وجهة نظر

الفصائل الرياضية وفتح الحدود الجزائرية المغربية

1 – كما كان منتظرا أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب دون مبررات ومسوغات أساسية قطعية الثبوت. صحيح لم يحدث بين البلدين المغاربيين الكبيرين أي تقارب بناء أو تعاون مثمر يصب في مصلحة التنمية والديمقراطية والاستقرار، منذ حصولهما على الاستقلال (ما يناهز 60 سنة)، بسبب المشاكل العالقة و الموروثة عن الاستعمار من قبيل ترسيم الحدود والنأي بالنفس عن التدخل في الشؤون الخاصة للقطر الآخر .. وبالتالي فإن تاريخ المغرب والجزائر هو تاريخ القطائع والصراعات والمناوشات الدبلوماسية أحيانا والعسكرية أحيانا أخرى، لكن القرار الجزائري الأخير بقطع العلاقة نهائيا، وفي هذا السياق الإقليمي والدولي غير المستقر، قد يفضي إلى انتكاسة غير مسبوقة لمنطقة المغرب العربي ككل وعلى جميع الأصعدة.

2 – ومما يثير الانتباه حقا أنه لم يتمكن الخبراء والسياسيون والإعلاميون والأكاديميون .. المشهود لهم برجاحة العقل وغزارة المعرفة والتسلح بالمنهجية العلمية، من التعاطي الموضوعي المسؤول مع هذه “النازلة” بالغة الخطورة ، بل وجدناهم كغيرهم من “بسطاء القوم” يدافعون بحماس وقتالية عن “مبادئ وقرارات الدولة” التي ينتمون إليها ، دون إعمال الذهن لرأب الصدع وتهدئة الخواطر وتقريب الرؤى من أجل “تقليل الخسائر”، ولم لا بناء أرضية توافقية “تجب ما قبلها” وترنو إلى غد أكثر إشراقا وتعاونا وتقدما. هكذا اصطف رجال السياسية والأمن والجيش والإعلام والثقافة وراء نظامهم السياسي ظالما أو مظلوما في صورة مأساوية منتكسة.

3 – وفي الأثناء لم يبق لنا أمل إلا في القوى الشعبية غير المؤدلجة للبلدين الجارين لإنقاذ هذا الوضع الاستثنائي، وتجنيب المنطقة صداما يكون وبالا على الجميع، وأبرز قوة شعبية قادرة على لجم المغامرين بالأمن والاستقرار تتمثل في الفصائل الرياضية ونخص بالذكر فصائل كرة القدم، التي تملأ المدرجات تشجيعا ومساندة، وقد أضحى معلوما لدى الرأي العام أن الشباب الذين تغص بهم جنبات المدرجات بعيدون عن الحياة السياسية الرسمية ، ولا يؤمنون بألاعيبها ومخططاتها ونواياها السيئة، كما أنهم تحولوا من مجرد مشجعين يهتفون بحياة نواديهم المفضلة إلى فاعلين “سياسيين” يحملون لافتات التنديد بالفساد والظلم، و يصدحون بأغاني وأهازيج تنتقد بشراسة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية .. وتطالب باستماتة وبأعلى صوتها بالحرية والعدالة والكرامة ووحدة الشعوب، ومحو الحدود الوهمية ، يبدو أن فصائل النوادي الكروية المغربية والجزائرية مستعدة كل الاستعداد لملء فراغ السياسيين وأصحاب القرار لإعادة الأمور إلى نصابها، وتجسيد تطلعات المواطنين منذ عقود إلى التآزر والأخوة والتعاون المشترك ..”وما ذلك على الله بعزيز”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *