وجهة نظر

السياسة الثقافية في المغرب من سيئ إلى أسوأ

هل من صيغة يستطيع بها المغرب أن يعيش عصره وراهنه مواكبا ركب الحضارات المتقدمة ، بدل الركون إلى التخلف عبر تهميش الثقافة والعلم؟ وهل هناك إستراتجية ما دون المساس بروح هويته وثقافته وقيمه؟

تأتي هذه الأسئلة لرصد التراجع الحاد في الاهتمام بالثقافة الذي بات نهجا وسياسة لوزارة الثقافة في المغرب، في سياق عالمي تعصف فيه العولمة بالاقتصاد والسياسة وتهدد الأمن الثقافي للشعوب والأمم وتفرض تحدياتها على القيم والهوية الثقافية وعلى الاستقرار المجتمعي.

إن ما أقدم عليه وزير الثقافة الجديد من حجب لدعم الكتاب والجمعيات الثقافية المهتمة به، وما أقدم عليه سلفه قلبه من حرمان هذه الجمعيات من أروقتها في المعرض الدولي للكتاب يفضح أولا، السياسة الثقافية “الرعائية” للبلاد القائمة على التحكم والإخضاع؛ سياسة تسيير الأفراد، بدل سياسة المؤسسات التي تؤسس مشاريعها على ميثاق ثقافي وطني يقوم على المشاركة والإشراك. ويفضح ثانيا، عجز الوزارة عن وضع خطة مشروع ينهض بالفعل الثقافي في المغرب بدل إفراغه من معناه وأهدافه التي لا تنفصل عن مشاريع الإصلاح والتقدم والأمن الثقافي الذي لا يقل أهمية عن الأمن السياسي والاقتصادي، وثالثا، يكشف أن حزب الحصان الإداري،سيظل متدثرا فيما تبقى من أنفاسه الأخيرة بعباءة فارسه مرددا بشعاراته الجوفاء والمبتذلة وفيا لسياسته العقيمة ومكرسا لها، عوض أن يفسح المجال لنقاش واسع وهادئ حول سبل إعادة وصل روابط الكتاب بالتنمية، ودوره في إرساء ثقافة المؤسسة التي اجتهد وزراؤه في إخفائها أو محوها.

إن عثمان الفردوس بقراره حجب دعم الكتاب والجمعيات الثقافية المهتمة بالثقافة المغربية يرتكب جريمة في حق الكاتب والفاعل الثقافي المغربي، ويلزم بذلك العقل المغربي حجرا مثلما ألزمت كورونا جسده الحجر.

إن أي مجتمع يروم الانخراط في الحداثة والتفاعل العالمي الموسع، لا بد أن يأخذ في الاعتبار أهمية الفعل الثقافي في إعداد مجال وإنسان عقلاني أصيل في قيمه وهويته، ومسؤولية المؤسسة الثقافية وسياساتها في دعم الفاعل الثقافي وتوفير الشروط التي تسمح له بإنتاج قراءات للتحولات التي يعرفها المجتمع، ورؤى تراهن على التقدم وفقا لمنظور استشرافي ومستقبلي.

ولأن وزارة الثقافة ببلداننا عمياء صماء وبكماء، فإن مسؤولية انخراط المثقف والجمعيات الثقافية في حوار موسع وجريء لتعميق التفكير في السياسة الثقافية للوزارة المسؤولة، والاحتجاج على التدبير المرتجل والملتبس للشأن الثقافي ثابتة ومؤكدة، ذلك أن الوضع الثقافي والنهوض بالقراءة والكتاب وجعلهما في مقدمة اهتمامات مؤسسات الدولة الثقافية شأن عام، للمثقف فيه دور الرصد والمساءلة والنقد والرفض وتقديم أفكار ورؤى بديلة لمعالجة الاختلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *