وجهة نظر

قد “يجيبك البحر” ولن تجيبك مرافقنا الإدارية !

كاتب رأي

معضلة يكتوي بها المواطن

في زمن السيرنبتيك وتكنولوجيا الاتصال والأقمار ، يلاحظ وبحرقة شديدة أن العداوة والبغضاء ما زالت مستشرية بين المرافق الإدارية والمواطن المغربي ، كلما دعته ضرورة البث في ملف إداري أو مجرد الحصول على توضيحات بشأنه ؛ يركبه القلق ، وأحيانا الذعر ، وهو يقصد إدارة أو مرفقا لها ، بإحساس كمن سيتوجه إلى خوض حرب لا يعلم بمصير أوراقها ووثائقها ، أما إذا حاول جاهدا سلوك خط حضاري معاصر وعمد إلى الاتصال بهذا المرفق الإداري أو ذاك ؛ مستفسرا أو مستوضحا، فسيجد نفسه حتما أمام معضلة حقيقية ؛ لا من يجيب.. حتى ولو ظل يهاتف طوال يومه ، آنذاك سيتملكه شعور غريب ويتبادر إلى ذهنه أنه فعلا “مواطن مغترب في بلده” ، أو مهاجر تقطعت به السبل ، لا يُلتفت إليه إلا في زمن الانتخابات ، “وجواز التلقيح” !

والحال أن الخطاب الرسمي؛ دوما يتبجح بأن إدارتنا تساير زمن الرقمنة وتعمل على”تقريب” الإدارة من المواطن .. وأن المغرب قطع أشواطا بعيدة في الاشتغال بنظام”اللاتمركز” لكن التقارير والإحصائيات الدولية تشير؛ بما لا يدع للشك مجالا ؛ أن الإدارة المغربية تحتل على المستوى الدولي رتبا متدنية ؛ جوار دول الساحل الإفريقي أو بعض الدول الآسيوية التي ما زالت الإدارة البيروقراطية تعيش في أوصالها .

تمويه المواطن المغربي

يلاحظ ؛ من خلال المرافق الإلكترونية ؛ أن كل قطاع وزاري مستقل بمجموعة من آليات التواصل، مفتوحة في وجه كل مواطن مرتفق ؛ سواء داخل أقسامه أو مصالحه الخارجية ، على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم ، أو على مستوى الجماعات الترابية ، إما في شكل أرقام هواتف أو مواقع إلكترونية، لكن ما إن تشرع في تعبئة هذه الأخيرة وتصل إلى المرحلة الأخيرة تفاجأ بإشعار”وهمي” بأن خطأ ما في المعلومات .. تعيد ثم تعيد الكرة تلو أخرى دون جدوى ! أما إذا حررت رسالة إلكترونية وبعثت بها إلى المصالح المعنية ، فكأنك ألقيت بها إلى المجهول، حيث لا حياة لمن تنادي! وهو نفس المصير لمن حاول الاتصال عبر الهاتف، فقد يجيبك البحر ولن تجيبك مرافقنا الإدارية .

“كورونا” أسكنت الإدارة في برج عاج

حالياً؛ وفي جميع المرافق الإدارية بدون استثناء؛ إذا أراد المواطن المرتفق الولوج إلى مصلحة إدارية ، فعليه أولاً التحلي بصبر أيوب والانتظار ثانياً ، فقد يفقد أعصابه وفي بعض الأحيان عليه الحصول على”موعد” ، قد يطول تبعا للمصلحة الإدارية، وإذا تجرأ وسأل أحدهم عن السبب وراء هذا “التجرجير” تلقى جوابا بسيطا “إنها كورونا” ، وكأن هذا الفيروس حجب عنا الضوء والهواء داخل دهاليز إدارتنا المظلمة ، وقد وجدها معظم “الإداريين” والموظفين والأعوان فرصة ذهبية للتقاعس عن العمل وصرف أوقاتهم في مغازلة رفيق دربهم”البورطابل” ، والأمرّ من هذا ، أن جل هؤلاء القاعدين خلف الزجاجات يمارس التضليل والتمويه في حق المواطن المرتفق ، فبدلا من البحث في وثائقه وعلاجها ، ينتقل توا إلى”فليها” وتصيد أخطائها ؛ حتى ولو كانت نقطة حرف هجائي !

اقتراح خوصصة الإدارة

في ظل هذا الجمود والتماطل الإداريين و”جرجرة” المواطن من مرفق إلى آخر ، وكذا الصدود الذي يواجهه ، سواء خلال محاولة الاتصالات الهاتفية أو المراسلات الكتابية والالكترونية، وفي سبيل الحد من هذا الاستهتار بمصالح المواطنين عند ولوجهم مرفقا إداريا ما ، أصبح من الضرورة بمكان وأكثر من أي وقت مضى العمل على خوصصة الإدارة المغربية وسن قواعد وإجراءات جديدة أمام كل موظف إداري عمومي الالتزام بها وضمها إلى معايير سلالم ترقيته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *