وجهة نظر

الإقتصاد الفضي: إسهام بالملايير للمسنين في الإقتصاد

قراءة في دراسة من إبداع مديرية الدراسات والتوقعات المالية

يكاد كثير من الاقتصاديين يجزمون على أن الوصول إلى سن يفوق 60 سنة من طرف جزء من الساكنة يشكل ثقلا على تحملات الإقتصاد. و لكن الفكر الإقتصادي أصبح منذ سنوات يعتبر أن الفئة العمرية التي تضم من تجاوز الستين، و أغلبهم بالطبع متقاعدون و جزء كبير منهم من ذوي الدخل القار أو من مالكي أدوات الإدخار ، تشكل فرصة لدعم الطلب على السلع و الخدمات و هي بالتالي عامل أساسي في خلق قطاعات فرعية لاقتصاد الخدمات. و لعل إطلاق صفة “الفضي ” على فعل السن المتقدم في الإقتصاد يبين أن القضية تهم مستقبل العديد من المهن و العمليات المالية التي تساهم في خلق مناصب الشغل بالإضافة إلى تحفيز البحث التكنولوجي للاستجابة لنوعية الخدمات و السلع التي تطلبها فئة كبيرة من الساكنة وطنيا و عالميا. و لإلقاء الضوء على هذا القطاع الذي يمكن اعتباره جديدا، قامت مديرية الدراسات و التوقعات المالية بإصدار دراسة نوعية تبين أهمية الإقتصاد الفضي .

فرغم الشيب الذي يكسو رؤوس الكثير ممن تجاوزوا ستين سنة من العمر إلا أن دورهم لا زال فرصة ذهبية لكثير من القطاعات الاقتصادية. و تظهر الإحصائيات و التوقعات أن الإقتصاد الفضي له ارقامه المؤثرة في الإقتصاد. فبين 2014 و 2050 سيصل عدد السكان الذين تتجاوز اعمارهم سنين سنة إلى حوالي 10 ملايين نسمة. و سوف يقفز رقم استهلاك هذه الفئة في مجال الاستهلاك من 53 مليار درهم إلى ما يعادل 640 مليار درهم. و للعلم فإن الناتج المحلي الإجمالي يتجاوز حاليا بقليل سقف 1200 مليار درهم. فهذا الإقتصاد الفضي سيمكن اقتصادنا الوطني من إمكانية تطور قد تصل إلى 7% سنويا إلى غاية 2050.و لا يمكن إغفال دور هذه الفئة العمرية في الاستهلاك النهائي و في كونها ستتجاوز في البنية السكانية نسبة البالغين 15 سنة.

و لا بد من التذكير بأن الإقتصاد الفضي يهم عدة قطاعات تمتد من السكن إلى الصحة مرورا بالسياحة و الأمن. و هناك إمكانيات حقيقية يوفرها هذا النوع من الإقتصاد في مجال الخدمات و النقل و الإتصالات و الترفيه و السياحة و السكن. و لا يمكن لأي صاحب قرار أن يغفل الثقل المالي و الإقتصادي ببلادنا لقطاع أصبح رواده يشكلون جزءا مهما من الطلب الداخلي على الخدمات.

ولأن المغرب لا يمكن أن يتطور بمعزل عن محيطه و عن واقع يشهد تغيرات اجتماعية غيرت كثيرا من علاقات التضامن داخل الأسر، فإن كثيرا من الطابوهات بدأت تتساقط و أصبحت تلقي بثقلها النفسي و المالي عل على المجتمع. من منا كان يتصور أن خدمات دور العجزة سوف تصبح ضرورة و تحملا ماليا بل و “سلعة” قد تدخل مجال السوق و البيزنيس. صحيح أن المغاربة لا زالوا يحملون وزر كل أفراد أسرهم الذين يوجدون في وضعية هشاشة، و لكن الزمن الإجتماعي و سرعته لا يرحمان. كثير منا يعيش بصعوبة علاقاته مع المسنين و خصوصا المرضى منهم و يبحث عن حلول تجعله يخدمهم و يستمر في تحمل تكاليف عيشم بكل أمانة واطمئنان. و هذا الحرص و والإلتزام يشكلان طلبا عل على خدمات و سلع و بالتالي على خلق مهن تهتم بالمسنيين. الإقتصاد الفضي يشكل في كثير من الأحيان حلا لكثير من الأسر و في أغلب الأحيان مجالا اقتصاديا يأتي بقيمة مضافة و بحلول لمن يبحثون عن فرص للتشغيل و الإستثمار.

الإقتصاد الفضي أصبح حقيقة تحمل الكثير من الأرقام. فمكاتب الدراسات مثل ماكينزي حددت قبل ست سنوات كستوى تزايد نسبة إسهام فئة من تجاوزا 60 سنة في إجمالي الاستهلاك بحوالي 19% و توقع تزايد هذا المستوى بشكل أكبر. و سوف يصل رقم معاملات الإقتصاد الفضي إلى أرقام كبيرة سوف تتجاوز ما تم تحقيقه في سنة 2015 أي ما يعادل حوالي 780 مليار يورو. و من المعطيات التي يجب أخذها بعين الإعتبار أن المغاربة الذين سوف يتواجدون في الفئة العمرية ما فوق الستين سيساهمون في مصاريف الاستهلاك بمبلغ يتجاوز 646 مليار درهم في 2050.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *