وجهة نظر

الخطابي.. رجل من طينة خاصة

خلد المغاربة في الأيام القليلة الماضية ذكرى وفاة رجل من رجاله العظام، الذي دفع عن بلاده وعن وطنه وقومه حتى أخر يوم في حياته ، وهذا الرجل لم يكن يهمه لا سلطة ولا جاه بل كان همه هو إصلاح بلاده و تنويرها و أن تصبح مثل الدول المتقدمة آنذاك، انه البطل سيدي محمد بن عبد الكريم الخطابي.

هذا الرجل الذي كون جيشا من الريفيين الذين خبروا الجبال و صعوبتها ليقفوا سدا منيعا أمام غطرسة الاستعمار الإسباني و أن يشكلوا خطرا حقيقا على الاستعمار الفرنسي ، مما جعل هذا الأخير أن يتحالف مع اسبانيا للوقوف أمام هذه التجربة الشعبية التي يقودها محمد بن عبد الكريم الخطابي ، والغريب في الأمر أن البيئة الريفية قبيلة ظهور الخطابي كان يغلب عليها التطاحن و التفرقة بين القبائل ، والعادات السيئة من ثأر وحروب على ابسط الأشياء كما تذكر مجموعة من الدراسات التي درست المجتمع الريفي قبيل ظهور التجربة الخطابية ، إذن كيف استطاع محمد بن عبد الكريم أن يوحد هذه الجهود لخدمة الوطن ؟ وما هو الأسلوب الذي استعمله لاستمالت الشعب الريفي ؟ .

بعد عودة الأمير من اسبانيا أول فعل قام به هو مرافقة والده إلى الأسواق لتذويب الصراع القائم بين القبائل لمواجهة العدو. و نعلم أن محمد بن عبد الكريم تربى تربية دينية فهو استفاد من قراءة التاريخ الإسلامي وخاصة السيرة النبوية ، إذا أردنا أن نشبه ما قام به محمد بن عبد الكريم الخطابي في توحيد الريفيين فهو يشبه بكثير ما قام به الرسول عليه الصلاة والسلام بعد مؤاخاة الأوس و الخزرج.

محمد بن عبد الكريم استطاع أن يؤاخي بين القبائل ويوجد التحالف الضروري، ولم يقتصر على قبيلة بني ورياغل والأفخاذ المنتمية لها، وإنما بين القبائل الريفية كلها . لأنه كان يعلم أن الحرب مع الاسبان ليست سهلة و كذلك استفادته من تجربة سيدي محمد امزيان بسلبياتها و ايجابيتها.

وهكذا استطاع ابن عبد الكريم القضاء على هذه العادات السيئة، وجمع شمل القبائل الريفية. لكن الصعوبات لم تكن لتنتهي، فقد لقي زعيم الريف صعوبة كبيرة من أجل كسب ثقة القبائل الريفية. وبعد توحيد الجهود قام محمد بن عبد الكريم بتأسيس أول قيادة جماعية بتاريخ 20 ـ 09 ـ 1920 ،مكونة من 38 شخصية، أغلبهم من أعيان قبيلة بني ورياغل، وتعاهدوا بأداء اليمين على المصحف، وعلى : – الدفاع عن الدين والوطن والشرف إلى الموت. -عدم إثارة الضغائن وعدم اللجوء إلى الحرب والثأر مهما تكن الظروف والملابسات. – الالتزام بتنفيذ الأحكام الشرعية في كل الأحوال.

بعدها قام ابن الخطابي بتوحيد صفوف المجاهدين، وتشجيعهم على الجهاد وكشف لهم كيف أن إسبانيا لم تكن تريد الخير للمجتمع الريفي، وأنه لم يكن لهم الخير إلا في الجهاد ضد الاسبان. وهنا استعمل الدين في حشد المجاهدين إلى صفه. تقول مادرياكا أن ابن عبد الكريم ” يستعمل الدين لنشر التعصب” كما أنه يعتبر الجهاد واجب مقدس ضد الكفار، وبهذا التصرف الذي قام به محمد بن عبد الكريم قامت اعظم ثورة جهادية لمواجهة الاسبان وجعل الريفيون و المغاربة يدخلون التاريخ من بابه الواسع ، محمد بن عبد الكريم استفاد من التاريخ وا ستفاد من الظروف الطبيعية لمواجه الاحتلال الاسباني ، واصبح بطل اسلامي يفتخر به العالم الاسلام خاصة بعد المعارك الني انتصر فيها على الاسبان.

ــــــــــ

المراجع

– الادريسي علي ، عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر، منشورات تفرازناءريف ،الطبعة الثانية ، 2010 ، مطبعة النجاح، ص 41.
– كونزرودبيرت و دييتمر مولر رولف ، حرب الغازات السامة بالمغرب عبد الكريم الخطابي في مواجهةالسلاح الكيميائي ، ترجمة عبد العالي الأمراني ، منشورات فيدباك ،الطبعة الاولى الرباط 1996 ، ص 48 .
– لبوعياشي احمد ، حرب الريف التحريرية ومراحل النضال ، الجزء الثاني ، نشر عبد السلام جسوسوسوشبريس ، مطبعة دار أمل ـ طنجة ـ ، ص 61
– الوزاني محمد حسن، مذكرات حياة وجهاد التاريخ السياسي للحركة الوطنية التحريرية المغربية 2 حرب الريف، الناشر مؤسسة محمد حسن الوزاني مطبعة المتوسط بيروث 1982.

– دي مادارياغا ماريا روسا ، في خندق الذئب معارك المغرب، ترجمة دة : كنزة الغالي ، تقديم : عبد الغني ابو العزم ، مؤسسة الغني للنشر، طبعة دار ابي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الاولى 2010
– المساري محمد العربي، محمد بن عبد الكريم الخطابي من القبيلة الى الوطن، الناشر المركز الثقافي العربي الدار البيضاء _المغرب الطبعة الاولى 2012
– روسا ذي مادارياكا ماريا ، محمد بن عبدالكريم الخطابي والكفاح من أجل الاستقلال ، ترجمة محمد أونيا ، عبدالمجيد عزوزي ، عبدالحميد الرايس ، النشر تيفراز ن ءاريف ، الطبعة الأولى 2013 المطبعة النجاح الجديدة