منتدى العمق

إشكالية الموت ومعنى الحياة

حدث الموت لا يمكن تخطيه ولا تقديمه ولا تأخيره والإعتبار فيه يزرع وابل من التساؤلات المؤرقة والمخيفة في ذات الآن،  ننتظره و نعلم أن قادم لا محالة من ذلك، والكل فان و ذائق الموت كما جاء في المأثور الديني، لطالما كانت اشكالية الموت محور رئيسا أرق الوجود الإنساني بصفة عامة، والفلاسفة والعلماء بصفة خاصة، هناك فئة أعطته أولوية واهتمام وفئة اخرى سارت درب اللامبالي و اعتبرته لاشيئ  بالنسبة إلينا، والشيء الذي ينحل  القدرة على الإحساس والشيء الفاقد للإحساس هو لا شيئ عندنا وذلك في حد تعبير أبيقور.

الموت كمفهوم وكحدث، مقلق  كثيرا يجعلك تعيد النظر في معنى الحياة وتفكر في مصيرك أيها الإنسان، هل لأثر الذي خلفناه في الوجود نتركه، ونستسلم للموت قاصدين النهاية الباردة، أم أن هناك حياة أخرى و أن هذه الدار هي دار فانية و أن هناك دار أخرى تسمى  بدار الخلود الأبدية وسيجزى كل شخص ما عمل في دنياه، كما صورته لنا الديانات السماوية و الوضعية.

تصورات الديانات للموت وما بعد الموت خاصة، تجعلنا نشك في مصيرنا نحن البشر، والمسألة مقلقة للعامة،  بل حتى الفلاسفة انفسهم أرقهم هذا الحدث، بالرغم من أنه بيولوجي حتمي نعشر دائما بقربه منا دون معرفته موعد قدومه ووصوله،  لذا يبقى موضع مؤرقا للغاية، هذا أساسا يجعل الإنسان العاقل يفكر ويسائل ذاته بذاته ويعيد التفكير في مصيره سالكا فلسفة نفي في الحياة وباحثا عن عن جواب الإشكالات، بالرغم من ردود الفعل الدفاعية الناتجة عن هذه الدوامة المعقدة التي بحث الانسان فيها وارتكن الى الخرافات والأساطير الدينية المفسرة ما بعد ذلك الحدث.

هذه الإشكالات يبقي العقل المجرد  محدودا غير قادر على إيجاد إجابات منطقية عن حقيقة
الموت وماذا بعد الموت، بالرغم من أنه البحث في هذه الجوانب الميتافيزيقية كالأعمى الذي يبحث عن مضلة سوداء داخل غرفة سوداء لا وجود لها وذلك ما وصف بها الفيلسوف ويليم جيمس الباحثين في الميتافيزيقا بوجه خاص،بالتالي البحث فيها لايفضي الى نتائج بقدرمايزيد من حدة الإشكالات.

تحدث باسكال قائلا :
إنني لا ارى غير المتناهيات المحيطة بي من كل جانب والتي تحصرني كما لو كنت ذرة أو طيفا يدوم أكثر من لحظة. وكل ما أعلمه هو أنني سأموت قريبا لا محالة ، إلا أن ما أجهله أكثر من كل شيء هو ذلك الموت الذي لا يمكنني تجنه”.

سؤال كيف يمكننا تجنب الموت أو كيف يمكن فقط أن نمدد عمر الإسنان عنوان بحث مجموعة من المتخصصين المعاصرين في هذا المجال، لأن الحدث مخيف ارق الكثير صار لابد من كشف ترياق يمحو هذا الورم الذي اعتبره البحث خبيثا و عتبره آخرون قنطرة انتقال من دار الى دار اخرى من زاوية تفاسير الديانات .
الحياة والموت مشترك كوني؛ لولا الأول لما عرفنا الثاني، الأول يتمناه الشخص ويسعى للفهمه والإستمتاع به بكل تفاصيله وتقاسيمه، والثاني يفر منه الإنسان ويتجنب حدوثه رغم أنه آت لامحالة، إنه قانون طبيعي محتم على جميع الكائنات الحية، يبدأ السفر إلى الموت لحظة القذف بنا الى الوجود، تختلف المسافات التي يقطعها البشر الى الموت، لكن الموت واحد، هناك من يقطع القليل ويصل وهناك من يقطع الكثير ويصل في الأخير، الكل يصل ولا أحد يبقى دون أن يصل.

عيش الحياة بكل تفاصيلها الإنسانية، واحداث تناغم مع الطبيعة في كل تجلياتها، تبسق فيك حب الحياة والإستمتاع بها، اذا فكرنا في الموت ونحن احياء، لن نستمتع بشيء، وسنحتم على انفسنا بالموت في الحياة، الموت الوجداني، الأخلاقي، الإنساني بكل تجلياته، سنبقى سجناء تفكيرنا، حين يأتي الموت لن نندم ولن نخاف لأننا سنكون أموات، والميت لا يحس ولا يعرف انه ميت ولايستطيع الوعي بذاته، لذا عيش الحياة والإستمتاع بها رهان لامحيد عنه، فلنبتسم للحياة ونعشها بحلوها ومرها، بتفاصيلها ودقائقها وساعاتها ولياليها، وكل ما فيها، فلنعش الحياة في كل لحظة ولنكن سعداء آبدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *