مجتمع

تحقيق: إسرائيل أنشأت آلاف الحسابات الوهمية لمهاجمة المقاومة من المغرب و”تأجيج الفتنة” مع الجزائر (صور)

كشف تحقيق لمنصة “إيكاد” العربية المتخصصة في تحقيقات “المصادر المفتوحة”، عن معطيات وأرقام مثيرة عن آلاف الحسابات الوهمية التي أنشأتها إسرائيل للتلاعب بالرأي العام المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي.

التحقيق الذي غاص في تفاصيل آلاف الحسابات التي يدعي أصحابها أنهم مغاربة، كشف عن هدف واحد لها، وهو مهاجمة المقاومة الفلسطينية ودعم إسرائيل في حربها على غزة، مع تأجيج الفتنة والصراع بين المغرب والجزائر.

معطيات التحقيق أثبتت أن هذه الحسابات لا تعمل بشكل فردي، بل تعمل بشكل ممنهج وواضح، لتخلق رأيًا عامًا وهميًا حول تأييد المغاربة لإسرائيل.

وأوضحت منصة “إيكاد” أن هذا التحقيق يأتي كجزء من سلسلة تحقيقات رقمية تقوم فيها المنصة لكشف حقيقة لجان إلكترونية تعبث بالرأي العام العربي، خاصة خلال عملية “طوفان الأقصى”.

ترويج السردية الإسرائيلية

وفي التفاصيل، رصد فريق “إيكاد” عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تغرد باللغة العربية منتقدة المقاومة وداعمة لتل أبيب، تُعرف نفسها بأنها مغربية، وتغرد من المغرب.

ومن خلال تتبع الحسابات وسحب الجمل التي ترددها، سجل التحقيق أن تلك الحسابات تنشر الجمل ذاتها وتكرر السردية الإسرائيلية نفسها على منصتات أكس (تويتر سابقا) وفيسبوك ويوتيوب.

وأوضح التحقيق أن تحليل هذه الحسابات على تويتر، أظهر بالدليل على أنها لجان إلكترونية منظمة، وتملك عدة صفات تؤكد ذلك.

وكشف التحقيق أن معظم هذه الحسابات يكرر الجمل نفسها بدقة، ويستخدم “الرموز التعبيرية” ذاتها بالترتيب نفسه، كما أن معظمها غيّر مكان تغريده من مدة وأصبح يغرد من المغرب، وكلها تتفاعل مع الحسابات المعروفة ذاتها.

رأي عام وهمي

هذه المعطيات أثبتت أن هذه الحسابات لا تعمل بشكل فردي، بل تعمل بشكل ممنهج وواضح، لتخلق رأيًا عامًا وهميًا حول تأييد المغاربة لإسرائيل، يقول التحقيق ذاته.

فمن خلال سحب عينة ضخمة من هذه الحسابات ومراجعة نشاطها السابق، لاحظت “إيكاد” أن معظمها تم إنشاؤه أو زيادة تفاعله قبل دجنبر 2020 بقليل، بالتزامن مع صفقات التطبيع العربي الإسرائيلي، أي قبل تطبيع المغرب مع إسرائيل، ما يعني أنها أُنشئت بالأساس لتهيئة خطوة التطبيع وخلق تأييد شعبي له.

وبحسب التحقيق، فإن الغريب في هذا الموضوع -وهذه ستكون أهم معلومة في التحقيق- هي أن الحسابات تضاعفت بشكل كبير جدًا من ناحية العدد والتفاعل منذ شهر غشت 2022، وهي زيادة غير منطقية إن كنت لا تعلم سياقها.

وأورد المصدر ذاته، أن تاريخ هذا التضخيم الكبير في شهر غشت 2022، تزامن تمامًا مع تاريخ تضخيم لجان إسرائيلية مصرية كان قد كشفتها “إيكاد” في تحقيقات سابقًا، وتزامن كذلك مع تضخيم في لجان إسرائيلية سعودية كشفاها قبل عدة أيام.

واستنتج التحقيق أن هذه المعطيات تعني أن “من يقف خلف كل هذه اللجان جهة واحدة، تعمل بشكل ممنهج لبث هذه اللجان في آن واحد، لتمرير أجندة واضحة بين المغردين العرب، مصريين كانوا، أو سعوديين، أو مغاربة”.

ومع التعمّق في التحليل الرقمي، لاحظ التحقيق أن حسابات اللجنة الإسرائيلية المغربية لم ترتفع في غشت الماضي فحسب، بل استمرت في النمو بشكل كبير حتى يومنا هذا.

وقد قسم التحقيق الأمر على مدتين زمنيتين، الأولى من لحظة بدء تشكيل اللجنة (قبل دجنبر 2020)، وصولًا إلى الشهر الذي شهد بداية نمو اللجنة (غشت 2022)، والثانية من (غشت 2022) حتى يومنا هذا.

وانطلاقا من هذا التقسيم الزمني لتشكيل اللجان الإلكترونية الإسرائيلية بالمغرب، لاحظ التحقيق أن عدد الحسابات ارتفع تقريبًا بثلاثة أضعاف، كما ارتفع معدل تفاعلها بالنسبة ذاتها.

وقام فريق “إيكاد”، من خلال تحليل رقمي متطور، بسحب عشرات الآلاف من هذه الحسابات، تأكد أن ما يزيد عن 22 ألف منها حسابات وهمية تمامًا.

واكتشف المصدر ذاته أن هذه الحسابات الوهمية تمتلك الصفات الرقمية ذاتها، وهي أن حسابات عديدة منها تنتحل الهوية المغربية، لكنها تغرد بلغة عربية ركيكة، كما أن عدد المتابعين لا يتجاوز 50، وملفاتها التعريفية وهمية، ويقومون بترديد السردية والجمل والأفكار ذاتها.

هكذا تُصنع الشخصيات الوهمية

من خلال تحليل اللجان الإلكترونية المذكورة، استطاع فريق “إيكاد” رصد عدد من حساباتها المركزية التي كانت لأشخاص بدت حساباتهم مريبة إلى حد كبير، أحدهم يُدعى “ديفيد ليفي”، ويزعم أنه باحث وأستاذ جامعي وكاتب ومحلل سياسي، له عدة منشورات بحثية.

وقال التحقيق إن “ليفي”، هاجم الجزائريين لسنوات، مؤججًا الصراع بين المغاربة والجزائريين، وتفاعل بين عدة حسابات كانت جميعها تؤجج هذه الفتنة، حيث تبدو تلك المعلومات طبيعية للوهلة الأولى، إلا أن التحقيق كشف غير ذلك.

فالشاب “ليفي” ذو الملامح الأوروبية شخصية وهمية، وهذا الشاب في الصورة لا وجود له، فمن خلال تحليل صورة البروفايل وجد فريق “إيكاد” أنها أُنشئت من خلال تقنيات الذكاء الصناعي، فتحليل الصورة أوصل لصورة مشابهة منشورة على موقع Pinterest

وللتأكد، قامت “إيكاد” بتحليل صورة “ليفي” يدويًا، ليتبيّن أن هذه الصورة مصطنعة، ولا وجود لهذا الشخص في العالم.

وخلص التحقيق إلى أن هذه المعطيات تعني أن هذه اللجان تقوم بخلق شخصيات متعددة بتاريخ وهمي ولكنه مدروس، ترسم تاريخًا لها، وتخصصًا، وأبحاثًا، وصورًا وهمية، وتقدمها للمغردين على أنها شخصيات حقيقية، فيكون لرأيها وزن أكبر، ثم تقوم بضخ تفاعل ضخم وهمي عليها.

واعتبر التحقيق أن هذه الطريقة في صناعة الشخصيات وترويجها رصدتها “إيكاد” سابقًا في اللجان الإسرائيلية المصرية، مثل “سام يوسف” و”كريم جاهين”، اللذين كُشفت حقيقة شهاداتهما وتخصصاتهما سابقًا.

وأظهرت نتائج التحليل الرقمي للجان تويتر، أنها تتطابق بشكل شبه مطلق مع الحسابات التي نشطت على فيسبوك ويوتيوب كذلك.

فتحليل حسابات فيسبوك أظهر أنها ما بين 16 ألف و17 ألف حساب منها، وهمي يعمل ضمن اللجنة الإسرائيلية منذ التطبيع، تكرر كتابة الجمل ذاتها، ونشطت في شهر غشت 2022.

لكن اللافت في حسابات اللجنة على فيسبوك، أنها حملت هويات مختلفة في الماضي، ثم غيرتها لهويات مغربية، فأحد الحسابات كان قبل أشهر حسابًا هنديًا هندوسيًا، أما الحساب الآخر فكان صينيًا، وثالث كان باكستانيًا، كلهم غيروا هوياتهم لهويات مغربية، وبدأوا بالنشر على أنهم أشخاص مغاربة.

أما تحليل يوتيوب فقد أظهر النتائج ذاتها؛ وهي أنها لجان إلكترونية، لكن ما لفت انتباه التحقيق أكثر كانت عدة حسابات بعينها، أحدها حساب يُدعى “أحمد الحمادي”، وخلال شهر واحد فقط غيّر هويته.

تأجيج الفتنة بين المغرب والجزائر

وزعم حساب “الحمادي” أنه مغربي، مهاجمًا الجزائر في عدة بوستات منشورة، ليغيّر هويته بعدها، ويصبح جزائريًا ينتقد المغرب وتطبيعها.

وكشفت “إيكاد” أن حالة “الحمادي” هذه ليست فردية، بل تكررت على طول التحقيق، راصدا حسابان آخران متشابهان في الأسماء والبروفايلات، أحدهما مغربي يهاجم الجزائر، والآخر جزائري يهاجم المغرب، وقد أظهر تحليل نشاطهما أن من يديرهما جهة أو شخص واحد.

التحليل الرقمي لهذه اللجان بيّن ما هو أخطر، يقول التحقيق، فمن خلال مراجعة النشاط الرقمي للمغاربة على منصات التواصل قبل ظهور هذه اللجان أواخر 2020، لاحظ التحقيق أن معظم النقاشات كانت حيادية، وأن الملفات التي تؤجج العنصرية اليوم لم تكن تلقى صدى وتفاعلًا واسعًا.

لكن مع ظهور هذه اللجان، بدأت العنصرية تجاه الجزائريين تطغى على النقاش، وبدأ الحديث عن التقارب المغربي الإسرائيلي بالسيطرة على ساحات النقاش الرقمية.

وأشار التحقيق إلى أن اللجان ذاتها التي تهاجم المقاومة الفلسطينية اليوم، هاجمت الجزائريين قبل سنوات، وروّجت للتطبيع والتقارب الإسرائيلي المغربي، وأجّجت الفتنة والعنصرية لسنوات.

وخلص التحقيق إلى أن هذه اللجان ليست إلا جزءًا من عمل منظم أكبر، تكشف “إيكاد” فصوله شيئًا فشيئًا، بعدما كشفت قبل عدة أشهر عمل اللجان الإسرائيلية المصرية، وبعدها اللجان الإسرائيلية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • زيان يونس
    منذ 7 أشهر

    ضد الكيان الصهيوني، وبهذا اكون ضد التطبيع.

  • حسن الودادي
    منذ 7 أشهر

    أعتقد أن من علق باسم مغربي يسبح ضد التيار المغربي الذي عبر عبر مسيرته المليونية انه ضد التطبيع

  • غزاوي
    منذ 7 أشهر

    مجرد تساؤل. ما هي ثمار التطبيع !!!؟؟؟ جاء في المقال ما نصه: "وفي التفاصيل، رصد فريق “إيكاد” عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تغرد باللغة العربية منتقدة المقاومة وداعمة لتل أبيب، تُعرف نفسها بأنها مغربية، وتغرد من المغرب. " انتهى الاقتباس

  • مغربي
    منذ 7 أشهر

    بعد إتفاقيات التطبيع الموقعة أمام جلالة الملك نحن الشعب المغربي مع مصالح المملكة المغربية و العلاقات مع إسرائيل أولوية قصوى، ومن المعلوم أن جريدة العمق مقربة من المصالح القطرية. ولكن أجزم لك أن تلك الحسابات هي لمواطنين مغاربة 100% الذين يؤيدون سياسة جلالة الملك والذين يقفون ضد أعداء الوطن. من جماعات إيران التي مولت ودربت البوليساريو كحزب الله و إيران دون أن لا ننسى المواقف العدائية الأخيرة لبعض قياديي حماس ضد المغرب. وفي المقابل نجد إعتراف دولة إسرائيل العظمى ومن طرف السيد نتنياهو شخصيا بالوحدة الترابية للمملكة. فلا تظنو أن الاصوات المغربية الداعمة لإسرائيل لا توجد بالمغرب، صوتنا يعلو في العالم الإفتراضي حيت لا أحد يهددنا في حياتنا من الإرهابيين.