وجهة نظر

العدالة والتنمية الخاسر الأكبر في انتخابات الغرف المهنية

سنحاول في هذه الورقة المختصرة، أن نحلل نتائج انتخابات الغرف المهنية من حيث الأرقام ودلالتها ومؤشراتها بالنسبة للانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة. وذلك في مقارنة بسيطة مع انتخابات سنة 2015 للغرف المهنية.

لكن قبل ذلك، نشير إلى أنه في مختلف العمليات الديمقراطية نتحدث عن حزب فائز وحزب خاسر، فلا توجد أشياء أخرى بينهما. ونشير أيضا إلى أنه مع الإعلان عن نتائج الانتخابات بشكل عام، تبدأ التبريرات والحجج والاتهامات، وهذا ربما مرتبط بسيكولوجية المرشح لأنه لا يتقبل النتائج إن هو خسرها، ومن ثم يلجأ دائما لاتهام الآخر، أو التحجج ببعض الحجج الواهية.

بقراءة موضوعية في نتائج انتخابات الغرف المهنية ل 6 غشت سنة2021، نؤكد بداية على أنها مؤشرا من مؤشرات التحولات التي يعرفها المشهد السياسي في البلاد، وما تطرحه من يصل مداها إلى الانتخابات الجماعية والتشريعية لشتنبر سنة 2021، من حيث جاهزية بعض الهيئات السياسية ومن حيث تقييم الأداء وتجاوز الأخطاء، والمقدرة وحتى على مستوى الوزن والقوة…

إن هذه الانتخابات بوأت حزب التجمع الوطني للأحرار المرتبة الأولى بعدد مقاعد 638 مقعدا بما يشكل نسبة 28.61 ٪ والذي كان قد حصل مع نفس الانتخابات سنة 2015 على مجموع مقاعد 326، دلالات هذه الأرقام التي تضاعفت بين المحطتين، تؤشر على تحول مهم في طريقة ومنهجية اشتغال هذا الحزب في الأونة الأخيرة، كما أن هذه الأرقام تجعل من فرضية تصدر الاحرار المشهد السياسي في الانتخابات التشريعية والجماعية أمرا واردا.

أما حزب الأصالة والمعاصرة، رغم حصوله على المرتبة الثانية، إلا أنه تراجع مقارنة بأرقام سنة 2015، فمن 408 مقعدا في انتخابات 2015 إلى 363 مقعد في هذه الانتخابات. فيما حافظ حزب الاستقلال الذي حصل على المرتبة الثالثة تقريبا على عدد المقاعد التي حصل عليها مع انتخابات سنة 2015 بزيادة 9 مقاعد.

وحزب الحركة الشعبية الحاصل على المرتبة الرابعة تراجع ب40 مقعدا مقارنة بانتخابات سنة 2015، أما باقي الأحزاب فعرفت تراجع نسبيا مقارنة بانتخابات سنة 2015.

أما بخصوص حزب العدالة والتنمية، فقد سجل تراجع قياسي، بحيث انتقل من 196 مقعدا في انتخابات سنة 2015 إلى 49 مقعدا فقط محتل المرتبة الثامنة بنسبة 2.2٪. هذا يؤكد أن حزب العدالة هو الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات.

إن هذا التراجع القياسي لحزب المصباح، يعكس مجموعة من الحقائق التي تؤشر فعليا على أن المواطن المغربي بصفة عامة، وخصوصا الفئات المشاركة في هذه الانتخابات، فقدت الثقة في حزب العدالة والتنمية بسبب تناقضاته وتدبيره العشوائي لعدد من الملفات والقضايا، مما جعل من نتائج هذه المحطة الانتخابية تنعكس عليه سلبا.

كما تؤشر خسارة حزب العدالة والتنمية هذه الانتخابات، على أن الحزب فقد الكثير من شعبيته وهناك نوع من التصويت العقابي، فلا يمكن تصور حزب قاد الحكومة لولاية كاملة أولى، وولاية ثانية على مشارف انتهائها، يتراجع بهذا الرقم المهول، ويحصل بالتالي على الرتبة الثامنة في انتخابات الغرف المهنية، رغم ما يدعيه أنصار هذا الحزب، في عدم مراهنة الحزب على هذه الانتخابات أو أنه لم يغطي كافة الدوائر وعدد من الحجج التي تؤشر مجتمعة أن نهاية حزب المصباح باتت وشيكة. ومن المتوقع كذلك توقع نفس الهزيمة مع الانتخابات التشريعية والجماعية..

* عبدالسلام لعريفي باحث في العلوم السياسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *