وجهة نظر

من دروس خطاب ثورة الملك والشعب.. استئصال الشر مدعاة للخير

بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب، أكد جلالة الملك في خطاب وجهه إلى الأمة مساء الجمعة بتاريخ 20 غشت 2021 عن تصوره لواقع المملكة في محيطها الخارجي و واقعها في جانب من محيطها الداخلي، و الذي يمكن اختزالهما معا في الوقوف ضد مصالح المملكة والحيلولة دون نجاحاتها.

«لأننا نؤمن بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية. وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.» فهذا القول السديد للملك، لايمكن تنزيله على مستوى الواقع إلا من خلال نخب حزبية وسياسية مؤطرة تأطيرا سليما يكفل وحدة المؤسسات وتلاحم مكوناتها. فالبرلمان لا يمكن أن يراقب أعمال الحكومة إذا كانت مكوناته تفتقر للتعليم والتكوين الأساسيين، وهي مسؤولية تقع على عاتق الأحزاب التي لم تنتج نخبا مؤهلة للعمل السياسي.

كما أن الحكومة لا يمكنها تنزيل الخطابات الملكية حول مسار التنمية وربط المسؤولية بالمحاسبة ما لم تغير معايير تعيين مسؤولي الإدارات و ما لم تتقص عن خروقات المسؤولين الذين أضروا بالقطاع العام سيما إذا استفحل الأمر وتولت المنابر الإعلامية مهمة فضح هذه الانتهاكات و شكلت محور أسئلة شفوية للوزير أمام البرلمان مثلما هو الشأن بالنسبة للحركة الانتقالية المستحدثة مؤخرا في قطاع الجمارك من طرف مدير ناهز فوق العشر سنوات في منصبه، أو كما هو الشأن بالنسبة لوضعية الأطباء الداخليين، وكذا المظلومية التي لحقت خريجي مسلك الإدارة التربوية ضحايا المرسوم رقم 2.18.294 إلى غير ذلك من أمثلة الإختلالات.

ولأن تلاحم المؤسسات والمجتمع تأكد بالملموس في مواجهة الهجمات المدروسة التي يتعرض لها المغرب، كما يقول جلالة الملك، فإن من شأن الانتهاكات السابقة وضعف التسيير أن ينتقص من الشعور بالانتماء ويفضي إلى الهجرة وفقدان الأطر بالإدارت، مما يستوجب العلاج الذي لا يكون ناجعا إلا باستئصال مصدر الشر الذي أحدثه، وهذا ما تفطنت إليه المملكة الإسبانية عندما أقدمت على إقالة وزيرة الخارجية أرانشا كونزايس لايا، باعتبارها مصدر شر وإزعاج لما تضمره من حقد لا يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

ولئن كان الوضع الداخلي بالمغرب والخارجي في إسبانيا أمرا يسهل التحكم فيه من خلال استبعاد مصدر الشر كله، فإن الأمر في الجزائر لا ينبئ بتحسن مستقبل العلاقات مادام استئصال الشر عسيرا بتواجد عصابة عسكرية حاقدة لا تدخر جهدا في سبيل النيل من المملكة، مثلما سبق أن اتهمت مؤسستنا الأمنية بالتجسس كما فعلت مؤسستي فوربيدن سطوري و أمنيستي أنطيرناسيونال المعروفة بعدائها للمملكة، وذلك بالنظر إلى الإنجازات التي حققتها المؤسسة الأمنية ببلادنا، حيث يقول جلالة الملك: «بل هناك تقارير تجاوزت كل الحدود. فبدل أن تدعو إلى دعم جهود المغرب، في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربية.» وإيمانا من جلالته بقدرة المملكة على تجاوز الصعاب، فقد أكد بالقول: «وهنا نؤكد بأننا سنواصل مسارنا، أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين.»

هذا الحسد، عبرت عنه بعض المنابر الإعلامية الإسبانية مثل إيل دياريو عندما اعتقدت أن مد اليد إلى الجزائر الذي قوبل بالرفض وذهب إلى حد اتهام المملكة بالتسبب في الحرائق من طرف الدولة الجزائرية، كان لحاجة المغرب لهذه الأخيرة، قبل أن يمد يده إلى إسبانيا. والحقيقة أن ما يقلق هؤلاء هو التقدم الذي أبان عنه المغرب والذي أخذ بوادره في الاستقلال والاستغناء عن الدول التقليدية التي لم تستطع تغيير تفكيرها لعدم انسلاخه عن الماضي الإستعماري، كما يظهر ذلك في قول جلالته: «كما أن بعض قياداتها، لم يستوعبوا بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي، ولا تستطيع أن تساير التطورات.» و في هذا يقول الله عز وجل: “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.” صدق الله العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *