وجهة نظر

قراءة في العمل الحزبي المغربي

الدولة و أدلوجتها الحالية في حالة طفرة انتقالية كبرى من الدولة الاستهلاكية إلى دولة الخدمات.

هذا التحول ينبغي أن تسايره طفرة أخرى على مستوى المؤسسات الحزبية وعلى صعيد أطرها وقياداتها وطرق تدبيرهم بحيث يجب أن تعمل كمشتل لاقتناء فرص التطوير وتأهيل الكفاءات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى علينا الحذر من الاستعمال التبخيسي لكلمة “كفاءة” التي تسير حاليا في طريق الإفراغ من كل حمولة حقيقية.

الكل في إطار محاولة ضرب الشخص عديم الكفاءة للشخص الكفؤ الحقيقي ينعث بهذه الصفة التي لا تطلق عادة إلا على المجرب والخبير الذي احتك بمختلف الاشكاليات وعمل على الإتيان بحلول لها. في المجال السياسي الذي يعج بأساليب المحاباة و الانتهازية – و يجب الاعتراف بذلك دون مركب نقص- تجد الكل ينعت بالكفاءة و بالرئاسة و التطبيل الفارغ من كل ما يؤسس لتلك الصفة.

الاحزاب ضرورية للدولة و تقويتها مسألة ذات أهمية. أتحدث هنا عن تقوية الدولة للاحزاب بالمراقبة و الدعم المؤسساتي و توفير مناخ ديمقراطي للعمل. و لكن ما يهمني كفاعل سياسي و ممثل لحزب مشارك في التشريع العام و التدبير المحلي أسعى للاسهام بكل صدق و مسؤولية في تقوية طرق عملنا الحزبي و تأهيل من سيمثل ساكنتنا أحسن تمثيل بعيدا عن وضع وسائط بين الحزب و المواطنات و المواطنين.

يعلم الجميع ذلك و لكن قليلون من يتحدثون عنه و إن فعلوا يفعلون ذلك خفية. العمل الصادق و الحقيقي لا يحتاج منا لأن نخفيه و لو لم يعجب داعمي السلوكيات السلبية التي تنمو كالفطر معتقدين أنها حتمية و طريقة عملنا المفضلة كسياسيين مغاربة. المواطنات و المواطنين اليوم يعلمون الصغيرة و الكبيرة و يوهموننا كسياسيين أنهم اقتنعوا بنا و بجدوى ما نقوم به و في الحقيقة يمارسون تمويها عميقا يبعدنا عن طريق اصلاح أحزابنا بشكل سليم دون أن ننسى ان منا من يناسبه الصيد في الماء العكر و الضبابية في كل شيء فهي انسب سيناريو للوبيات المصالح الخاصة.

نعلم أيضا أن عديم الكفاءة و قصير الرؤية لا يمكن أن يشجع الكفاءات و الشباب لأنه بمعادلة حسابية بسيطة منشأها ثقافي محض من قبيل ” غرس صاحبك يقلعك”، “شكون عدوك خوك في الحرفة” و أمثلة كثيرة من المخيال الاجتماعي للأشخاص، ينتابه هلع من كل من يتحدث بأسلوب مختلف و اهداف تنموية واضحة و وضوح لافت و تتكون لديه قناعة أن وجوده و استمراريته مرتبطة بإزاحة و تهميش الكفاءات. و هنا مربط فرس هدرنا المتوالي للكفاءات و للزمن التنموي بتعاقب الحكومات.

على سياسيي اليوم أن يجيدوا تدبير الموارد البشرية و العمل في فريق و تداول القيادة و أنه لا يمكن انجاح مؤسستنا الحزبية دون إنجاح الجميع للجميع و سنضطر في كل مرة إلى اللجوء لسياسات تدبير الأزمات و تدبير اللامتوقع.

بناء الحزب و الأحزاب بصفة عامة ينبني على دعامات أساسية هي:

* ادراك أن القطع مع الفساد ليس قطع على المستوى الماكرو و إنما على مستوى الميكرو أي في كل تعاملات الحزب القريبة للمواطنين و هكذا ستتم إعادة ثقتم في المؤسسات.

* التنمية و تدبير المشاريع التنموية المندمجة يجب تنزيلها من ذوي الاختصاص و الابتعاد عن الارتجال و الهواية. التنمية تخصص و ليس خطابات و شعارات موسمية أو تلميع صور إعلامي.

* التواصل المؤسساتي مع المواطنات و المواطنين و الاشراك الحقيقي لهم و لمختلف فعاليات المجتمع المدني الحقيقي المتخصص و ليس وليد الحملات الانتخابية دون انتقاء أو إقصاء.

* الحزب فاعل و الفاعل له مسؤولية الفعل. من هنا ضرورة تقييم أعمال الحزب و قياس اثره الحقيقي من الداخل اولا دون حواجز و دون مركبات للنقص و حجازات.

* القيادات الحزبية الممارسة لمسؤوليات التدبير بمواقعها و بصفاتها واجب احترامها على ما تقوم به من ادوار و لكن بمجرد اجتماعها داخليا بأعضاء و عضوات حزبها تنتفي عليها رتبها و مواقعها في تدبير الدولة لتعم الموضوعية و النقد البناء و اعطاء المثال للقادم من الملتحقين و الملتحقات و الشباب حديثي العهد بالسياسة.

* التكوين و دعم القدرات أساس تأهيل القيادات الحزبية و السياسية. هذا التأهيل يجب أن يكون حقيقيا و ليس تبريريا همه الأساسي التوقيع على لوائح الحضور بخبراء لا يخبرون شيئا في مجالاتهم.

*أخيرا، علينا ألا ننسى أننا خدام الدولة و أننا ممثلي المواطنات و المواطنين و أن هؤلاء هم من جاء بنا للتدبير و المسؤولية في ضوء القانون.

وفقنا الله لما فيه خيرنا و خير وطننا الحبيب.

الدكتور إسماعيل شعوف/ عضو المجلس الوطني لحزب الاصالة والمعاصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *