وجهة نظر

لا شأن لنا بكفاءات لا تغير حياتنا

كنت قد صادفت فيديو منذ سنتين تقريبا عرف انتشارا واسعا ،الفيديو لمداخلة نائبة عن الاتحاد الدستوري في البرلمان،الجميع أعجب بلغتها العربية الفصيحة البليغة وبتمكنها من تقنيات التواصل والخطابة ،استغربت حينها كيف يمكن ان يختزل السياسي في لغته وكفاءاته التواصلية أو حتى شهاداته الجامعية فما كان يهمني من مداخلتها وبغض النظر عن سطحيتها هو انحيازاتها أو انتماؤها بكلمة واحدة مختصرة ..

اليوم ومع الضجة التي اثارتها مداخلة الوزيرة المكلفة بالسياحة فمايعنيني هو الجوهر نفسه ،فمهما كان سبب ارتباكها ،عدم قدرتها على التواصل بالعربية لانها ابنة المدرسة الفرنسية أو احتكاكها لاول مرة بالمؤسسة النيابية او حتى عفويتها و انوثتها الطفولية ،اهم ما في الصورة كلها هو انتماؤها ،الانتماء بمفهومه الكبير.

إننا نقسو على وزراء ونواب العدالة والتنمية لأنهم يروجون لانفسهم على انهم من الشعب والى الشعب ،يجلسون على الرصيف ويأكلون بايديهم دون استعمال الشوكة والسكين ويتحدثون بالدارجة والعربية حتى يصل الامر الى بعض الفلتات، لكنهم اثبتوا بسياساتهم طوال الولاية السابقة ان انحيازهم الحقيقي ليس للشعب بل لتنظيمهم و طمعهم في السلطة ومشروعهم الذي اثبت فشله على تقديم البديل للشعب المغربي ،وحين سخرنا من الخلفي عندما تلعثم بفرنسية هجينة في حديثه مع قناة اجنبية فليس لانه كوزير الاتصال مجبر على اتقان جميع اللغات بل لأنه بدا هزيلا ضعيفا كمتحدث باسم المغرب امام ماما فرنسا ..

ولقد قسونا قبل ذلك على وزراء ونواب الاتحاد الاشتراكي الحزب الذي شكل لمدة طويلة اكبر قوة سياسية في المغرب والذي ضم بين جناحيه كفاءات عالية ومفكرين ومثقفين كبار فقط لانهم خانوا طموح المغاربة في تحقيق احلامهم الكبرى ،لانهم خانوا سنوات الرصاص ،خانوا رطوبة الزنازين ودماء الشهداء ..

وعندما يتعلق الأمر بوزيرة حزب الحمامة ،اقصد حزب الحمائم الذين يولدون وفي فمهم معالق من ذهب ،يدرسون في أرقى المدارس ويسكنون في أبهى الفيلات فلابد ان نكون اقسى وأقسى …

سأتفهم ارتباك الوزيرة الجميلة الانيقة كثيرا ولن ينتقص هذا من كفاءتها لكنني لن اغفر لها ابدا ان هي لم تكن على علم بان هناك في اعالي الجبال وشواطئ البحار وفي الصحراء الممتدة سيدات كادحات فقيرات لم يلجن المدرسة قط لكنهن يمتلكن مواهب يمكن ان تنقذها برامجها في وزارة السياحة اذا ما اهتمت بالسياحة الطبيعية ،لن اغفر لها ان كان كل ما يهمها هو توفير الظروف للفنادق المصنفة للربح اكثر وللسواح كل الرفاهية بينما لا تهتم بمدى التغيير الذي سيطرأ على حياة ابسط عامل في قطاع السياحة.

وأما النائبات اللاتي حولن قبة البرلمان لساحة للغمز واللمز فكنت سأحترمهن لو غضبن بالفعل وصرخن باعلى صوتهن لكل ما قد يمس مستقبل المغاربة ..

هذا هو الانتماء الذي أتحدث عنه وتلك هي الكفاءة الوحيدة التي نحتاجها من سياسيينا، الانحياز الكامل للشعب المغربي ولمصالح الشعب المغربي في كل كلمة ينطقون بها حتى لو كانت ميمية في كل مشروع يفكرون فيه حتى لوكان أين سيضعون كرسي مكتبهم، نحن ننتظر منهم أن ينتبهوا أن ساحة الحمام أمام قبة البرلمان قد هجرها الحمام لتحتلها احتجاجات كل الفئات المهمشة والمخنوقة.. وما عدا ذلك فليتكلموا كما شاؤوا فلا شأن لنا بمهازلهم.