وجهة نظر

“سيلفي” مع الذئب!!

يجب التنبيه أولا إلى خطأ غير مقصود، يقع فيه الكثير من المحللين عندما يتحدثون عن التطبيع، فهذا المصطلح يعني أن تصبح العلاقة بين دولتين طبيعية، وبذلك يكون تبادل دبلوماسي تعاون اقتصادي ثقافي فني إلى ٱخره ، المهم كل ما تحتاجه العلاقة بين دولتين لتكون طبيعية ، لكن هذا الوصف قاصر عن إعطاء تعريف دقيق لهذا المصطلح ، فعند الحديث مثلا عن تطبيع العلاقة بين دويلة خليجية صغيرة لكنها ثرية.

مع دولة الكيان الصهيوني الإرهابي ، نجد أن العلاقة بين الدولتين ليست عادية و غير طبيعية كذلك ، إنها علاقة عشق وهيام حب وغرام ، لكن من طرف واحد فقط ، حيث يمكن وصف هذا الطرف و بدون حرج بالساذج و المغفل ، لقد بلغ الأمر بهذا الأخير إلى حالة فقد فيها هويته و ذاب في دولة الإحتلال الصهيوني ، إلى درجة أن الصهاينة لم يستطيعوا بعد استيعاب هذا الكرم ، منح الجنسية مع حق التملك والزواج وفتح المعابد و عطل الأعياد ، بل المشاركة الرسمية في احتفالات الصهاينة بأعيادهم الوطنية و الدينية ، ناهيك عن الدعم المالي والسياسي الغير مشروط ، المهم ماذا أقول إنها علاقات فوق طبيعة ، قد تجاوزت كل الخطوط لتصل حد الإندماج ، حيث يمكن وصف هذه الدويلة الخليجية بإسرائيل(B).

إن هذه العلاقة بين الطرفين لم تصل لها حتى دول الخليج فيما بينها ، إنه أمر مضحك فعندما يزور أحد الصهاينة هذه الدويلة المجهرية ، تجد الرقص و العناق الحار و أخذ صور ( سيلفي ) مع الضيف ، في مشهد كاريكاتوري يبدو فيه الصهيوني عريس وسط الزفة ، حيث الزحام و تدافع النساء والرجال من أجل أخذ صورة ( سيلفي ) ، بحيث تجد الصهيوني مندهش فهذا الحب لا يناله حتى في فلسطين المحتلة ، و لتقريب صورة هذا المشهد الهزلي في هذه المسرحية السيئة الإخراج

قلت في العنوان أعلاه : ( سيلفي ) مع الذئب ، تخيل معي أن ذئب زار قطيع من الخراف في إطار تشجيع ثقافة السلام ، فقام القطيع بتنظيم حفل كبير يليق بالسيد الذئب ، و تزاحم الخراف الكل يريد أخذ صورة (سيلفي) مع الضيف ، أما الذئب فلا يكاد يصدق ما يحدث من حوله ، وتأتي نعجة حمقاء تريد صورة على انفراد مع الذئب ، والخراف تنظر بسذاجة إلى الضيف وهو مكشر عن أنيابه و تعتقد أنه يبتسم.

إن هذا ما يحدث تقريبا في بعض دول الخليج ، لقد شاهدت ڤيديو لصهيوني يقول أنه يهودي يعيش منذ سبع سنوات في السعودية ، و بجانبه نخلة صغير قال انه غرسها ربطا للماضي بالحاضر ، وهذا امر بالغ الخطورة فيه إشارة إلى ماضي اليهود بالمدينة المنورة ، ويعني كذلك أن اليهود لا يمكنهم التفريط في هذه المنطقة التاريخية ، و الصهاينة يركزون دائما عند الطبيع على عمل الأجهزة الأمنية اولا ، ثم ثانيا على عمل وزارة السياحة و الآثار ، ولن أتحدث كثيرا عن مخابرات العدو و عملها كما تزعم لحماية أصدقاء ” إسرائيل” من شعوبهم..!!

إن اهتمام الصهاينة بوزارة السياحة والآثار يعني لهم الشيء الكثير ، فهي تريد توثيق كل ما يتعلق بحياة اليهود في المدينة المنورة ، من حيث اللباس والتجارة و الفلاحة والحرف ، المهم توثيق كل مناحي حياتهم ومعرفة مناطق تواجدهم وعددهم ، كل هذا يصب في اتجاه استراتيجي واحد هو المطالبة بالتعويض ، مثلا في المدينة كان هناك أربعة قبائل يهودية هي : بنو قينقاع – بنو النظير – يهود خيبر -بنو قريظة ، وكان عندهم بساتين نخل طردهم الرسول صلى الله عليه وسلم منها منذ 1400سنة ، و قصصهم معروفة حيث الغدر والخيانة و التأمر ونكث العهود..، فكان هذا سبب كافي لطردهم و معاقبتهم على هذه الأفعال المشينة.

المهم قد يقول الصهاينة أن في ذاك الزمان كان عندهم 2 مليون نخلة من النوع الجيد ، وأن النخلة الواحدة قد تعطي ما بين 50 و100 كيلو في السنة حسب التساقطات ، وسيتم تكييف الثمن بالدولار منذ 1400 عام ، و سيتم محاسبة السعودية في الثمر على النوى و النقير و القطمير و الفتيل ، كما سيتم تقييم ثمن حلي النساء من ذهب و فضة ، إضافة إلى الأسلحة من سيوف و دروع و الأموال و الدور و الدواب ، المهم الحساب كل شيء بل حتى على شراك نعال اليهود ، هذا عن جبر الضرر المادي فقط ، أما في ما يخص جبر الضرر المعنوي فتلك مصيبة أعظم ، لأنهم سيقولون أنهم يعانون من أمراض نفسية مزمنة.

منذ ذاك الزمان إلى اليوم و قد هلك منهم الكثير بسبب ألم الغربة و البعد عن الوطن ، وأن ذلك لا يقدر بثمن لكن ومع ذلك يمكنهم تقدير الثمن بملايير الدولارات ، أيها السادة باختصار عندما يتعلق الأمر بأخذ الذهب والفضة في مسالة التعويض ، فهم أساتذة في ابتزاز كل الدول الصديقة قبل المعادية ، ألمانيا نموذجا لقد دفعت و لازالت تدفع الملايير من الدولارات ، مقابل ما يسمى( المحرقة) التي زعموا أن أدولف هتلر قام بها ، لهذا على السعودية وباقي دول التطبيع الإستعداد لهذه المعركة القانونية الكبرى.

في الحقيقة ستكون مجزرة مالية كبرى لهذه الشعوب الخليجية المسكينة ، هنا اتذكر بيتين للشاعر الفنان المتنبي ، وذلك عندما يقارن بين صفات الكريم و اللئيم ، ويقول : (إذا أنت أكرمت الكريم ملكته * وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا ) ، هذا بالضبط ما يقع لدول التطبيع مع الصهاينة ، فتحوا لهم البيوت والقلوب و مخازن الذهب والفضة ، لكن طبع اللئيم لا يتغير حيث التمرد و نكران الجميل وعض اليد التي أحسنت إليه ، مسرور المراكشي يقول : (يمكن لهذه الدول الرهينة النجاة من ابتزاز بني صهيون ، في حالة انهزام أمريكا في حربها مع روسيا والصين ومن والاهم ، لكن إذا انتصرت أمريكا ستدفع هذه الدول الجزية للعدو الصهيوني عن يد وهم صاغرون … )، قضي الأمر…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *