مجتمع

زوان: كان حلمي أن أصبح قاضية .. وظروف غيرت وجهتي صوب الصحافة

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون “في عمق” المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.

التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.

في الموسم الثاني من هذه السلسلة التي فتحت من خلالها جريدة “العمق” منذ رمضان الماضي بابا للبوح لثلة من الزملاء الصحافيين، تستضيف الجريدة في الحلقة الثانية لهذا الموسم الصحافية يجريدة “المساء” حسناء زوان.

ما الذي تذكرينه من طفولتك؟

لي ذكريات جميلة جدا بصمت طفولتي، ولا زالت محفورة في الذاكرة. أنا عشت طفولتي الأولى ببادية أولاد حدو في بيت جدتي، رغم أني ولدت بدرب الطليان بالدار البيضاء.
في تلك المرحلة البعيدة من حياتي تعرفت عن قرب على”الخيمة”، “الكاعة”، “النادر”، وكل ما يتصل بحياة البادية. لا أزال أتذكر لحد الساعة تفاصيل دقيقة، رغم بعد المسافة الزمنية، عن تلك المرحلة: جدتي وهي تحلب البقر، وهي تمخض اللبن، وتستخرج منه “الزبدة البلدية”.

لا أزال أتذكرني وأنا أتناول “صيكوك” الذي كانت تقدمه جدتي في “القسرية” الخشبية وأتناوله بالمحار الذي كنا نسميه “البحْرارة”. أتذكر أيضا “سوق الخميس”، الذي كنت أنتظر قدومه بشوق لأحصل على “فانيد فليو” الأخضر، الذي كان يحضره لي جدي، و”حلوة الفرفارة”.

صراحة، كنت في طفولتي ملتصقة بجدي وجدتي ولا أفارقهما إلا والدموع على خدي. كنت أيضا مدللتهما. أتذكر أني رفضت مرافقة أمي إلى بيتنا بدرب الطاليان، فعاقبتني بأن تركتني بدون ملابس، فلم تحتمل جدتي أن تراني عارية، فألبستني سروالها “البلدي” وقميصها.

كيف جاء التحاقك بالصحافة؟

امتهنت الصحافة بعد أن درستها بالمعهد العالي للصحافة والاتصال وتمكنت من تقنياتها على يد أساتذة لازلت أعمل بنصائحهم إلى اليوم، وعلى رأسهم الأستاذ عبد اللطيف أكنوش.

هل كنت تتوقعين يوما أن تصيري صحافية؟

لم يخطر ببالي أبدا ذلك، إذ كان حلمي الكبير أن أكون قاضية، حيث كنت أدرس القانون في كلية الحقوق بالدار البيضاء. لكن الظروف شاءت أن أغير وجهتي صوب الصحافة وأدرسها وأنال دبلوما في هذا المجال سنة 2000.

بعيدا عن الصحافة، ما هي اهتماماتك الخاصة؟

أحرص على تربية صغيري الوحيد صهيب، الذي أخصه بكل وقتي، إلى جانب الرسم على الزجاج والطرز الرباطي، الذي أجيده منذ كان عمري إحدى عشرة سنة، وحاليا أعكف على إعداد مؤلف سيرى النور قريبا.

ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟

أعشق مدينة البيضاء، خاصة المدينة القديمة. وأنا من النوع الذي يشعر بالغربة بعيدا عن هذه المدينة، رغم كل تشوهاتها وصخبها الذي لا يطاق.

ألا تشعرين بالندم أنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟

أبدا، وأحمد الله أني صحافية. مهنة الصحافة ليست بالنسبة لي مصدر رزق، وإنما أيضا وسيلة لأكون صوت الذي لا صوت لهم.

ما رأيك في واقع الصحافة بالمغرب اليوم؟

للأسف، تدهورت كثيرا، وصارت مهنة من لا مهنة له. صارت مهنة لا ترتبط بالكفاءة، بل بأشياء أخرى لا داعي لذكرها.

ألا تظنين أن دور الصحفي ليس هو دور السياسي؟

الصحافي والسياسي والكاتب والمثقف، بشكل عام، شركاء جميعا في مشروع مجتمعي وسياسي، كل واحد منهم وفق المجال الذي يشتغل فيه. ورغم أن بعض الأوساط السياسية تتخذ موقفا سلبيا من الصحافي، عبر عملية شيطنته، إلا أنه يبقى عنصرا رئيسا وصوتا قويا في مواجهة التسلط و”الحكرة” والفساد السياسي والاقتصادي، خصوصا بعدما خفت صوت المثقف، الذي كان سابقا يقوم بهذه المهمة، طبعا مع الحفاظ على حياده، ودون أن يتحول إلى بوق لأي جهة كانت.

هل تفضلين أن يصفك الناس بالصحافية أم بالكاتبة؟ أين تصنفين نفسك؟

أنا أكتب، لكن في مجال الصحافة، وليس في أي مجال آخر. لذلك أصنف نفسي في خانة الصحافي. وحين ستتاح لي الفرصة للكتابة في جنس آخر كالقصة أو الرواية، آنذاك قد أفكر في الأمر.

هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟

نعم، فيما يتعلق بالكتابة الصحافية، لكن خارج مجال الصحافة، لازلت من كتاب يوم الأحد كما يقولون.

ماذا تمثل لك هذه الكلمات؟

الحب: صهيب

الحرية: القلم

الوطن: التراب الذي هو أصل تكويني

ما رأيك في هؤلاء؟

أمينة السوسي: قيدومة الإعلام السمعي

الشنا: الأم الحنون

العربي المساري: أيقونة الصحافة المغربية وذاكرتها. رحيله كان خسارة كبيرة لنا.

الطيب لعلج: الكلمة الموزونة الطروب التي “تسلطن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *