وجهة نظر

هل سوف يطبق حمدوك ماوقع عليه؟

حديث بلا قيود

عندما انطلقت صفارة تشكيل الحكومة الانتقالية السودانية الاولي بعد توقيع الوثيقة الدستورية، كان الخطاب الموحد لبعض القوى السياسية أن لا خيار سوى تشكيل حكومة كفاءات لإنقاذ الوطن من محنته الاقتصادية والاجتماعــية ومن العطالة وكذا مـن تفشـي المحسوبيـــة والزبـونيــة والفســاد..

ولكن ما أن تكونت الحكومة، حتى فتح الكثير منا عيونه على حقيقة الوهم الذي عشناه تحت ستار الدعاية والأقاويل الزائفة.. ليصدق الذين لم يكونوا يصدقون أن النظام السياسي في البلد يتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء وأضحى اليوم بأمس الحاجة إلى خلخلـة وهـزة من الأعماق تعيد بناءه من جديد، وأن البعض من الذين قفزوا فوق قطار السلطة والمسؤولية غير قادرين على تحقيق ما وعدوا به بل وغير قادرين على ملاحقة تطورات العصر الحديث..

ومن دواعي الأسف الشديد أن أساليب الممارسة السياسية عند بعض القادة السياسيين في بلدنا أفسدت قطاعات واسعة عن طريق تغليب قيم التبعية، والانصياع لمنطق السلطة والمال، ولكنها بالمقابل نجحت في كشف زيف بعض القوى السياسية التي تباهت بالمناصب والمسؤولية، ورفعت لواء الكفاءات، و>صدّعت< رؤوسنا بحديث عن المهنية.. لكنها أمام تقاسم السلطة آثرت أن تنضم إلى عالم المحسوبية السياسية، مما أفقد الكثير من السياسيين بريقهم، لأن الناس اكتشفوا زيف الشعارات الكاذبة والوعود الخادعة، فليس لديهم شيء يقدمونه لحل المشكلات، ولا لمواجهة الأزمات غير المتاجرة بالشعارات.

والآن وبعد أن تعرفنا على بعض أسماء وزراء الحكومة الانتقالية السودانية السابقة هل نصدق أن وزراءنا بوضعهم الحالي يفتحون أبوابهم للكفاءات والخبرات وأنهم مشغولون أصلا ببناء دولة المؤسسات…؟

هل هذا ما كنا نتوقعه عندما كنا نحلم بحكومة سودانية بعد ثورة دجنبر العظيمة فاعلة وجدية وقريبة من المواطن…؟ هل هؤلاء هم الذين كنا نتأمل وصولهم…؟

أعلم أنه من قبيل التكرار السمج أن نذكر بأن وزراء في ديمقراطيات محترمة مثل اليابان مثلا يقدمون على الاستقالة إذا وقعت في دائرة اختصاصهم حوادث أقل مما يحدث عندنا بكثير، وأن حكومات بكاملها تسقط وترحل عند حادث صغير.. وأعرف جيدا أننا لسنا اليابان ولا نفكر قطعا في أن نكون مثلها يوماً من الأيام، لكنني أعرف وأدرك أيضا أنه لا توجد حكومة في العالم تدلل الفساد والفشل

وتحنو عليها مثل حكومتنا المتشبثة بشعار «المنصب على حساب دم الشهداء.. «

كلنا امل بعد عودة الدكتور عبد الله حمدوك بتشكيل حكومة كفاءات وعدم تكرار نفس سيناريو الحكومة السابقة وعدم تكرار الوجوه استقطاب المغتربين من الخبراء من شباب وشابات وخبراء اقتصادين وقانونين وإصلاح وزارة الخارجية وتعيين سفراء من كفاءات واحداث هيئة خاصة بالشباب.

إذا حاولت الحكومة الاهتمام بجدية وإيجابية الى الشعب والشارع   وحاولت تحقيق جزء مما ينتظره السودانين لإصلاح أوضاعهم فإنها ستسترجع شيئا فشيئا جزءا من ثقة الشعب، وإن لا فإنها عبثا تحاول.

أقول قولي هذا بدليل أن بعض الأحزاب في البلد نراهم غير عابئين بمشاكل المواطن، ولا غاية لهم إلا تحقيق مصالحهم وأهدافهم في نيل الكراسي والتربع على سدة النفوذ والسلطة.

ومن هنا، فإن إنقاذ البلد من أزمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية واتخاذ مثل هذه الإجراءات يحتاج من رئيس الوزراء الجرأة والاستقلالية والنأي بنفسه عن كل الألوان السياسية حتى لا يكون مكبلا ويطبق القانون ويتخذ القرارات التي تهم مصلحة البلاد والعباد بعيدا عن الدوائر الحزبية الضيقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *