وجهة نظر

لا للفتنة.. نعم للثورة

و خرج الشعب مرة أخرى و أظن أن هذه المرة ستسلم أيضا الجرة لكن إلى متى ؟؟؟ 

لم يخرج الشعب المغربي لإسقاط النظام فالنظام لن يسقطه هذا الشعب الذي عبر غيرما مرة عن تعلقه بالملكية و عن تجرعه المر في سبيل الحفاظ على وحدة الوطن ، و إنما من سيسقط النظام هم أبناء النظام ، هم المتحلقون حول الملك بغطرستهم و تحكمهم و لعبهم بالنار .. فلا يصرخ كل من يصرخ من أجل إثارة الفتن و القلاقل و شق عصا الطاعة و إنما تصرخ الجماهير مطالبة بحقها في العيش الكريم ، معبرة عن سخطها على جهاز القمع ، و باثة شكواها إلى من يهمه الأمر ..

يصرخ الشعب ليس من أجل تاجر سمك صغير لم يكن ليعرفه لولا الطريقة البشعة التي فارق عليها الحياة و إنما هو يصرخ لأنه يعرف أن ما وقع لمحسن فكري ليس استثناء و أن آلة البطش المخزنية فاغرة فاها على الدوام و مستعدة لبلع و طحن كل من يقاومها أو يقف في طريقها ..

يصرخ الشعب لأن السكين قد وصلت إلى العظم ، هو يصرخ منذ مدة ، صرخ بصمت حينا من الدهر ليس بالقصير ، و صرخ في مسيرات و وقفات 2011 ، صرخ عبر صناديق الإقتراع في عدة مناسبات في الخمس سنين الأخيرة ، صرخ و يصرخ يوميا على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي و في الإدارات و أمام البرلمان و في المحاكم و هاهو يصرخ من جديد في الشارع العام . لم تنسق كبريات المدن المغربية فيما بينها عندما سارت بها مسيرات الربيع المغربي ، و لم تنسق عندما اتفقت جميعها على التصويت على حزب العدالة و التنمية ، و لم تنسق اليوم للتنديد بما وقع لمحسن فكري ، هي لم تنسق و لم يؤطر احتجاجاتها أحد ..

إنه الإحساس العام بالحكرة سادتي الحكام ، إنه الإكتواء بنار الظلم و الإقصاء و التهميش ، إنه الخوف على وطننا و على مكتسباتنا الديموقراطية على علاتها ، إنه رفض سلوكيات هذا المخزن الكريه البليد و ممارساته البائدة و دسائسه و مكائده و محاولته الإلتفاف كل مرة على إرادة الشعب ، إنه الغضب من استغلال كبار البطون لخيرات البلد و من اتساع الفوارق الإجتماعية بين المحظوظين و بين الطبقات المسحوقة و من تدخل محيط القصر في الحياة السياسية و الإقتصادية و معاملته لأبناء الشعب كالقاصرين الذين لا يعرفون ما الذي يصلح لهم و ما لا يصلح .

إنه كل هذا و ذاك ما يصرخ الشعب من أجله ، إنه كل هذا و ذاك ما يجعل العرش غيرما مرة يتأرجح و يتأرجح قبل أن يثبته حب نفس الشعب الغاضب للجالس عليه .

لا للفتن ما ظهر منها في الإحتجاجات و ما بطن ، لا لتفتيت الوطن ، لا للفوضى و كل مظاهر التسيب ، لا لشلالات الدم ، لا للمواجهة بين الشعب و أجهزة القمع ؛ لكن نعم للثورة ، مرحى بالثورة : ثورة بيضاء سلمية ، ثورة تعصف بكل ممارسات العهد القديم ، ثورة ضد الفقر و ضد الظلم و ضد التحكم و ضد القمع ..

ثورة ضد تكميم الأفواه و ضد الفوارق الإجتماعية و ضد تزوير إرادة الشعب ، و ضد سلوكيات أصحاب الوقت ، و ضد الشطط في استعمال السلطة ، و ضد تمييع الحياة السياسية ، و ضد الريع الإقتصادي و السياسي ، ثورة ضد الفساااااد و الإستبداد .. ثورة ليست ضد شخص الملك و لا ضد نظامه و لكن ضد الذين يحتمون بهما وأولائك الذين يستمدون قوتهم منهما ليتجبروا على أبناء هذا الشعب الصبور الصبور الصبور ..

في كل هذا فليتدبر صاحب الجلالة فلقد قرع الجرس مرة أخرى و ليس كل مرة تسلم الجرة و أبدا لا تلد عبدا رحم الأمة الحرة .