خارج الحدود

الإسلاموفوبيا في كندا.. بفأس ورذاذ حارق يهاجم رجل مصلين في صلاة الفجر

كندا من الدول الأوروبية التي تفشت فيها تهديدات الإسلاموفوبيا لتتخذ أشكالا إرهابية خطيرة، سواء الموجهة مباشرة ضد أفراد وأسر الجالية المسلمة أو ضد أماكن العبادة والرموز الدينية.

ويأتي الهجوم الجديد على المصلين في صلاة الفجر بمسجد أمس السبت بعد الفاجعة الخطيرة التي شهدتها البلاد السنة الماضية، وبعد احتجاجات واسعة للجالية المسلمة ضد القانون 21 الخاص بمقاطعة كيبيك، والذي ينص على حظر الرموز الدينية، بما فيها الحجاب.

الهجوم على مصلين بفأس ورشاش رذاذ حارق

وحسب الجزيرة نت، هاجم رجل مسلح بفأس وعبوة رذاذ حارق مصلين في مسجد بإحدى ضواحي تورنتو السبت، ولقي الهجوم -الذي لم يخلف ضحايا- إدانة “شديدة” من رئيس الوزراء جاستن ترودو.

ونقلت وكالة الأناضول عن إمام المسجد إبراهيم هندي أن المصلّين سمعوا ضجيجا لرجل عند قيامه برش رذاذ الفلفل فوقهم أثناء صلاة الفجر، مضيفا أن المصلين استداروا ورأوا أنه يحمل فأسا بيده، وسرعان ما تغلبوا عليه، وطرحوه أرضا، قبل أن تأتي الشرطة لاعتقاله.

وقالت الشرطة المحلية -في بيان- إن الرجل (24 عاما) الذي تم اعتقاله دخل المسجد في مدينة ميسيساغا في أونتاريو (شرقي كندا) رشّ المصلين بالرذاذ الحارق قبل أن يسيطروا عليه.

وأوضحت أن مصلين أصيبوا بجروح طفيفة من الرذاذ الحارق المخصص لصد هجمات الدببة، وقدرت الشرطة أن الهجوم “تصرف فردي”، مشيرة في الآن ذاته إلى أنه يمكن أن يكون “عملا معاديا للإسلام”.

وندد رئيس الوزراء الكندي -عبر تويتر- بالهجوم “المقلق للغاية”، وقال “أدين بشدة هذا العنف الذي لا مكان له في كندا”، مشيدا “بشجاعة” من كانوا في المسجد

كما شجب العديد من السياسيين -وبينهم رئيس بلدية تورنتو ورئيس وزراء المقاطعة- الهجوم على مكان للعبادة.

بعد فاجعة دهس أسرة مسلمة

عرف شهر يونيو من السنة الماضية تحركات واسعة للمسلمين ضد تفاقم الاسلاموفوبيا. وعرفت جميع أنحاء كندا، حسب الجزيرة نت، وقفات للمطالبة باتخاذ إجراءات عملية تحد من جرائم الكراهية ضد المسلمين، حيث تجمع الآلاف في عدة مدن للتنديد بظاهرة الإسلاموفوبيا، وذلك بعد جريمة دهس عائلة مسلمة في السادس يونيو بمدينة لندن في أونتاريو.

وكان شاب متطرف قد دهس بشاحنته عائلة مسلمة، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة طفل خامس بجراح، حيث شهدت مدينة لندن بعد الجريمة مسيرة حاشدة لمسافة 7 كيلومترات للتنديد بالجريمة، كما أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو أن “هذه المجزرة لم تكن حادثا، بل هجوم إرهابي دافعه الكراهية”.

وجاء الجالية المسلمة ضد جرائم الاسلاموفوبيا بمبادرة دعت إليها الجمعية الإسلامية الكندية (MAC)، بالتعاون مع أكثر من 100 مؤسسة إسلامية ومن منظمات المجتمع المدني، وتم تنفيذه في 11 مدينة، ومنها أوتاوا ومونتريال وتورونتو وفانكوفر، وكذلك كالغاري وإدمنتون وكتشنر، إضافة إلى لندن- أونتاريو التي شهدت الجريمة.

