وجهة نظر

درهم لآلة فاطنة والمقدم يعتذر

الارتشاء سلوك من العمل، ينعت به من لا يتحلى بالضمير المهني من المصلحة العامة، قد يتطور من تصرف الفرد، الى ظاهرة مستفحلة بالمجتمع، والرشوة فعل مادي يقتضي شراء الضمير المهني من شخص المصلحة، لحاجة تفتضيها المصلحة الخاصة، من فرد أو جماعة، وتفشي الرشوة بالمجتمع تصرف غير لائق من محل سلطة القانون، معاقب عليها بالقانون، ويغلب عليها أنها ظاهرة مادية مقابل خدمة إدارية، تتوقف عليها مصلحة الفرد من المصلحة العامة .

في عصرنا لم تعد الرشوة ظاهرة يشتكي منها الفرد الذي يؤدي ثمنها مقابل واجب، أو التلاعب في الخدمة من واجب، بل أصبحت ظاهرة يشتكي منها المجتمع والمجموعة الدولية ككل، وترتبط بالفساد المستشري بالساحة الدولية من التعاملات البشرية، وإن يجري العمل على إيجاد آليات لمعالجة الظاهرة، دون آليات الزجر التي تضر بالمصلحة اكثر مما تحد من انتشار الظاهرة .

وحين تنظر الى الاخلاقيات الاجتماعية والدولية، ترى أن المجتمعات تشتكي من الظاهرة التي تتخذ اشكالا من الفساد، والتي تحكم سلوك الفرد والمصلحة، من علاقة متنافية مع السير العام للواجب المهني .

مسار الحياة من الاطلاع على الرشوة :

خلال مرحلة إثبات الهوية من المجتمع، أصبحت الحياة العامة للشخص بالساحة الاجتماعية، تتوقف على الأوراق الثبوتية للهوية خاصة حين يصل الفرد الى مستوى من سن الدراسة، أو القدرة على العمل، أو الحاجة الى التنقل والانتقال بين الجهات من اطراف المجتمع .

ومن تم توقفت حاجتي من الحي السكني خلال مسار الدراسة على تهيئ بطاقة التعريف الشخصية، من مقر الدائرة الحضرية .

مقدم الحي لدى الساكنة :

المقدم هو عون السلطة من الخدمة الادارية بالدائرة الحضرية، يتواصل معه السكان من الخدمات التي يقوم بها مباشرة، أو التي تحتاج الى موافقة قائد الدائرة .

وخلال الحاجة الى شهادة السكنى لإنجاز بطاقة التعريف الشخصية، قصدت الدائرة وجهة مكتب المقدم، وبعد تحيته اطلعته على حاجتي لشهادة السكنى من شخصه لغرض البطاقة الادارية، فادعى من رؤيتي عدم المعرفة بشخصي من الوسط السكاني .

وحين العودة الى البيت تقاسمت الرد منه مع الاسرة، ومن وقته كانت تحضر بالبيت مع جدتي، جارتنا من السكن لآلة فاطنة .

ومن سماعها وغير سؤال اليها، شاطرتنا الطرح من العمل من منطوق لسانها : آسي محمد، واش ما عرفك المقدم، أنا غادي نمشي عنده، واه اعطيه عشرين ريال : درهم، وراه يعطيك الورقة .

وعملا من قولة لآلة فاطنة، انتظرت لمدة اسبوع، ثم توجهت ثانية عائدا وجهة مكتب المقدم بالدائرة .

وبعد أن رآني عرف حاجتي، ثم ناداني باللسان والإشارة للتقرب منه، وشرع في تفحص اوراقه قصد المرغوب والعمل المطلوب منه .

وكان من عمله المهني عون سلطة مهندم بالجلباب التقليدي، مطبوع الهيئة بالسكينة والوقار .

وكان للقيام بالعمل من جانبه محل ارتياح في قرارة نفسي، إذ أثنيت على شخصه، وصافحت يده بالدرهم، وما كان منه الا ان اعتذر، عن المنحى المادي، وأن التأني منه كان للاطلاع وتقصي الأحوال .

وهكذا كانت جارتنا لآلة فاطنة مفتاح عمل سار من وسط الاسرة، أبعد الشبهة، وحقق الرغبة، من صواب امرأة، واعتذار رجل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *