وجهة نظر

هذه مملكتك

لك الخيارات مفتوحة في أن تقرري، إما أن تتوهجي بفكرك وتدافعي عن مبادئك التي تؤمنين بها وتساهمي في بناء وطنك، وإما أن تقبري وسط كومة من الإحباطات والعادات التبخيسية، التي ترجعك إلى سنوات الركون … فظلام يتبعه ظلام ….

لك أن تختاري … فهذه مملكتك ….

 نساء صنعن أمة:

مريم العذراء في أوج شبابها و في قمة بهائها تحفظ  الأمانة و تستنجد برب العالمين …

الخياطة السمراء ” روزا باركس ” التي ساهمت في إلغاء الطقوس الإستعبادية ، ورفعت قيمة قومها و عشيرتها بين ملايين المستبدين ، و ذلك لأنها إنسانة ، ومن حق الإنسان أن يعيش معززا مكرما ، بغض النظر عن لونه أو عرقه أو جنسه ..

كانت بدايتها عندما رفضت التخلي عن مقعدها في باص عمومي لشخص أبيض، متمردة على المجتمع العنصري المجحف في مونتغمري ، لتصنع حدثا غير مجرى التاريخ  عند الأمريكان الأفارقة ، استطاعت أن ترفع الذل و العبودية عن قومها بقولها لا … لا للتمييز … لا للظلم  … كلنا إنسان ….

هذه مملكتك ، نضالك من أجل الكرامة والحرية أسمى ، من أن تحطمه  طقوس لا إنسانية …

سمية زوجة عمار رضي الله عنها ، أول شهيدة في الإسلام ، صمدت أمام التعذيب و التنكيل من أجل كلمة حق آمنت بها ، و صارت شعارا يرافقها أينما حلت و ارتحلت ، حتى آخر قطرة دم سقطت مع روحها الزكية …

هذه مملكتك لا تتنازلي عن قراراتك ….

ماشطة فرعون ، ذات العقيدة التابثة الراسخة  و الإيمان القوي ، في موقف لا تحسد عليه ، ترى أبنائها الواحد تلوى الآخر، يلقى في النار من قبل جنود فرعون ، ومع ذلك تصبر وتحتسب وتتجلد ، رغم أن إحساسها بالأمومة و بالشفقة على أبنائها ، كان يختلج قلبها وكاد يوقعها في براثن التردد ، لولا القدر الإلاهي الذي شاء أن ينطق طفلها الرضيع ” يا أماه اصبري فإنك على الحق ” …

هذه مملكتك ، عقيدتك أقوى من أن يزعزعها الخوف …

في بيتك … في الأسرة … في مقاعد الدراسة … بين صديقاتك … في العمل … في الرياضة … في مجال الدعوة … في الأندية … في كل الأمكنة و الأزمنة … هي مملكتك أينما تحطين فيها الرحال ، احرصي على اختيار الأفضل و الأرقى ، ولا ترضي إلا بأعلى المراتب …

هذه مملكتك …

أترضين بمملكة عليها القاذورات وحولها آلاف الحشرات الضارة … أكيد لن ترضي ، أترضين بمملكة تحبط فيها أحلامك و تضرب فيها أهدافك عرض الحائط … أكيد لن ترضي ، أترضين بمملكة تنتزع فيها أخلاقك وتسلب فيها كرامتك و عنفوانك … أكيد لن ترضي ، أترضين بمملكة يضعونك فيها في المزاد العلني ، فهذا يساوم و الآخر يقامر … أكيد لن ترضي …

إذا كنت صاحبة مبادئ فلن ترضي إلا بما يزيدك وقارا ويقوي شأنك ويوصل رسالتك ….

فشمري على ساعديك ، و توكلي على الحي الذي لا يموت ، مهما كثر القيل والقال فأنت لست فاشلة و لا متخلفة ، و لا شيئا يصلح للتلوين ، بل الحياة تجارب ، تجربين علما فتجدين الطريق بعده لا يوافق طموحاتك و أهدافك ، فتنتقلين لعلم آخر وتبدعين في الذي تحبينه … ثمارك التي زرعتها بركان ينتظر الأوان … ولابد أن تري نصف الكأس المملوء أيضا أما النصف الآخر الفارغ ، فدعيه للمحبطات …

ولا تنسي كلما زرعت في المجتمع قيما نبيلة ، فإن النبل سينتقل من جيل إلى جيل و سيرثه أبنائك و أحفادك ، و أن من النبل تقديم الخير للإنسانية ، و إيقاظ شمعة الأمل ، بدل سب الظلام ، فمن يسب الظلام و يهوى الوكون ، لا يصلح أن يقود الأمة و يصنع النهضة ….