وقالت الجمعية حينها إن هذه الآلاف تتوقع من الحكومة ومن الهيئات المنتخبة والتشريعية القيام بخطوات جدية وملموسة لمحاربة الإسلاموفوبيا وما تسببه من حقد وكراهية، والتعامل مع المشكلة من جذورها، وهذا يشمل سن القوانين وتخصيص الميزانيات والتمويل وتغيير السياسات، حسب وصفها.

واعتبرت الجمعية أن الفعاليات تطالب برفض القانون 21 الخاص بمقاطعة كيبيك، والذي ينص على حظر الرموز الدينية، بما فيها الحجاب، كما تطالب بتوفير الحماية الكافية لتجمعات المسلمين ومراكزهم ومساجدهم، والتصدي لأفكار اليمين المتطرف.

ظاهرة متنامية

سجلت جرائم الاسلاموفوبيا في كندا تناميا مطردا خلال السنوات الأخيرة، فحسب “عربي بوست”:

في 29 يناير/كانون الثاني 2017، مساء يوم الأحد بالتحديد، قُتل 6 رجال مسلمين في المركز الثقافي الإسلامي بمدينة كيبيك، لتترمل نساؤهم ويتركوا خلفهم 17 طفلاً يتيماً.

وخلال نفس السنة 2017 سجلت كندا 349 حادثة جريمة كراهية أبلغت عنها الشرطة ضد المسلمين في كندا.

ويمثل ذلك قفزة بنسبة 151 نقطة مئوية عن العام السابق 2016، الذي شهد 139 حادثا من هذا القبيل.

وحسب ما نشرت صحف كندية محلية، فإن الأرقام الأولية لعام 2018 سجلت حدوث 173 جريمة كراهية من هذا القبيل.

وفي عام 2020، قُتل عامل صيانة المسجد محمد أسلم زفيس، البالغ من العمر 58 عاماً، طعناً أثناء جلوسه خارج مسجد بمدينة إيتوبيكوك جنوب تورنتو، بينما كان يراقب عدد الأشخاص الذين دخلوا من أجل الامتثال للوائح الصحية العامة لمكافحة فيروس كورونا.

كان المهاجم المدعو جيلهيرم فون نيوتيجيم البالغ من العمر 34 عاماً، من المتعاطفين مع النازيين الجدد وله علاقات بعدد من الجماعات اليمينية المتطرفة.

أما مدينة لندن نفسها، والتي شهدت حادثة قتل العائلة المسلمة، سجلت الشرطة عام 2016 إصابة طالب إيراني في جامعة ويسترن بارتجاج في المخ بعد تعرضه للضرب ووصفه بـ”العربي”، رغم أنه إيراني.

وصفت السلطات وقتها الاعتداء بأنه جريمة كراهية، وقال رئيس بلدية لندن إن “الإسلاموفوبيا لا مكان لها في كندا”.

ورغم أن هذه الأرقام ليست بالقليلة، إلا أنها لا تروي القصة كاملة، إذ تشير هيئة الإحصاء الكندية نفسها إلى أن غالبية جرائم الكراهية في كندا، حوالي الثلثين، لا يتم الإبلاغ عنها.

وتم تصوير المسلمين على أنهم “أعداء الداخل” الذين يهددون استقرار الأمة، ووفقاً لاستطلاع راديو كندا عام 2017 عندما كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض وبعدما فرض حظراً على دول إسلامية، أبدى معظم الكنديين (74%) رغبتهم في اختبار القيم الكندية للمهاجرين المسلمين، بينما فضل 23% فرض حظر على هجرة المسلمين، وهو مستوى من الدعم يرتفع إلى 32% في كيبيك.

وقتها سارعت وسائل الإعلام إلى إلقاء اللوم على هذا الموقف العدائي من المسلمين إلى الأجواء السياسية التي خلقتها إدارة ترامب تجاه المسلمين والمهاجرين والأقليات بشكل عام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *