منوعات

الوحم حقيقة أم مجرد ادعاءات؟ إليك خرافاته وغرائبه ورأي العلم

ظاهرة الوحم لا تخص ثقافة دون أخرى، فالأبحاث رصدتها في مختلف المجتمعات، والأطباء والعلماء حاولوا إيجاد تفسير علمي لها مند مدة، والثقافة الشعبية غنية بقصصها الغريبة الغارقة في التفسيرات الخرافية.

والوحم أثار جدلا علميا بين من يعتبره مجرد ادعاءات ومن يراه بالعكس رسالة جسم الحامل حول حاجيات معينة.

وهناك حالات من الوحم تشتهي فيها الحوامل أكل أشياء غريبة لا تأكل في الأصل، مثل التراب وغيره، ويعرف بـ”شهوة الغرائب”.

فما هو الوحم؟ وكيف فسره العلم؟ وما هي أهم أعراضه؟ وما هي أغرب ما اشتهت النساء الحوامل؟ وما هي الخرافات التي تخترق التصورات الشعبية حوله؟

في التقرير التالي، الذي أُعِد بناء على عدة مصادر (موقع الطبي، موقع كل يوم معلومة طبية، الجزيرة نت) إجابة عن تلك الأسئلة وغيرها.

تعريف الوحم

حسب موقع “كل يوم معلومة طبية”، الوحم أو كما يُعرف علمياً بالرغبة الشديدة والغريبة أثناء الحمل، هو اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة، ربما يكون ذلك في غير موسمها، وربما تكون أطعمة لم تحبها الحامل من قبل ولم تشتهيها، وربما يكون اشتهاء نوع واحد من الطعام بكثرة، مثل شره تناول الشوكولاتة أو المخللات، وربما يكون اشتهاء تناول أطعمة غريبة مثل خلط المالح بالحلو .. وهكذا.

وعرف موقع “الطبي” شهوة الغرائب أو الوحم بأنه أحد اضطرابات الأكل القهرية والتي تتسبب بتناول المصاب بها لأشياء ومواد مختلفة قد تكون غير صالحة للأكل كالتراب والطين وغيرها، وهو اضطراب شائع أيضا بين الأطفال إذ قد يؤثر على ما نسبته (10-30)% من الأطفال بعمر السنة إلى ست سنوات، وقد يصاب بها خصيصًا الأطفال المصابين بإعاقات ذهنية وعجز في النمو كالتوحد.

وبالنسبة لمعظم النساء، حسب موقع “كل يوم معلومة طبية”، يبدأ الوحم والرغبة الشديدة لتناول أطعمة معينة في الثلث الأول من الحمل، وتبلغ ذروتها أثناء الثلث الثاني من الحمل، ثم تنخفض بعد ذلك خلال الثلث الثالث من الحمل.

وحسب نفس المصدر، ينتهي الوحم غالباً خلال الثلث الثالث والأخير من الحمل، ولكن يقول الأطباء أنه يمكن أن يستمر القليل من الوحم لدى بعض النساء حتى بعد الولادة.

لماذا يحدث الوحم؟

قالت طبيبة أمراض النساء والتوليد، مليكة عبد الحق محيوس، حسب الجزيرة نت، إن “هنالك العديد من التفسيرات العلمية التي تبرر الصعوبات التي تمر بها المرأة خلال فترة الحمل، خاصة في الأشهر الأولى منه”.

وتشرح الطبيبة أنه “يتسبب تلقيح البويضة بالنطفة والتحامها بجدار الرحم في إضعاف مناعة المرأة، حيث تنخفض مناعتها تلقائيا كي تسمح للجسم الغريب ليزرع فيها والأمر شبيه بزراعة كلية أو جزء من الكبد وغيرهما، أي كي لا يرفضها الجسم”.

وانخفاض المناعة لدى المرأة في تلك الفترة، يصاحبه عدد من الأعراض أهمها الشعور الدائم بالتعب والدوار، كما يختل عمل الغدة الدرقية مما يتسبب بالقيء والعصبية وبعض الحساسية النفسية الزائدة، إضافة لزيادة حموضة المعدة. وتزداد تلك الأعراض حسب ما أكدته المختصة، إذا كانت المرأة حاملا بتوأم.

وحسب نفس المصدر، نفت اختصاصية أمراض النساء والتوليد أن يكون لما يعرف بـ”الوحم” أي تفسير علمي واضح “رغم أنه منتشر وموجود فعلا”.

وفقاً للأبحاث، فإن حوالي 50%-90% من النساء الأمريكيات لديهن رغبة في تناول نوع معين من الأطعمة أثناء الحمل، حسب موقع “كل يوم معلومة طبية”، لكن الأطباء لا يعرفون بالتحديد لماذا يكون لدى الحامل رغبة في تناول أشياء معينة في وقت معين من الحمل.

وحسب نفس المصدر، قد تكون الهرمونات المتغيرة بسرعة هي السبب، وأيضاً قد يكون ذلك بسبب العمل الإضافي الذي يقوم به الجسم لإنتاج المزيد من الدم بسرعة، ومن الممكن أن يكون السبب هو البحث عن الراحة النفسية التي قد تسببها بعض الأطعمة.

ويضيف نفس المصدر أن هناك بعض أنواع الوحم قد تكون علامة خطيرة وتعني أن الحامل بحاجة إلى مراجعة الطبيب، خاصة مع وجود رغبة شديدة في تناول الأتربة أو الصابون، أو أي شئ من مواد غير غذائية، لأن ذلك يعني الاصابة باضطراب معين يسمى pica، وهو حالة ترتبط بأكل أشياء غريبة وقد تسبب التسمم.

وحسب موقع “الطبي” لا يوجد سبب محدد وراء هذا الاضطراب وفي بعض الحالات من الممكن أن ينتج عن نقص في العناصر الغذائية كالحديد والزنك، فيمكن أن يتسبب فقر الدم أو نقص الحديد على سبيل المثال بإصابة المرأة الحامل، فقد يكون الاشتهاء الغريب هذا علامة على محاولة الجسم على تعويض النقص فيه.

وقد تتطور هذه الحالة عند الأشخاص المصابين بأمراض عقلية كانفصام الشخصية (schizophrenia) والوسواس القهري (obsessive-compulsive disorder) كآلية لتكيف الجسم مع هذا الوضع، وقد يستمتع البعض بطعم وقوام ما يأكلوه من مواد غير صالحة للأكل كالطين مثلًا في حالة تدعى (geophagia)، وحتى أن أكل الطين في بعض الثقافات يعتبر تصرفًا مقبولًا.

ومن الجدير بالذكر أن سوء التغذية واتباع نظام غذائي غير صحي وغير متوازن لإنقاص الوزن قد يشكلا أحد أسباب الوحم، فمن الممكن أن يؤدي تناول هذه المواد الغريبة إلى الإحساس بالشبع.

أكثر الأطعمة اشتهاء وأكثرها غرابة

تختلف قائمة الأطعمة التي تشتهيها الحوامل في حالة الوحم حسب كل مجتمع، وحسب موقع “في كل يوم معلومة طبية” تبين الإحصائيات أن الأطعمة الأكثر شيوعاً أثناء الوحم في الولايات المتحدة الأمريكية هي:

+ البيض المسلوق مع الفجل

+ المشروم بالثوم المغموس في الكاسترد

+ الجزر المبشور الممزوج بالكاتشب

+ الآيس كريم مع المخلل

+ المأكولات الصينية

+ منتجات الألبان مثل القشدة

+ الكربوهيدرات النشوية وخاصة البطاطس المقلية

+ البيتزا

ومن أمثلة الاشتهاء الغريب:

+ اشتهاء السجائر

وحسب الجزيرة نت، تعرف الأسر العربية حالات غريبة في فترة “الوحم” لدى النساء، وحسب نفس المصدر، تقول السيدة سامية (49 سنة) “بدأت التدخين في فترة الوحم، كنت أشعر بنشوة غريبة وأنا أشتم رائحة السجائر أينما كانت، إلى أن وصلت لحالة لم أستطع فيها كبح رغبتي بأخذ نفس واحد”.

وتواصل “وصل بي الحال لحمل بقايا السجائر من الأرض لأنني كنت أخجل من القيام بشرائها، فأنا معلمة ومربية جيل ومن عائلة محافظة، كما أنني خفت مصارحة زوجي بالأمر، ولكنني بقيت أدخن حتى بعد انتهاء مرحلة الوحم إلى أن قررت التوقف”.

+ اشتهاء التراب المبلل

في حين اشتهت السيدة جميلة (34 عاما) في فترة “الوحم” “التراب المبلل بالمطر الأول”، ليصل الأمر بها إلى “أكل التراب”، ووصل بسيدات أخريات إلى “تتبع رائحة دخان الشاحنات” والعديد من القصص التي تبدو غريبة خلال سردهن لتلك المرحلة الفريدة.

+ اشتهاء ذيل الخروف

ويضيف نفس المصدر يقول بائع اللحوم عادل (42 سنة)، أستطيع تمييز المرأة المتوحمة (التي تتوحم) من طريقة طلبها، حيث يحاولن وصف الشيء الذي يرغبن فيه بحماس وتلمع أعينهن، يروي للجزيرة نت “أتت امرأة تسأل عن ذيل الخروف، ووصفته وكأنه أشهى وأرقى اللحوم”.

حماسها في تحصيل ذيل الخروف كان كبيرا، ويضيف “شعرت بخذلانها حين أجبتها أنه غير متوفر، كنت أستغرب في بداية امتهاني للجزارة هذه المواقف التي أصبحت أمرا طبيعيا مع تكرارها مما دفعني لمحاولة المساعدة قدر الإمكان”.

اعراض وحم ( شهوة الغرائب) وتشخيصه وعلاجه

+ الأعراض

حسب موقع الطبي، يمكن للمصاب بهذا الاضطراب أن يشتهي أكل الطين والتراب والشعر والثلج وقشور الطلاء والرمل، بالإضافة إلى الصمغ ورماد السجائر وأزرار الملابس والطباشير والبراز في بعض الحالات، مما يتسبب بالإصابة ببعض الأعراض نتيجة ما تحتويه هذه المواد الغريبة من سموم وبكتيريا ومعادن في بعض الأحيان، وهي:

+ اضطراب معوي وألم في المعدة.

+ ظهور دم في البراز نتيجة تكون قرحة في الجهاز الهضمي.

+ اضطرابات في حركة الأمعاء كالإسهال والإمساك.

+ الاختناق.

+ التشخيص

ويضيف نفس المصدر أنه لا يوجد في الواقع فحص يمكن إجراؤه يكشف عن الإصابة باضطراب اشتهاء الغرائب، إذ يشخص الأطباء الحالة بناءً على التاريخ المرضي وعوامل اخرى، ويجب أن يستمر أكل هذه المواد الغريبة شهراً على الأقل ليتم تشخيصه، ففي بعض الحالات يمكن أن يمضغ الأطفال دُماهم والشعر ويعتبر ذلك أمرًا طبيعيًا، فالشخص المصاب بالوحم هو من يأكل المواد غير الصالحة للأكل باستمرار حتى ولو كانت تسبب له الأذى.

يبحث الطبيب عادة عن أي أعراض جسدية كآلام معدة ومشاكل في حركة الأمعاء.

أما إن كان الطفل مصابًا بإعاقة ذهنية أو عجز نمو فيتم سؤال الأب أو الأم ما إن لاحظا تناول ابنهما لأي من تلك الأصناف غير الغذائية ومنذ متى تم ملاحظة هذا السلوك.

ومن الممكن أن يطلب الطبيب صورة أشعة سينية للتحقق من عدم وجود أي انسداد معوي.

بالإضافة إلى فحوصات دم لفحص الإصابة بفقر الدم أو نقص الحديد أو الزنك.

أو الإصابة بأي عدوى ناجمة عن تناول أشياء ملوثة.

+ العلاج

ويعتمد العلاج على التشخيص والمشاكل التي سببها الوحم، وعادة ما يتضمن العلاج تصحيح السلوكيات والبيئة وتثقيف الأسرة.

فيمكن على سبيل المثال علاج الحالة باتباع أسلوب العقوبة ومكافأة المريض عند تعدّل سلوكه وتناوله لطعام عادي.

وقد يبدأ الطبيب أيضَا بعلاج تسمم الرصاص إن أفرط المريض في تناول قشور الطلاء ويتم استخدام العلاج بالاستخلاب (chelation therapy) في هذه الحالة، حيث يتم تناول أدوية ترتبط بالرصاص وتساهم في تخلص الجسم منه عن طريق البول، ويتضمن العلاج أيضًا علاج الأعراض والمشاكل التي تسبب بها الوحم كالامساك والإسهال والقرحة وتمزق الأمعاء والعدوى وأي مرض آخر.

وإن كان سبب الوحم هو نقص في بعض العناصر الغذائية فيمكن علاج ذلك بأخذ مكملات الفيتامينات والمعادن الغذائية تحت إشراف الطبيب، وقد تستدعي الحالة أخذ مكملات الحديد بشكل منتظم.

ومن الجدير بالذكر احتمالية طلب الطبيب لتقييم نفسي إن كان يعاني المريض من اضطراب الوسواس القهري، أو أي اضطراب عقلي آخر، ووصف الدواء بناءً على التشخيص النفسي، وقد يساعد ذلك أيضًا في حالات الإعاقات الذهنية.

خرافات الوحم وغرائبه

تزخر ثقافة الوحم بالعديد من الخرافات التي يكون بعضها دافعا للمجتمع للإسراع إلى تلبية رغبات الحوامل خوفا من “عواقب وخيمة”.

وتربط بعض تلك الخرافات بين نوع ما تشتهيه الحامل خلال الوحم وظهور بعض التشوهات في المولود.

ويقول هشام إن ابنته ولدت بتشوه في الوجه، حيث تظهر على عينها وخدها الأيسر علامة حمراء كبيرة. يقول للجزيرة نت، “كانت زوجتي حامل فاشتهت الفراولة ولم تكن متوفرة، فضربت يدها على خدها الأيسر حين أبلغتها أنني فشلت في تحصيلها”، وكانت النتيجة أن ظهر التشوه في وجه المولودة نتيجة لذلك.

ويعتقد أهل الشابة لمياء، طالبة السنة الثانية حقوق، أن حسرة والدتها التي لم تستطع أكل الفراولة في فترة الوحم وضربها لخدها سبب تلك “الوحمة” التي سببت تشوه وجهها، على حد تعبيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *