منتدى العمق

بردة الفاتحين وفستان المحتلين

خيوط التحرير أشد قوة

في معركة الأمة مع الاستكبار العالمي خصوصا مع روحه المتحركة المشخصة في الصهيونية، يجنح الرجال والأحرار الرواد إلى لباس ثوب الرجولة والتحرير والتغيير والتجديد، ويبادرون إلى صناعة خيوط اقتحام العقبة والرباط بكل أنواعه نسيجه وكتانه الرباطية المعرفية والإيمانية والجهادية، انطلاقا من محاريب صلاح الدين الأيوبي، وزوايا الأقصى العلمية التربوية، ومصاطب العلم الجهادية، وأنفاق الآفاق السامقة المجاهدة، ومعهم أحرار العالم والأمة والصفوة وصفة الصفوة من الأمة صفا واصطفافا علما ومعرفة وحركة دؤوبا، لاستكمال ثوب جديد ومتجدد سينهض ساعة ليحسم في معركة الحسم مع العدو في الوعد الآخر.

هذا الثوب التحريري القيادي خيطه لن ينفصل وغرزه الحديدي لن يصدأ، لأن أصحابه يربطون خيط الأرض بالسماء يجمعون بين روح الإسراء والمعراج، بين الإيمان المربي والعلم المنظم والجهاد التغييري التحريري.

هكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا تعلموا الخياطة التي معناها النصح والنصيحة من رجال الفتح والعلم والنصح، تعلموا الشدة والتخطيط ومواجهة العدو دون خنوع أو تفاوض على أرض.(الخياطة في اللغة هي النصيحة ، خاط الشيء أي نصحه وسد ثغره. ) .

لباس التحرير وفستان الأساطير
صناع التحرير طموحا وهمة في الأرض المباركة وأكنافها و خارجها مشرقا ومغربا هم صناع الفعل الحقيقيون، يبتكرون ويبدعون في مواجهة ومناجزة العدو لتحقيق العدل في الأرض واسترجاع حق لا ينسى، ليس فقط من أجل استرجاع أرض مباركة مقدسة لأصحابها بل لأنها أرض مباركة لكل أصقاع الأمة، ووصية قرآنية ونبوية تفيض بالبركة على الأمة في حال تحريرها.

صناع التاريخ والتحرير في بيت المقدس والأمة بشبابها ورجالها وأحرارها وروادها يصنعون الحاضر ويبنون التاريخ والمستقبل، ويقرؤون التاريخ قراءة إيمانية من أعاليه لمعرفة كيفية رسم الخطة الاستراتيجية لمواجهة داء الأمة الممثل في الصهيونية والكيان الصهيوني وأحجامه الغربية والعربية الديكتاتورية.

هؤلاء الرجال والرواد في حاضرنا وفي غد قريب يجعلون الصهاينة يتخبطون صرعا ويكذبون خبلا وألسا، وتتسرب خيوط أحلامهم التي نسجوها من خلال فستان الأساطير التوراتية الصهيونية يوما بعد يوم، مما يجعلهم ينفعلون ويتعاملون برود فعل تقربهم من مصير نهايتهم.

فساعة يودون استعادة ثقتهم بنصرهم الزائف ودخولهم الأقصى عبر الاقتحامات، وساعة يحبون إعادة حقيقتهم الزائفة بقتل الشباب المنتفض تعبيرا عن انتصارهم، وساعة بإحراق مساجد بل وأطفال وأسر، وساعة يودون تقوية شوكة يقينهم الكذوب عبر استيطان جديد وخلق أساطير احتلالية جديدة، وساعة يصعدون المنابر الفنية والإعلامية عبر لوحات غير فنية ليعلموا العالم أن القدس عاصمتهم، لكنه ثوب فان قائم على الأسطورة والكذب والبهتان ليس إلا.

هي في حقيقة الأمر وفي ميزان المعركة ردود أفعال واهية جبانة تريد استفزاز الأمة وتضعف يقينها وعقيدتها بنصر الله، وفي نفس الوقت هي ردود فعل لتقوية أحقية أساطيرهم التي تذبل كل يوم وتندثر بسبب مقاومة الانتفاضة ورباط المرابطات للأقصى، واصطفاف الأمة الذي لم ينقض أجله ومدده.

وأقول أن خيوط الصهاينة الافترائية المزيفة وأثواب بؤسهم المرقعة المهترئة المفضوحة ستصير ولو بعد حين خرقة تباع في أسواق النخاسة، هذا إن قبلت في السوق ..

معادلة صناعة الفعل وردة الفعل
الرجال الاقوياء في معركة تحرير بيت المقدس والأمة هم الذين يصنعون الفعل ولا يتوقفون ثانية عن صناعة ثوب التحرير في فلسطين وغير فلسطين بأصابعهم المشتبكة المربكة لأحوال الصهاينة الذين يجبنون ويفزعون يوما بعد يوم، فيردون برد فعل اشمئزازي ويعبرون عن حالتهم النفسية بردود فعل واهية دالة على جبنهم.

أما الرجال اللاملتفتوناللامبالون فهم صناع الفعل يدهشون العالم ببسالتهم ومعرفتهم المتجددة في مداخل الجهاد والتحرير بدء من “عمارة الأنفاق الحضارية ” إلى نشر المعلومة في الآفاق والتوعية بالقلم والحركة .

هكذا تعلمنا وعلمنا الرجال من الرعيل الخالد من الصحابة رضي الله عنهم، كانوا أنموذجا حيا مجددا متجددا لأمة تريد التعلم والتربية الشمولية على الخياطة الجامعة بين المجاهدة الإيمانية والمعرفة العلمية والقوة الحركية الصانعة لتصير من المشرق إلى المغرب حبلا متينا لا تنفصم عراه ولا تنته خطاه..

رواد التحرير صناع الفعل والتاريخ هم صناع الخيط الرصين المتين الذي لا تنفصم عراه ولا تنته مناه، يبدعون ويجعلون العدو يرد برصاصة أو تصريح جبان، أو تمزيق وثيقة، أو زيارات لحكام عرب أو حتى عشائر، أو ترقيع فستان أو اقتحام للأقصى، أو منع آذان، أو اعتداء على مرابطات وحراس.
كلها ردود فعل تقرح و تطرح فالمسبب لها هو صانع الفعل وما أفعالهم الدنيئة المجرمة إلا ردود فعل، وعبارة عن أمراض نفسية متأزمة عفانا الله منها.

خيوط الأنفاق والآفاق
الرجولة الصانعة هي التي لا تلتفت ولا تنجر مع الأحداث، بل صناع الحياة والتاريخ والأمة لا تكل سواعدهم في عملية طرز الأرض أنفاقا تلوى الأنفاق، حتى صارت الأرض من تحت غزة قصورا ورياضا.

ليس الأصل بشكل عمرانها الأرضي التحتي بل لمضمون مبناها وسبب تشييدها، لأنها أنفاق يجاهد فيها المجاهدون رباطا وثغرا، وهي دور ومدارس لله يذكر فيها اسم الله ويقام فيها الليل ويصام فيها في سبيل الله وقوفا على ثغر المسلمين وفلسطين.

فكلما خاط الرجال أنفاقا في أرض فلسطين بذكر الله ولذكر الله وإعلاء كلمة الله، زادت الأرض زخرفا وصارت حية متجددة بتجدد وظيفتها التي صنعت من أجلها تحت شعار “الأنفاق؛ لمقاومة أرباب النفاق”.

ولا ننسى سواعد أخرى تصنع أثوابا من نوع آخر بإبر راقية، وأقلام سامقة، ورؤية آفاقية مستقبلية واضحة، وهمة رجال العلم وأساتذة التدريس لصناعة شباب يطمح لاستكمال مشروع التحرير في الآفاق.

فرغم ردة فعل المحتل وتدمير البنيات بعد فعل سجيل والعصف والفرقان، يفرش الرجال أثوابا من الخيم في أرض غزة، يعلمون الأولاد والبنات ويربون الأجيال تحت ركام المنازل المهدمة ، فلما أتيت لحضور حالهم ومشهدهم. .
قلت لهم : والله أنتم الصالحون تنسجون الحياة بلحن الحياة وتطرزون مستقبلكم ونصركم بغرز القلم ولون المداد. .

كيف فتح عمر بيت المقدس بثوبه؟
في الوقت الذي تتبجح فيه الصهيونية بأثوابها وفساتينها البالية المهترئة القائمة على الأساطير والافتراءات والأكاذيب حول فلسطين وتاريخ فلسطين وبيت المقدس في المحافل الدولة والفنية والإعلامية، يأتي ثوب التحرير الأول، ثوب المحررين الأوائل، ثوب الفاتحين من الرجال العظماء من رجال الخلافة الراشدة، ثوب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكشف زيف الرواية التوراتية الصهيونية المغرضة ليربهن جليا أن هندام وثوب تحرير بيت المقدس هو ثوب نقي للمسلمين والأمة، وخيط سليم لا تطمس هويته طمسا وطرسا، شهد به قساوسة ورهبان النصارى أثناء الفتح الأول لبيت المقدس.

يأتينا ثوب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رغم تواضعه ورقعه وصفته بالبردة ليقول لنا ، أن عمر بن الخطاب رضي الله الرجل الثاني في الصحبة النبوية قد حرر بيت المقدس بعلم ومعرفة ودليل غيبي حفظه النصارى في بيت المقدس حين أعلنوا أن صاحب سبعة عشر رقعة هو الفاتح الذي ذكر في كتبهم ..

قال بطريرك النصارى : لن أعطي المفاتيح إلا لرجل ذكرت أوصافه في كتبنا.

لكن ما سر هذا الثوب ؟
الشأن والسر لم يكن في الثوب بل في حامل الثوب والذي يرتدي الثوب ويحمله على أكتافه، فكان شرف الثوب والرداء بشرف الحامل والصاحب والرشيد والفاتح والصاحب للنبوة.
الثوب الذي فتح به عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس ليس هو الثوب المادي المصنوع من الكتان أو الصوف، بل هو اللباس المعنوي النفسي الايماني، هو لباس التقوى ولباس التواضع والمرحمة والذلة على المؤمنيين و المحبة والنصرة للمستضعفين، ممزوجة بالشدة على المستكبرين ومواجهة المبغضين .

خاتمة عمرية
لذلك يأتي ثوب التحرير والثوب العمري ليقول لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح بيت المقدس ببضع عشرة رقعة ودابة وغلام.
عجبا بضعة عشرة رقعة فتحت بيت المقدس، وهي الرقع التي حفظت بيت المقدس بعد ذلك وساهمت في تمكين أهل الذمة من العهدة العمرية التي حفظت لهم الأمان ومنحتهم الحقوق.
ويأتي ثوب عمر ليرثه الفاتحون بقوة وفهم بعده أمثال نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي رحمهما الله ليلقنوا الصليبية المتعجرفة درسا لن تنساه لما خرجت تجر أذيال الخيبة في معركة حطين.

ويأتي ثوب عمر ليرثه الفاتحون المعاصرون الجدد ولباسهم لباس التقوى والإيمان واليقين المزركش بالتصديق بوعد الله وبشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرثوه ورثة هم عباد لله لا يخافون في الله لومة لائم.

قد ورث الثوب والبردة المرقعة رجال التحرير الجديد والتجديدلبيت المقدس وأكنافه وخارجه من رجال عصرنا وزماننا لمواجهة العدو الصهيوني المحتل بصحبة أحجامه العالمية العربية الديكتاتورية والغربية الدوابية.

لذلك نقول كلما تبجح الصهيوني الجبان بفساتينه الأسطورية وأثوابه البالية الزائفة التي تفتقد الشرعية والهوية إلا وظهرت أثواب الفاتحين ناصعة قوية البيان والبنيان، قوية الهوية والعقيدة والمعرفة والحركة لتقول : خيوط فساتين الصهيونية لم تصنع إلا من بيوت العنكبوت الوهنة، و خيوط أسطورة ما تسمى “دولة إسرائيل” التي نسجت من نفس الجنس هي خيوط مصيرها الفناء و الزوال والطرس بسبب خبل وهبل وجشع صانعها الذي لم يتعلم يوما صنعة اللبوس الحقيقي الذي دخل به الفاتح عمر بيت المقدس فاتحا صادقا مصدقا مرابطا.

من أجل ذلك فليعمل العاملون، وجعلنا الله وإياكم ممن يرثوا بردة عمر المرقعة فهما أنها بردة لباس التقوى، بردة الذلة على المؤمنين ونصرة المستضعفين والشدة على المحتلين والمتجبرين.