منوعات

علماء قلقون من مساهمة الذكاء الاصطناعي في نشر التحيز العنصري في الأوساط الصحية

يوما عن يوم يتكشف الوجه المخيف للذكاء الاصطناعي، والذي يتجاوز مجرد تعويض البشر في وظائف العمل، إلى تحطيم بعض الحواجز التي تحمي الخصوصيات وتمنع الكثير من المظاهر الخطيرة مثل العنصرية.

وتكشف نتائج دراسة جديدة قدرات مثيرة تتعلق بقدرة الذكاء الاصطناعي الفائقة على تحديد عرق أي شخص، وهو ما أثار القلق في أوساط العلماء من تعزيز التحيز العنصري في الأوساط الطبية بشكل غير مقصود.

وحسب قناة الحرة، كشفت دراسة جديدة أن بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يحدد عرق شخص ما من خلال الأشعة السينية، وهو أمر مستحيل على طبيب بشري.
وحسب نفس المصدر، في الدراسة التي نشرت في مجلة “لانست ديجيتل هيلث” دُرب الذكاء الاصطناعي باستخدام مئات آلاف من صور الأشعة السينية المعززة بتفاصيل عن المريض.

واختبر فريق دولي من الباحثين من الولايات المتحدة وكندا وتايوان نظامهم على صور الأشعة السينية التي لم يطلع عليها البرنامج من قبل ولم يكن لديه أي معلومات إضافية عنها.

وتمكن الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بعرق المريض من خلال الصور بدقة مدهشة، وحقق البرنامج نسبة دقة بلغت 90 في المئة.

ولا يعرف العلماء حتى الآن سبب دقة الذكاء الاصطناعي في تحديد عرق المريض من صور الأشعة رغم عدم وجود مثل هذه المعلومات فيها.

وبحسب الدراسة، حتى مع التركيز على جزء صغير من الجسم، استطاع البرنامج تحديد عرق المريض بدقة مدهشة.

وتثير النتائج قلق العلماء خشية أن يكون هناك تحيز عنصري عن غير قصد عند فحص الصور عبر برنامج الذكاء الاصطناعي، كأن يغفل علامات المرض لدى الأشخاص السود.

ويقول العلماء إن الدراسة لم تجب عن كثير من الأسئلة، لكن في الوقت الحالي يجب الانتباه إلى خطورة التحيز العنصري في أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة إذا كان سيعتمد عليها كثيرا في المستقبل.

“التحيز العنصري” يؤثر سلبًا على الصحة العامة

وإذا كانت نتائج الدراسة السابقة تنبه إلى مخاطر تعزيز التحيز العنصري باعتماد الذكاء الاصطناعي في مجالات الصحة العامة، فهناك دراسات سابقة تربط بن انتشار التحيز العنصري وتدهور الصحة العامة.

وحسب موقع “للعلم” الأمريكي، كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات ذات مستويات أعلى من التحيز العنصري تكون لديهم مستويات صحية أسوأ، ويتضمن ذلك ارتفاع معدلات إصابتهم بأمراض القلب ومشكلات الصحة النفسية، ومعدلات وفيات أعلى.

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية “هيلث سيكولوجي” (Health Psychology)، فقد أجرى الباحثون مراجعة منهجية لأربع عشرة ورقة بحثية استخدمت البيانات التي تم جمعها من منصتي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” ومصادر البيانات الضخمة الأخرى؛ للنظر في كيفية ارتباط التحيُّز والصحة في المجتمعات المختلفة بجميع أنحاء الولايات المتحدة.

من جهتهتا، تؤكد إيلي مايكلز -المرشحة لنيل درجة الدكتوراة بجامعة “كاليفورنيا، بيركلي”، والباحث الرئيسي في الدراسة- أن “العنصرية تُعَدُّ محركًا أساسيًّا للشعور بعدم المساواة فى مجال الصحة، والذي ما زال يكتسب أرضيةً في الولايات المتحدة الأمريكية”.

تضيف “مايكلز” في تصريحات لـ”للعلم”: الاستفادة من البيانات الضخمة المتعلقة بالتحيُّز العنصري على مستوى المنطقة الجغرافية هي أحد الأساليب المبتكرة لقياس المناخ العرقي العام الذي يعيش فيه الناس والتعرُّف على مدى التواصل فيما بينهم، وكشفت الدراسات التي تمت مراجعتها أن الحياة في منطقة تعاني من مستويات عالية من التحيز العنصري قد تضر بالصحة العامة وتزيد شعور الأفراد والجماعات بالتمييز العرقي وعدم المساواة القائمة على التحيُّز العنصري فى مجال الصحة.

للتوصل إلى هذه النتائج، استخدمت الدراسات مجموعةً متنوعةً من المصادر لقياس التحيز العنصري على مستوى المجتمع الأمريكي، تضمنت عشرات الملايين من نقاط البيانات من الدراسات الاستقصائية واسعة النطاق وعمليات البحث على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حلل الباحثون ثلاث دراسات اعتمدت على بيانات مستقاة من مؤشر البحث “جوجل” حول عدد المرات التي تضمنت فيها عمليات بحث المستخدمين افتراءات عرقية، كما عملوا على تحليل أربع دراسات أخرى تم الحصول على بياناتها من “تويتر” وتضمنت تغريدات تحمل مشاعر سلبية تجاه الأشخاص الملونين، بينما استخدمت أربع دراسات أخرى بياناتٍ مستقاةً من مؤسسة “Project Implicit”، وهي منظمة غير ربحية وشبكة تعاونية دولية من الباحثين الذين يدرسون الأفكار والمشاعر التي تقع إلى حدٍّ كبير خارج نطاق الوعي والتحكم الواعي، لفهم المواقف والقوالب النمطية وغيرها من التحيزات الخفية التي تؤثر على الإدراك والحكم والعمل.

أما الدراسات الثلاث الأخرى التي قام الباحثون بمراجعتها، فاعتمدت على بيانات “المسح الاجتماعي العام الأمريكي”، وهو مسح مستمر يستهدف قياس الاتجاهات والسلوكيات في شتى أرجاء المجتمع الأمريكي، وتم ترميز جميع البيانات وفق المنطقة الجغرافية.

فحصت الدراسات ارتباط التحيُّز العنصري على مستوى المنطقة الجغرافية بالمخرَجات الصحية بين الأفراد الذين يعيشون في تلك المناطق، بما في ذلك معدلات الوفيات، والنتائج السلبية للولادة بالنسبة للأمهات والرضع، وآثار التحيُّز العنصري على حالة القلب والأوعية الدموية، والصحة العقلية، والصحة الذاتية بشكل عام، وأظهرت جميع الدراسات ارتباطًا بين مستويات التحيز العنصري في المجتمعات والنتائج الصحية الضارة للأشخاص الملونين الذين يعيشون بها.

بدورها، تؤكد أماني إم ألين -أستاذة علوم صحة المجتمع وعلم الأوبئة في “كلية بيركلي للصحة العامة” بجامعة كاليفورنيا- أن “الحياة في بيئة تشهد احتقانًا وتحيزًا عنصريًّا لا تؤثر سلبًا على المجموعات المهمشة عرقيًّا فقط، بل على جميع مَن يُقيمون بتلك المناطق، ما يعني أن التحيز العنصري يُعد محددًا اجتماعيًّا لصحة السكان ككل”.

وتتابع: على المستوى الفردي، يمكن أن يؤدي العيش في مجتمع يعاني من التحيز إلى زيادة الضغوط التي يعاني منها هذا الشخص، أما على مستوى المجتمع، فإن التحيز العنصري يمكن أن يؤدي إلى تآكل رأس المال الاجتماعي، بما يتضمنه من تأثيرات سلبية على معايير المعاملة بالمثل والثقة والالتزام المجتمعي، وهناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات التي تحد من تأثير التحيز العنصري على مستوى المجتمع بالنتائج الصحية السلبية للأفراد بشكل عام والأشخاص الملونين على وجه الخصوص.

تقول “مايكلز”: العنصرية متعددة الأبعاد، ويتطلب تفكيكها والحد من آثارها السلبية على الصحة حلولًا متعددة الأبعاد، لذا فإن البحوث التي تحدد الأسباب الجذرية للتحيز الجماعي والبحث عن التدخلات اللازمة لتغييره قد تمثل أولويةً ملحَّة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *