وجهة نظر

هل هي برامج أم وعود انتخابية؟

تمر وجوه قياديين امام كاميرات التلفزيون و تردد نفس الكلام بكثير من الثقة و التفاؤل مع إظهار قدرة احزابهم على تغيير حياة المواطنيين. يبتسمون و هم يبشرون من يستمع إليهم أن قضايا الصحة سوف تحل عبر ميزانية كبرى دون ذكر مصادر التمويل. وسوف تتم عمليات إدماج للأساتذة المتعاقدين مع راتب يبدأ بمبلغ 7500 درهم ليزيد بعد ذلك، و كالعادة لا ذكر للموارد التي ستسخرها الميزانية العامة. و تستمر عمليات المزايدة في الوعود التي يمكن تقييمها ماليا برفع كلفة الأجور إلى 300 مليار درهم أي ما يفوق مداخيل الضرائب و الجمارك و المؤسسات و المقاولات العمومية بكثير.و السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أين كان وزراء هؤلاء الأحزاب الذين تناوبوا على الكراسي منذ سنين و لماذا لم يواجهوا بقوة مشاكل التعليم و الصحة و التشغيل و لماذا ظل هاجسهم الحفاظ على التوازنات المالية أمام كل مطلب إجتماعي كمطلب الأساتذة المتعاقدين.!

الغريب أيضا هو تفتق العبقريات التي كانت مودعة في خزائن البنوك في انتظار ساعة الصفر لتظهر إلى الوجود. كل الأسئلة التي تطرح على الزعماء و القياديين في كافة المجالات يتم الجواب عليها باريحية و بكثير من التعاطف مع طارحي الأسئلة من المواطنين أو نشطاء المجتمع المدني. و يصرون على ذكر إسم طارح السؤال و شكره على إثارة موضوعه و الإتفاق معه على أن معاناة حي أو دوار أو فئة إجتماعية حقيقية و يكمن حلها في وضع تشريع أو تخصيص موارد أو تغيير مؤسساتي أو تكثيف المراقبة. و هكذا تستفيد القيادات من زمن تلفزي لقول ما تشاء في شبه غياب لنقاش سياسي مسؤول. و قليلا ما تطرح الأسئلة المزعجة على القاءد المتمكن من كافة المعطيات و صاحب التجارب و الذي يستبق الزمن متصورا نفسة جالسا على كرسي الوزير. بعض الصحافيين ممن يحترمون قدسية المهنة يطرحون قضايا توزيع الثروات و الريع و فضائح التزكيات و “الميركاتو الانتخابي” و المستوى الثقافي و التكويني للمرشحين. كما يطرحون ما ضاع من الزمن السياسي و الهدر التدبيري الحكومي و الامتيازات التي استفادت منها فءات محظوظة في مجالات العقار و الفلاحة و الصيد البحري و المواد البترولية. وضعية كهذه أوصلت البلد إلى مرحلة اصبح معها تغيير النموذج التنموي ضرورة حتمية. كل هذا و القيادات السياسة التي تحملت مهام التدبير العام الحكومي و على صعيد الجماعات الترابية غارقة في بحر التناسي السياساوي الذي أصبح قناعا مفضوحا لدى المواطن العادي.

و ستستمر لعبة التسابق بملعبيها الذي نراه بالعين المجردة و ذلك الذي يدور في نوادي النخبة و كواليسها. تسابق وكلاء اللوائح لتقدييم لواءحم لدى سلطات وزارة الداخلية و الحصول على رقم يمكنهم من ترتيب أول لأسماء و صور مرشحيهم . و إبتسم المرشح الذي كان إلى أمس قريب منتخبا في فريق رئيس الحكومة منوها بحفاوة الإستقبال الذي خصص له من طرف خصم الأمس اللذيذ. و تم ترتيب الأصدقاء و الأبناء و الأهل في مراكز متقدمة في لوائح الريع الانتخابي للنساء و الشباب .

و رغم كل هذا ترتفع أصوات لكي نحارب ضعف المساهمة في الانتخابات . و قد يكون البعض من هذه الأصوات صادق، ولكن غالبيتهم هي التي كانت سببا في اضعاف رغبة المواطنين في المساهمة في الإنتخابات و هناك على الخصوص شعور كبير بغياب المحاسبة التي ركز عليها دستور المملكة و ربطها بالمسؤولية. إضافة إلى أظهر النقاش العمومي المسافات التي تفرق بين الخطاب حول استقطاب الشباب و تغييب بعض تنظيمات الشبيبة عن المشاركة في المساهمة عمليات التزكية. و هو ما ابانت عنه بلاغات الشبيبة الاستقلالية و شبيبة الإشتراكي الموحد و الكثير من الشباب الذين تم تهميشهم لارضاء المحظوظين و فلذات أكبادهم . كل هذا و الاحزاب مقبلة على التوقيع على ميثاق النموذج التنموي الجديد و الذي يضع ممارسة السياسة كركيزة لصنع مغرب الغد الذي يستهدق خلق الطاقات و الثروات. في ظل ما نرى و نسمع لا يمكن إلا التأكيد على أن الوعود الإنتخابية المبالغ فيها لا يمكن وصفها بالبرامج السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *