساهم أهلها الشرفاء في إرساء أسسه. وقد لعبت زاكورة منذ القدم دورا كبيرا في التطور الإقتصادي للمغرب، ابتداء من القرن الخامس عشر حين ازدهار التجارة مع السودان مرورا من جوهرة الصحراء “تومبوكتو”.

لنستحضر مرة أخرى المقطع الجميل والأخير في أغنية “نعمان لحلو” التراثية “لغزالة يا زاكورة” .. “الريام ف محاميد لغزلان والشكاكة وجبل سلمان لتومبوكتو بعثو السلام والواحات الإفريقية والصباح نشر علامو”. ما يدل على عمق حضارة المدينة التي جمعت عدة أطياف وأعراق.

ولزاكورة رصيد تراثي وازن جدا سواء في الفولكلور أو اللباس التقليدي وحتى المطبخ والفنون الأصيلة الخاصة بالمنطقة.

السمراء الساحرة
حين تجوالكم بالمناطق التابعة لزاكورة، سوف تستهويكم بساطة لباس سكانها وحشمتهم نساءا ورجالا.

لحاف أسود يدس جمالا أسمرا وأعينا حادة يزينها كحل المرود، وما بالكم حين ربط الحديث بأهل زاكورة ورؤية بسمتهم الأخاذة وكلامهم الرزين والرصين الحالي حلو العسل.

تستتر النساء في لحاف يسمى “لكناع” وهو من أساسيات مجتمع الواحة المحافظ، ورغم عمل المرأة خارج المنزل ومساعدة الرجل في موسم جني التمور إلا أن لبس “لكناع” يبقى من الضروريات.

وتميز نساء زاكورة بعضهن البعض وانتماءهن المختلف حسب المناطق اعتمادا على “لكناع”، فهناك الأمازيعي “إمسوفا” و”كناع تاكونيت” و”القرطاوي” و”لحاف بني مسيح” و”لبليدة” كل واحد له مميزاته وخائصه وحليه المرافقة له.

أحن إلى خبز أمي
ترك لنا الشاعر الفلسطيني “محمود درويش” أشعارا لطالما تغنينا بها في حياتنا اليومية لصدق صداها، فمن منا لم يحن يوما لخبز أمه ولذة طهيها، وعظمة ما تقدمه لنا أياديها المباركة.

في تصريح لجريدة العمق المغربي، ومن عمق زاكورة أخبرتنا السيدة “زهرة العلاوي” المنحدرة من دائرة “تنزولين”، عن أسرار إعداد خبز الشحمة الزاكوري بامتياز، قائلة: “نقوم بمزج الدقيق والملح ونخمر العجين بخميرة طبيعية تصنع منزليا، بعد ذلك نأخذ شحم الخروف ونقطعه إلى قطع صغيرة مع كمية من البصل والتوابل والفلفل الحار، نقطع كريات العجين بتناسق تام ونحشوها بخليط الشحمة والبصل المتبل ونلم العجين ونتركها ترتاح حتى وقت التبسيط تم نطهوها في الفرن”.

وأضافت السيدة “زهرة العلاوي” لجريدة العمق المغربي، أن خبز الشحمة من أساسيات وجبة الإفطار بمدينة زاكورة رغم أن العديد من نساء اليوم تخلين عن إعداده لأزواجهن، لكنه يبقى حسب تصورها من بين الضروريات الواجب تعلمها، كون خبز الشحمة أكلة تراثية أصيلة.

طاقة للرجل الزاكوري
وتضيف السيدة “زهرة” أن خبز الشحمة كانت تعده النساء منذ القدم لأزواجهن قبل خروجهم لميدان العمل. وفسرت قولها بأن إعداد هذا الخبز لوجبة الإفطار يمد الزوج بالطاقة والقوة طوال اليوم خاصة وأن أغلب الرجال يشتغلون في الواحات والرعي وجني التمور.

ويبقى خبز الشحمة حسب تصورها الأكلة المفضلة لأهل زاكورة الأصليين. وألذها على طول العام تلك التي يتم إعدادها صبيحة عيد الأضحى، لأن شحم خروف العيد يختلف تماما عن الشحم المتواجد في الأسواق.

وقالت “إن ألذ شحم يمكن إعداد خبز الشحمة به، هو شحم أضحية العيد”، إد يتم تجفيفه جيدا وحفظه مع مجموعة من الأعشاب في مكان نظيف، وهكذا يحفظ الشحم جودته وفائدته.

“كما يتم إعطاء خبز الشحمة إلى الرجال ضعيفي البنية، فإذا تناوله الرجل يوميا رفقة شاي الأعشاب، ومشروب “تصبونت” المطهر للجسم من السموم، صح وحسن مظهره”، تقول “زهراء العلاوي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *