مجتمع

شبكة حماية المال تضع خروقات شركة “ألزا” فوق طاولة رئاسة النيابة العامة

حافلات ألزا الجديدة بالبيضاء

طالبت الشبكة المغربية لحماية المال العام  الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، حسن الداكي، رئيسا للنيابة العامة بفتح تحقيق مع شركة ألزا المكلفة بالتدبير المفوض للنقل العمومي.

وأوضحت الشبكة في الشكاية التي وجهتها إلى رئاسة النيابة العامة، أنه سبق لها، بتاريخ يوليوز 2015 أن عقدت ندوة صحفية لتقديم تقرير حول “واقع اختلالات التدبير المفوض في قطاعي النظافة والنقل ” بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2013، وجعلت من جهة الرباط – سلا نموذجا دون أن يلاحظ أي تحرك من طرف المتدخلين الرئيسيين خاصة المنتخبين باعتبارهم الطرف المفوض ووزارة الداخلية باعتبارها سلطة الرقابة الإدارية.

وزادت الشكاية أنها استكمالا لمتابعة هذا الملف من طرف الشبكة المغربية لحماية المال العام ومع انطلاق عمل مكاتب المجالس الجماعية الجديدة بعد انتخابات 8 شتنبر والمأمول منها العمل على تقويم وتجويد كافة الخدمات المقدمة للمواطنين والمواطنات، فقد قامت الشبكة بدراسة لتقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2016/2017 في الشق المتعلق بالتدبير المفوض للنقل الحضري الذي أنجزه المجلس الجهوي للحسابات بجهة سوس – ماسة والمتعلق بتدبير النقل العمومي لشركة ألزا بمدينة أكادير، وهي الشركة نفسها التي ستفوز بتدبير النقل المفوض لمدينة الدار البيضاء أواخر سنة 2019 رغم الملاحظات التي سجلتها الأجهزة الرقابية للمجلس الأعلى.

 المجلس الأعلى واختلالات شركة “ألزا”

أشارت الشكاية إلى أن شركة النقل الحضري ألزا قد دخلت إلى المغرب سنة 1999 بعد توقيعها عقد التدبير المفوض بمدينة مراكش وذلك في سعي من المدينة إلى تحسين الولوج إلى خدمات النقل الحضري لفائدة ساكنة المدينة، وبعد مراكش امتد نشاط مجموعة ألزا إلى مدينة أكادير سنة 2010 ثم مدينة طنجة سنة 2014 وخريبكة في سنة 2015 وفي مدينة الرباط سنة 2019.

حصري .. العمق تكشف تفاصيل دفتر تحملات على مقاس “ألزا” بالدار البيضاء

وبعد استفادتها من عقود التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بالمدن المغربية التي سبقت الإشارة إليها، وبالرغم من جميع الاختلالات المالية “الخطيرة” الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات والتي قامت بها، فقد تمكنت من توقيع لعقد التدبير لشبكة النقل الحضري مع مؤسسات التعاون بين الجماعات البيضاء سنة 2019، بشروط جرى فيها انتهاك للمال العام، كما سيأتي بيانه في هذه الشكاية بالأرقام.

وأورد التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، أن شركة النقل الحضري ألزا بأكادير قد سبق لها وأن تعهدت وفقا للاتفاق المبرم مع السلطات المفوضة بأن تعمل على تجديد أسطولها مع متم شهر شتنبر من سنة 2020 إلا أن ذلك لم يتم بعدما تراجعت الشركة عن تنفيذ هذا التعهد بالرغم من أنها تلقت دعما وصل الى  165 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 وسنة 2018 .

كما أن استثمارها في تجديد الأسطول لم يتجاوز 55 بالمائة أي 254 مليون درهم بدل 456 مليون درهم التي تعهدت بها الشركة خلال العشر سنوات من الاستغلال.

وفي مقابل ذلك استمرت شركة النقل الحضري ألزا بأكادير في الحصول على دعم مالي حدد في 108 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 وسنة 2016 إضافة إلى مبلغ 57 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين 2016 وسنة 2018 . حيث أن 68,4 مليون درهم من أصل 108 مليون درهم تم توجيهها لاقتناء 45 حافلة أي ما لا يتجاوز ثلث الأسطول بما يعادل 43 بالمائة من قيمة الاستثمار المنجز على أرض الواقع، فيما تم توجيه مبلغ 40 مليون درهم من أجل التوازنات المالية للشركة.

كما أن وزارة الداخلية دأبت على دعم بطائق ركوب الطلبة لدى جميع الشركات العاملة في النقل الحضري في المغرب بمبلغ 130 درهم للبطاقة الواحدة ، وبعد أن قلصت الداخلية مبلغ هذا الدعم إلى 100 درهم فقط خلال الثلاث سنوات الأخيرة، الأمر الذي تقبله جميع الفاعلين إلا شركة ألزا، التي سلكت جميع السبل من أجل تلقي دعم تكميلي، حيث قامت ألزا بتقديم طلب إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات بأكادير الكبير من أجل تغطية هذا الفرق الحاصل عن تقليص الداخلية للمبالغ الموجهة لدعم بطائق الطلبة. وتمت المصادقة في عدد من الدورات العادية لهذه الجماعات من أجل تحويل مبالغ مالية كبيرة من المال العام إلى حساب الشركة.

وبالعودة إلى التقرير الصادر بتاريخ 01 أبريل 2020 بشأن التحكم في ملف منحة FART للعام الدراسي 2018/2019، لاحظت المصلحة الدائمة للمراقبة بوجود تناقضات بين البيانات التي أرسلتها شركة النقل ألزا من حيث العدد المعلن للبطاقات المباعة التي تعطي الاستحقاق للإستفادة من الدعم وبين العدد الفعلي للمخزون بعد الجرد المادي ، حيث إن العدد المعلن هو 42 ألف والعدد الفعلي هو 37175، وهو ما يعني أن البيانات خاطئة من حيث مبالغ مبيعات البطاقات وزيادة المبيعات وبيانات الاستغلال مقابل البيانات من قسم المحاسبة والمالية والتي تمثل مبلغ 254.550.00 درهم بما في ذلك الضرائب.

ومن أجل تدارك الملاحظة التي سبق لقضاة المجلس الأعلى للحسابات أن نبهوا إليها بخصوص غياب أي آلية لمراقبة مدى التزام الشركة بمقتضيات دفتر التحملات فقد لجأت مؤسسة التعاون بين الجماعات إلى خلق المصلحة الدائمة للمراقبة تضم أربعة أجراء تتكلف شركة ألزا بأجورهم مما يتنافى مع صلب مهامهم المتمثلة في تتبع ومراقبة تنفيذ عقد التدبير المفوض ومدى احترام المفوض له لالتزاماته، مما قد يطعن في الحياد والموضوعية المطلوبين في هذا الشأن، وبالتالي قد يحد من نطاق وأهمية المراقبة التي تقوم بها السلطات المفوضة.

وفي مقابل ذلك نجد أن السلطات المفوضة على مستوى مدينة أكادير، قد منحت لشركة ألزا الفرصة من أجل أن تختار بنفسها، مكتب الدراسات الذي سينجز الإفتحاص المالي والإداري للشركة، وهي المفارقة الغريبة التي يجب أن نسجلها هنا، لأن ألزا تحولت إلى “متهم وحكم” في نفس الوقت، الأمر الذي يعتبر خرقا سافرا لمنطق الرقابة الذي يجب أن تقوم بها السلطات المفوضة على مستوى مدينة أكادير.

سوابق قضائية

سبق لشركة  ” Europa Bus GAB” الفاعل السابق في مجال النقل الحضري بأكادير، في السادس عشر من يوليوز من سنة 2009 ،  أن رفعت دعوى قضائية على اعتبار أن إجراءات منح العقد لشركة ألزا باطلة بسبب عدم احترام بعض الإجراءات الشكلية.

خاص.. أخطبوط “ألزا” يتمدد ويحكم قبضته على صفقات النقل الحضري رغم كل الخروقات (4)

وقضت المحكمة الإدارية بأكادير لفائدة المشتكي وأيدت الحجج التي أدلى بها والمتمثلة في عدم تحديد مدة العقد الممنوح لشركة Alsa والتي بقيت غير محدودة في دفتر التحملات وهو ما يخالف القانون رقم 54-05 المتعلق بالصفقات العمومية،  و الذي ينص على أن أي عقد يجب أن يكون محدودا في الوقت، وخاصة الخدمات المفوضة. كما لم يتم إشراك الجماعات الترابية صاحبة الاختصاص في إدارة مرفق النقل الحضري حيث باشرت ولاية جهة سوس ماسة إجراءات الصفقة. بالإضافة إلى عدم أداء ضمان بنكي قدره 20 مليون درهم كما هو محدد في دفتر التحملات الخاص بالصفقة”. ثم فرض شروط تعجيزية على الشركات المغربية التي شاركت في الصفقة.  وفي 13 أكتوبر من سنة 2009 أيدت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير، الذي أقر بوجود خرق لمقتضيات قانون الصفقات العمومية المغربي.

وخلافا للأحكام القضائية الصادرة بشأن الخروقات التي شابت إجراء هذه الصفقة، ستعقد الجماعة الترابية لأكادير دورات استثنائية للتداول في موضوع النقل الحضري حيث تم إدخال بعض التعديلات على دفتر التحملات، وذلك في فبراير من سنة 2010 ليتم بعدها توقيع عقد التفويض بين مؤسسة التعاون بين الجماعات التي تشكل أكادير الكبير وشركة ألزا للنقل الحضري.

 ألزا الدار البيضاء    

أوردت شكاية الشبكة أن الصفقة الأخيرة التي عقدتها الشركة ذاتها مع مؤسسة التعاون بين الجماعات على مستوى البيضاء تشير إلى العديد من الملاحظات التي تمس بشكل مباشر المال العام على حساب جودة الخدمات المقدمة للمواطنين المغاربة القاطنين بمختلف الجماعات الترابية التي تصل إليها خطوط الشركة.

فالملاحظة الأولى التي جرى تسجيلها في هذه الصفقة هي أنه ولأول مرة في تاريخ التدبير المفوض بالمغرب وخاصة في قطاع النقل الحضري، تقوم المدينة بدفع أزيد من نصف الاستثمارات المقررة واللازمة لقيام هذه الخدمة بمدينة الدار البيضاء والجماعات المحيطة بها.

والمعلوم أن الجماعات الترابية هي التي تتحمل هذه الاستثمارات وجرى تمويلها بالتالي من المال العام فإن هذا الإجراء يشكل انتهاكا صارخا لمقتضيات  القانون 54-05 المتعلق بالتدبير المفوض للخدمات العامة والذي ينص في المادة 24 على أن “المفوض يدير تفويض الخدمة على مسؤوليته الخاصة مع بذل الجهد الواجب”.

وزادت الشكاية، أن عقد التفويض الذي تم توقيعه بين شركة النقل ألزا مع مؤسسة التعاون بين الجماعات كشف أن هذه الأخيرة قد مررت جميع المطالب والشروط التي تقدمت بها، ومنها المطالبة بمراجعة ضريبية من أجل تفادي جزاءات التأخير، وكذا التصريحات الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة التي لم تصرح بها منذ نونبر 2019، الشيء الذي سبق للشركة وصرحت به مثيرة الانتباه إلى ارتفاع قيمة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة عليها.

حصري.. “ألزا” تفرض “شروط الخزيرات” و41 مليار لتوفير خدمة النقل الحضري بالبيضاء

ومكنت الجماعة الترابية للدار البيضاء الشركة الإسبانية من أسطول من الحافلات الذي كان بحوزة الفاعل السابق “ميدينا بيس” كما مولت مؤسسة التعاون بين الجماعات من أموال دافعي الضرائب تمويل 100 بالمائة لأسطول الحافلات المستعملة التي انطلقت بها شركة ألزا بمبلغ 140 مليون درهم، كما انها ستتوصل ب60 مليون إضافية لنفس الغرض. لشراء 400 حافلة مستعملة بثمن معلن عنه حدد في  300.000 مليون درهم، غير أن ثمنها الحقيقي لا يتجاوز 150.000 مليون درهم وفق الموقع المتخصصة في بيع مثل هذه الحافلات.

وهكذا تكون مدينة الدار البيضاء، قد اقتنت هذه الحافلات بأزيد من 400 بالمائة من قيمتها الحقيقة في الاسواق العالمية. وستمول مؤسسة التعاون بين الجماعات أكثر من نصف المبلغ المالي المخصص للأسطول الجديد لشركة ألزا البالغ 350 حافلة.

مخالفة القانون

أكدت الشبكة في شكايتها، أنه وبناء على هذه المعطيات فإن شركة ألزا أضحت بعيدة كل البعد عن المقتضيات الواردة في المادة 24 من القانون 54-05 المتعلق بالتدبير المفوض الذي ينص على أن الفاعل المفوض له يجب أن يتحمل جميع الأخطار المتعلقة بالمرفق وبأن يقدم هذه الخدمة على أحسن الوجوه، وللتذكير فإن صاحب الامتياز يكون دائما ملزما بتحمل جميع تكاليف الخدمة المفوضة له بما في ذلك جميع التجهيزات التي من الضروري توفيرها والمنشئات المتعلقة بقيام الخدمة المفوضة له.

وأضافت أنه بالرغم من استمرار شركة النقل ألزا في التحايل على السلطات المغربية من أجل زيادة أرباحها على حساب المال العام، فإنها تحصد امتيازات جديدة في عدد من المدن المغربية بما فيها الدار البيضاء والرباط ومراكش وكذا أكادير و طنجة، في خرق سافر للقانون منذ أزيد من 22 سنة. وانطلاقا من كل ذلك، التمست الشبكة من رئاسة النيابة العامة فتح تحقيق قضائي في الخروقات الواردة في تقارير المجلس الأعلى للحسابات الخاص بهذا الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *