مجتمع

تخصص عام أم نساء؟.. معطيات جديدة عن طبيب تطوان المصاب بكورونا والمتابع قضائيا

حصلت جريدة “العمق” على معطيات جديدة حول الطبيب المصاب بفيروس “كورونا” رفقة زوجته بمدينة تطوان، والذي قررت وزارة الصحة متابعته قضائيا بسبب “عدم تقيده بالقواعد المطلوبة في مجال الوقاية من انتشار هذا الوباء”، ونظرا لـ”لمزاولته مهامه كطبيب للنساء والتوليد علما أنه طبيب عام”، وفق ما جاء في بلاغ الوزارة ليلة أمس الأحد.

ووفق المعطيات التي توصلت بها جريدة “العمق” حول هذا الموضوع، فإن الطبيب المعني هو خريج كلية الطب بجامعة سرقسطة بإسبانيا، فيما تلقى دراسته التخصصية في أمراض النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي “فرانسيسكو فرانكو”، والذي يسمى الآن مستشفى “غريغورو مارينون”، حيث تخرج من كلية الطب بمدريد ضمن فوج سنة 1976، وكان رئيس المصلحة حينها هو البروفيسور “بوتيا كاباليرو”.

وحسب معطيات “العمق”، فإن الطبيب المصاب بفيروس “كورونا” كان قد أنشأ عيادته الطبية عام 1983 قبل ظهور الهيئة الوطنية للأطباء، حيث كانت الإجراءات حينها تتم عبر الأمانة العامة للحكومة وفق مسطرة أخرى غير التي تتم الآن، غير أن الطبيب لم يستكمل إجراءاته للتصريح بتخصصه لدى المصالح المختصة بعدما فتح عيادته.

المهدي البكدوري، طبيب اختصاصي في الأنف والحنجرة بتطوان، أوضح لجريدة “العمق”، أن الطبيب المعني سبق أن تم تعيينه رسميا من طرف وزارة الصحة رئيسا لقسم النساء والتوليد بالمستشفى الإقليمي “سانية الرمل” بتطوان، حيث قضى في هذا المنصب 3 سنوات، قبل أن يغادر القطاع العام نحو الخاص ويفتح عيادة طبية خاصة به وسط المدينة.

وأضاف البكدوري أن هذا الطبيب غادر القطاع العام بعدما طلب من الكتابة العامة للحكومة ترخيصا له بالعمل في القطاع الخاص بمدينة تطوان، وفعلا حصل على الترخيص وتم تسجيله لدى المحكمة المختصة بتطوان كطبيب مختص في أمراض النساء، حيث زاول عمله طوال 40 سنة، وكان طبيبا معتمدا عند التعاضديات ومؤسسات التأمين.

من جانبه، قال عبد الإله الاكرمي، المدير السابق لمستشفى “سانية الرمل”، إن ما حدث هو خطأ إداري سقط فيه الطبيب المصاب بـ”كورونا” وليس انتحال صفة، مشيرا إلى أن أي طبيب متخصص في المغرب يلزمه أولا طلب التسجيل في الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بالمغرب، كطبيب عام، وعندما يخرج القرار عليه طلب التسجيل بصفته متخصص.

وأضاف الأكرمي أن بعض الأطباء يكتفون بالتسجيل الأول ويمارسون التخصص اعتمادا على ديبلوماتهم، كما حدث مع الطبيب المعني، مضيفا: “اطمئنوا، فالدكتور (ر) هو طبيب نساء وتوليد حاصل على شواهد تثبت ذلك، وما تضمنه بلاغ وزارة الصحة هو خطأ إداري سقط فيه الزميل وليس انتحال صفة”، على حد قوله.

ووفق مصادر “العمق”، فإن الطبيب المصاب كان على متن نفس الطائرة التي كان على متنها المصاب الأول بمدينة تطوان، وهي الطائرة التي حلت بالمغرب قادمة من مدريد يوم 8 مارس الجاري، فيما يوجد المعني بالأمر رفقة زوجته في صحة جيدة ووضعهم مستقر، حسب المصادر ذاتها.

بدوره، كشف مصطفى داوود، طبيب التوليد والنساء بتطوان ومسؤول سابق بالهيئة الوطنية للأطباء، أن الطبيب المذكور “درس الطب بإسبانيا ومارس الطب العام بالحسيمة في إطار الصحة العمومية لسنتين، قبل أن ينتقل إلى مدريد لدراسة الاختصاص، حيث حصل على دبلوم يخوله العمل كاختصاصي في اي دولة بالعالم، ليتم تعيينه من طرف وزير الصحة رئيسا لقسم أمراض النساء والولادة بمستشفى سانية الرمل بتطوان”.

وأضاف داوود: “حصل على معادلة الدبلوم الإسباني بالدبلوم المغربي من طرف اللجنة المختصة لذلك، وعلى اعتراف الكتابة العامة للحكومة المغربية، وبعد أن قضى سنوات في خدمة الصالح العام انتقل إلى القطاع الخاص بموافقة الكتابة العامة للحكومة التي رخصت له العمل كطبيب مختص في التوليد بعد التأكد من شهاداته التي في حوزتهم”.

واعتبر أن الطبيب المصاب بكورونا “ما فتئ يعمل بكل إخلاص وتفاني ويساهم في الأعمال الخيرية والأخذ بيد الفقراء والمعوزين، سامح الله الذين نالوا من سمعته وتشفوا فيه دون أن يعلموا الحقيقة”، مضيفا: “أرجوا من الجميع أن يتقوا الله في هذه الأيام العصيبة وأن يطلبوا الهداية من الله ويحيدوا عن النميمة التي نهى الله ونبيه صلى الله عليه وسلم عنها”، وفق تعبيره.

وبخصوص إصابة الطبيب المذكور بفيروس “كورونا”، قال مصطفى داوود: “لتوضيح الواقعة التي كتب وأشاع كل من شاء لغرض ما -السب والقدف والتشهير الكاذب- فإن الدكتور كان في رحلة استجمام مع زوجته في أمريكا وقصد راجعا إلى بلده، ومر في طريقه عبر مطار مدريد، أي لم يلبث بها إلا ساعات الانتظار ليأخذ الطائرة إلى طنجة التى كان من سوء حظه موجودا على متنها شاب كان في رحلة بمدريد أصابه الوباء دون أن يفطن إليه هو الآخر”.

وأردف بالقول: “الدكتور (ر) لم يشعر في البداية فأي شيء، وزاول حياته العادية بداره مع بناته وأخويه وأقاربه، وبالطبع فإنه زاول مهنته العادية دون أن يقصد إداية أحد من عائلته أو أقربائه أو زملائه أو مرضاه، ولو كان على علم بما أصابه لكان أول شخص قام باللازم ليحفظ نفسه وعائلته أولا، وقد قامت مندوبية الصحة بعملها وأخذت من الدكتور وزوجته عينات عندما قصدها وطلبت منهما المكوث في المستشفى إلى حين ظهور النتيجة، كما قامت بزيارة المصحة وتعقيمها ونصحت العاملين بها بملازمة ديارهم للمدة التي تنصح للوقاية”.

وتابع قوله في تدوينة له: “لم أشاهد في حياتي حملة مسعورة ضد شخص أفنى كل حياته في خدمة مجمتمعه كطبيب ممتاز في تصرفاته وفي عمله، ولا أعلم سبب كل هذا الشعور بالحقد الدفين الذي طفا على السطح مرة واحدة من أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل في كل هذا، فهناك من يكتب من تطوان ومن من غيرها دون أن يعلم أين تقع والكل يدلي برأيه و بتدويناته على أنها الحقائق. الجميع ينصح بالتأكد من صحة الشيء قبل نشره، لكن الواقع مع الأسف غير ذلك”.

وأمس الأحد، قررت وزارة الصحة، فتح تحقيق في ملف الطبيب المصاب بفيروس “كورونا” بتطوان، بسبب “عدم تقيده بالقواعد المطلوبة في مجال الوقاية من انتشار هذا الوباء”، مقررةً إغلاق عيادته والمصحة التي كان يشتغل بهما.

وقالت الوزارة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إنه تقرر إغلاق المصحة والعيادة الطبية الخاصة بالطبيب المعني، مع مباشرة المتابعة القضائية والإدارية، وكذا اتخاذ إجراءات زجرية في حق المندوب الإقليمي للصحة، فضلا عن مواصلة البحث القضائي.

وأوضحت الوزارة أنه “بعد عودته من سفر إلى الخارج، واصل المعني بالأمر فحص المرضى، بل وأجرى عمليتين جراحيتين على المرضى، دون أن يزوده المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالقواعد والبروتوكول المحددين اللذين كان يتعين عليه اتباعهما”.

وأشار البلاغ إلى أن النيابة العامة بتطون فتحت بحثا في الموضوع، كما فتحت المفتشية العامة لوزارة الصحة بحثا إداريا لتحديد ظروف وملابسات هذه القضية وترتيب المسؤوليات عليها.

وأصافت الوزارة أن البحثين كشفا عن وقائع أولية متمثلة في “إخلال بالقواعد الأخلاقية من خلال تعريض حياة الغير للخطر، وإساءة استخدام التأهيل المهني، علما أن المعني بالأمر هو طبيب عام وليس طبيب نساء وتوليد كما يدعي، وكذا الإهمال وعدم التحلي بالمسؤولية من جانب المندوب الإقليمي والإدلاء بمعلومة غير صحيحة”.

وكانت الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بجهة طنجة تطوان الحسيمة، قد كشفت أمسالأحد، أن وزارة الصحة قررت إغلاق المصحة المذكورة ابتداءً من أمس الأحد على الساعة 12:00 زوالا، وذلك بشكل كلي، عقب تأكيد إصابة الطبيب المذكور الذي كان يعمل بهذه المصحةّ، إلى جانب إغلاق عيادته الطبية.

وفق بلاغ للهيئة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، فإن قرار إغلاق المصحة والعيادة جاء بتنسيق بين الهيئة ومصالح وزارة الصحة، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية.

مدير المصحة كان أوضح أن قرار الإغلاق اتخذته إدارة مصحته بطلب من المندوبية الإقليمية للصحة بتطوان والسلطات المحلية، ونزولا عند رغبة الهيئة الوطنية والجهوية للأطباء، وذلك بهدف “وقف الهلع” الذي رافق خبر إصابة طبيب التوليد والنساء بفيروس “كورونا” رفقة زوجته.

وأشار في توضيح مصور له، أن إدارة المصحة قامت بتعقيم كافة مرافق وأجنحة وأقسام المصحة، كما قررت وضع الممرضين والممرضات تحت الحجر الصحي داخل منازلهم، مشددا على أن الأطباء والممرضين بهذه المصحة “هم جنود مجندين لخدمة الصحة”، داعيا المواطنين إلى البقاء في منازلهم كأحسن علاج للوباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *