مجتمع

“طوفان أبيض تحت الأمطار”.. طلبة الطب والصيدلة يتظاهرون أمام البرلمان (فيديو)

تظاهر الآلاف من طلبة الطب والصيدلة، في وقفة احتجاجية حاشدة أمام مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط، مساء اليوم الجمعة، قادمين من مختلف كليات الطب والصيدلة الـ11 بالمملكة.

ورفع المحتجون الذين لم تمنعهم الأمطار الغزيرة من التظاهر، شعارات غاضبة تندد بوضعيتهم التي يصفوها بـ”الكارثية”، مطالبين وزارتي التعليم العالي والصحة بالتحرك سريعا للاستجابة لمطالبهم.

يأتي ذلك بعدما أعلنت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة عن تنظيم مسيرة وطنية “بيضاء”، مساء اليوم الجمعة، انطلاقا من أمام مقر وزارة الصحة صوب ساحة البرلمان.

وأوضحت اللجنة أن هذه المسيرة الوطنية تأتي “رفضا للوضعية الكارثية التي يعيشها الطلبة داخل منظومة التكوين الطبي والصيدلي بالكليات العمومية بالمغرب”.

وكانت اللجنة المذكورة قد أعلنت عن نجاح المقاطعة المقررة للامتحانات بنسبة 100%، بكافة كليات الطب والصيدلة العمومية الإحدى عشرة.

واعتبرت أن نسبة المقاطعة تعد سابقة في تاريخ الجامعات المغربية من حيث عدد الكليات المنخرطة ونسبة النجاح، مذكرة بأن “نضالها تحركه غيرتها ودفاعها عن جودة التكوين في ظل ما أسمته السياسات العشوائية المتخذة”.

وأوضحت اللجنة أن “مقاطعة الامتحانات جاءت بعد تعبير الطلبة عن رفضهم بالإجماع المطلق لمقترح كانت وزارتي الصحة والحماية الاجتماعية، والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، قد تقدمتا به”.

تفاعل الوزارتين

وفي رد الفعل الرسمي، دعت وزارتا التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والصحة، طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان المنقطعين عن الدراسة إلى استئناف تكويناتهم واجتياز امتحاناتهم لإتمام السنة الجامعية في أحسن الظروف، مؤكدتان أن باب الحوار يبقى مفتوحا قصد التفاعل الإيجابي مع المقترحات التي تصب في تجويد التكوين الطبي.

واستعرضت الوزارتين، في بلاغ مشترك توصلت به “العمق”، عددا من الإجراءات التي قامت بها الحكومة في مجال التكوين الطبي، منها تحيين دفتر الضوابط البيداغوجية لدبلوم دكتور في الطب من خلال تخفيض مدة الدراسة للحصول على هذا الدبلوم من 7 إلى 6 سنوات، دون أن يتم المساس بالوضعية القانونية والعلمية والاعتبارية لهذا الدبلوم.

وأضاف البلاغ، أن وزارة التعليم العالي “حرصت على إشراك جميع المتدخلين في بلورة تصور شامل يروم تطوير التكوين في الميدان الطبي، جرى عقد عدة اجتماعات أيام 5 و12 و16 و17 و20 دجنبر 2023، مع ممثلي طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، تهدف إلى تقديم جميع الإيضاحات المرتبطة بالإصلاح الشامل للتكوين الطبي من جهة، ودراسة مطالبهم والعمل على تلبيتها من جهة أخرى”.

وحضر هذه الاجتماعات، يضيف المصدر ذاته، ممثلون عن وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة، وكذا عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان وممثلون عن طلبة هذه الكليات.

وسجل البلاغ أن “الوزارتين لم تدخرا أي جهد في تجويد التكوين الطبي إذ استجابت لأكثر من 95% من المطالب التي قدمها الطلبة”، مشيرا إلى أن ممثلي الوزارتين سيواصلون “الجهود لتلبية باقي المطالب حسب الإمكانيات القانونية والمالية واللوجسيتيكة.

في السياق ذاته، أشار البلاغ إلى أن وزارتا التعليم العالي والصحة، “تعملان على وضع اللمسات الأخيرة للإعلان عن التكوين في السلك الثالث للدراسات الطبية في صيغته الجديدة، انطلاقا من توحيد الوضعيات القانونية للأطباء للمقيمين مع العمل على الحفاظ على المكتسبات ومراجعة مدة الالتزام نحو تخفيضها، وذلك بإشراك الأساتذة الباحثين والطلبة”.

في غضون ذلك، عملت الحكومة، وفقا للبلاغ، على “رصد إمكانيات مالية وبشرية مهمة تروم بالأساس تحسين التأطير البيداغوجي من خلال الرفع من عدد الأساتذة الباحثين لكليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان التابعة للجامعات العمومية بتخصيص أكثر من 1900 منصب مالي، وتطوير كيفيات التحصيل بإدراج التعلم عبر المحاكاة لتطوير المهارات العملية وإعداد موارد رقمية تسهم في فهم أفضل للمفاهيم والمعارف الطبية”.

كما قامت باستكمال تجهيز كليات الطب والصيدلة وطب الاسنان بالوسائل الديداكتيكية الضرورية بتخصيص ميزانية تفوق 1.7 مليار درهم برسم الفترة الممتدة من 2022 إلى 2026، وتحسين ظروف متابعة الدراسة، علاوة على تفعيل عمل اللجنة المشتركة الاستشفائية الجامعية (Commission Hospitalo- Universitaire) للإشراف على التداريب سواء في الشق المتعلق باعتماد الفضاءات الملائمة لتمكين الطلبة من القيام بتداريبهم، أو الشق البيداغوجي المرتبط بالتأطير، يضيف البلاغ ذاته.

مطالب المحتجين

بالمقابل، تقول اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، إنها “ستواصل المسلسل النضالي الذي يقوده طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بكل مسؤولية وحس وطني ثابت، من أجل صحة المواطن المغربي”.

وأضافت في بلاغها، أن “هذا المسلسل النضالي يأتي تعبيرا عن سخط الطلبة، في ظل تراجع الوزارتين الوصيتين عن الحوار ونهج سياسة الآذان الصماء والمماطلة، بدل الاستجابة المستعجلة والجادة للملف المطلبي المشروعة ليعود الطلبة لمكانهم المعهود بمدرجات الكلية والمستشفيات الجامعية”.

وأوضحت أنه “بعد شهر من دخول طلبة الطب والصيدلة بالكلية العمومية بالمغرب في إضراب مفتوح، شمل الدروس النظرية والتداريب الاستشفائية، وبعد تسطير عدة خطوات نضالية من وقفات احتجاجية محلية ووطنية، قامت الوزارتان الوصيتان بطرح مقترح محضر اتفاق مبني أساسا على وعود تم تقديمها في اجتماعات سابقة دون العمل على تنزيلها بشكل فعلي، وتجديد إعطاء أسقف زمنية لا تخرج للأسف من إطار مقاربة التأجيل الممنهجة منذ سنتين”.

وتابع المصدر أنه “على الرغم من ذلك، وفي إطار جدية الحوار الذي ننهجه في اللجنة الوطنية، فقد تم طرحه للمناقشة بطريقة حيادية ومسؤولة في الجموع العامة الطلابية، حيث عبر الطلبة عن رفضه بالإجماع المطلق، لتلحقه مقاطعة ناجحة لامتحانات الأسدس الأول بنسبة 100% بكافة كليات الطب والصيدلة العمومية الإحدى عشرة، والتي تعتبر سابقة في تاريخ الجامعات المغربية من حيث عدد الكليات المنخرطة ونسبة النجاح”.

ودعت اللجنة، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار، إلى الإستجابة الكاملة للملف المطلبي الذي قدمته اللجنة الوطنية، وتقديم حلول ملموسة وواقعية قصد الخروج من هذه “الأزمة” التي يعيشها الطلبة وأهاليهم.

يذكر أن القرار الوزاري القاضي بتقليص سنوات التكوين الطبي من 7 إلى 6 سنوات والرفع المستمر من عدد الوافدين الجدد وجودة التكوين، إضافة إلى انعدام معطيات قطعية ورسمية بخصوص السلك الثالث، وأي التزامات مباشرة ومحددة بخصوص الوضعية الاجتماعية والمادية للطلبة، هي أبرز نقاط الملف المطلبي الذي يرفعه المتضررون.

وبشأن مطالب اللجنة، سجلت رئيسة مجلس طلبة الصيدلة بكلية الطب والصيدلة بالرباط، إيمان أيت بن عمرو، وجود اكتظاظ مهول لأعداد الطلبة الوافدين، ليساوي ضعفي أو ثلاثة اضعاف العدد المقرر، “دون مراعاة احتياجات هذا العدد على كافة مستويات التعليم والتكوين والتدريب واللوجستيك، لا سيما في السنوات الأربع الأولى على اعتبار أنها أساس لكل صيدلي ناجح”.

وأضافت بن عمرو، في تصريح سابق لجريدة “العمق”، أن التداريب الاستشفائية تتم دون وجود مؤطر، وتسفر أحيانا عن مشادات مع ورؤساء مصالح المراكز الذين يبدون استغرابهم من وجود طلبة الصيدلة وعن دعوى وجودهم بالمركز، وهو الأمر الذي يضع الطالب في موقف محرج وأحيان حاط بالكرامة، لاسيما في ظل غياب تأطير مهني واقتصار دور الطالب على جمع العلب الفارغة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الحليم المهاجر
    منذ 3 أشهر

    مادمتم تمسحون معظم التعاليق فنحن بدورنا أخذنا عهدا على ألا نتصفح جريدتكم مرة أخرى الرأي والرأي الآخر مجرد كذبة!!؟