أخبار الساعة

باحثون مغاربة وأجانب يناقشون كتاب “ثقافة اللاعنف في الإسلام” لأحمد الفراك في ندوة دولية بتطوان (صور)

بحضور عدد من المهتمين والباحثين مغاربة وأجانب، ومتابعة عدد من المهتمين عبر تقنية البث عن بعد، نظم المركز الاجتماعي والثقافي ليرشوندي بتطوان يوم الجمعة 4 فبراير 2022، ندوة دولية تتعلق بقراءات في كتاب الدكتور أحمد الفراك «ثقافة اللاعنف في الإسلام» في نسخته الإسبانية “La via de la noviolencia” التي طبعت بمدريد.

شارك في هذه الندوة كل من السيد أدولفو نبارو وهو راهب فرنسيسكاني. ولد في كوستاريكا ودرس الفلسفة في جامعتها. عاش 7 سنوات في الولايات المتحدة كجزء من تكوين الرهبان الفرنسيسكان. حصل على درجة الماجستير في الترجمة التحريرية والشفوية مع التركيز على الترجمة الأدبية من جامعة شيكاغو في أوربانا شامبين. يعيش منذ مارس 2021 في المغرب ، حيث يعمل مديرًا لمركز ليرشوندي الاجتماعي والثقافي في تطوان.

وقد جاء في مداخلته بخصوص الكتاب: « ثلاثة من الجوانب التي لفتت انتباهي في هذا الكتاب الأولى تتعلق بمفهوم اللاعنف. باعتباره مرادفا للشفقة والرحمة ، لأنه مفهوم يمس على وجه التحديد أفضل ما يميز الله الرحمن الرحيم. هذا مبدأ واحد عند المسلمين وعندنا كمسيحيين أيضا. فضيلة الله هي الرحمة »، ليؤكد على أهمية التربية على اللاعنف، بقوله: « هناك مصدر لهذه التربية على الرفق ذكره الدكتور أحمد وهو الأسرة ، تبدأ التربية على الرفق داخل الأسرة ثم تذهب لاحقًا إلى المدرسة، إلى التعليم، وبعد ذلك ، تتجه نحو تشعبات أخرى في المجتمع. هذه الطريقة الوحيدة لإحداث ثورة إيجابية من اللاعنف ».

كما أشار إلى ما يعتبره نتيجة هذه الرحمة والرفق المتأصلين في الإنسان، وهو الخيرية في التعامل مع الآخر ومع البيئة أيضا، قال: «الجانب الثاني الذي أجده مهما في الكتاب هو كيف أن طريق الرحمة يؤدي نحو الخير، ليس تجاه البشر الآخرين فقط، ولكن أيضًا تجاه البيئة. لا يمكننا أن نكون إخوة ونعيش دون أن نعتبر الكوكب موطننا. عند المسيحيين أيضا هذه مسؤولية تقع على عاتقنا ننتبه إلى البيئة، عالمين أننا إخوة مع الحيوانات، الماء، البحار، والغابات. نحن نعتبر أنفسنا رفقاء في الطريق ، رفقاء في الطريق إلى الله. أنوه بهذه الرسالة في الكتاب، علينا المسؤولية للاستخدام الملائم والمسؤول والعقلاني لجميع الوسائل، لإنشاء مجتمع بشري ». قبل أن يختم بالحديث عن معنى ثالث هو السلام، مؤكدا أنه « إذا لم توجد ثقافة السلام. لا يمكن أن توجد الأخوة. هذا السلام يولد بالضبط من قلب وقلب مرتبط بالله. مرتبط بالرغبة في التوجه نحو الله ، مع الإخوة، مع الخليقة بأكملها ، مع البيئة، لتكون مساحة صحية ، ومساحة متوازنة أخلاقياً ، وفضاء سياسي نظيف ، حيث يتم أخذ الجميع في الاعتبار ، حيث لا يوجد تمييز. ربما يمكن لأحد أن يقول إنها مدينة فاضلة ، لكنني أعتقد أننا جميعًا نؤمن بالله، ونحن مثاليون بالمعنى الجيد للكلمة، و نؤمن أننا بالله يمكننا تحقيق كل الرغبات الطيبة للإنسان ، وتحديداً لأننا من الله ، فقد خلقنا بنفخته ومن أجله ، ولأننا في الأساس صالحون ».

القراءة الثانية للكتاب قدمها من مدريد موسي ماطو وهو فنان وأستاذ المسرح والأدب، مولود بسويسرا ويعيش منذ سنوات بمدريد إسبانيا، كما أنه مؤسس وعضو حركة اللاعنف في إسبانيا noviolencia، التي حرصت على ترجمة الكتاب وتبنيه ضمن الأعمال التأسيسية لها. شارك في عدد من المؤتمرات الدولية وله مقالات ومشاركات عديدة في الموضوع.

وقد تمحورت كلمته حول حركة اللاعنف وكذا حول الكتاب المترجم، حيث قال: « هذا أول عمل ، أول كتاب يجعلنا سعداء جدًا لأنه كان عن الإسلام. نحن سعداء جدًا بهذه الترجمة، وهذا الكتاب القيم، ونسعى لأن ننشر أعمالا أخرى عن اللاعنف في المسيحية ، الهندوسية ، اليهودية… » قبل أن يؤكد على ما اعتبرها محددات العمل في إطار حركة اللاعنف، قائلا: « أريد أن أنقل بإيجاز أربع نقاط تشجعنا كمجموعة اللاعنف في أنشطتنا … أولا: نريد خدمة الحقيقة. دافع غاندي عن اللاعنف باعتباره بحثًا شغوفًا عن الحقيقة. وفي عالم نسبي، فإن هذا الجهد للبحث عن الحقيقة مهم للغاية، لا سيما في مواجهة التلاعب من قبل وسائل الإعلام ، الكذب المؤسسي الذي يتغلغل في المجتمع بأسره. لا سلام إذا كانت الحقيقة هي الضحية الأولى لكل الحروب. ثانيا: نريد تعزيز الحوار، الحوار بين الأديان وبين الثقافات. وكذلك الحوار السياسي، اللاعنف شكل من أشكال السياسة. يهدف إلى جلب الحب إلى السياسة ، وتحويل الحب إلى عمل سياسي. لذلك نعتقد أن اللاعنف بطريقة ما، يوفر لنا إطارًا مثمرًا للتمرن على الحوار أيضًا في المجال السياسي. ثالثا: نبحث عن طريقة لتأسيس تيار أخلاقي يتبنى اللاعنف. غاندي، وغيره في العالم الإسلامي، ولوثر كينغ في العالم المسيحي، هؤلاء صفحات تاريخية كبيرة تظهر أنه يمكن حل المشاكل السياسية والاجتماعية ، مشاكل القهر. يمكن حلها من خلال عمل غير عنيف يجب أن نتدرب عليه في منطق القرن الحادي والعشرين.. رابعا، أردت أن أتحدث إليكم عن ضرورة بذل جهد لتعزيز العمل المشترك على ضفتي البحر الأبيض المتوسط. يمكن لإسبانيا والمغرب أيضًا بدء تجارب الحوار القائمة على اللاعنف ، وهو المسار المشترك بين جميع الأديان ، وهو المسار الذي يسمح بالحوار الحقيقي ، لأنه يتضمن أيضًا التزامًا بالأخوة العالمية من مختلف المجالات الدينية العالمية. نعتقد أن هناك تحديات مثل الهجرة وتحديات مثل التلاعب بالإعلام وتحديات مثل تعليم الأجيال الجديدة. نواجهها باستراتيجية اللاعنف. روح اللاعنف. »

ليختم اللقاء بمداخلة قيمة لمؤلف الكتاب الدكتور أحمد الفراك وهو أستاذ الفلسفة بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان حيث تمركزت كلمته بعد شكر الجهات المنظمة على موضوع ثقافة اللاعنف. مؤكدا أنه موضوع مشترك بين الجميع ويهم الجميع ويصطلي بناره الجميع، وقد بدأ مداخلته بمقاربة الموضوع فلسفيا، قال: « الموضوع الذي نتحدث فيه اليوم هو مرتبط بالإنسان منذ أن وجد، الظاهرة هي تجاوز للطبيعة البشرية ، الإنسان خلق وخلقت معه قوة بها يستطيع أن يدبر معاشه، لكن هذه القوة إذا تجاوزت الحد تتحول إلى عنف، وسائل القوة هي نفسها وسائل العنف، إذا استعملت وسائل القوة في غير موضعها أو بطريقة خاطئة فإنها تؤدي إلى العنف » قبل أن يؤكد على أن « الخطير في تاريخ العنف هو أنه أحيانا يتلبس بالدين، وقد مورس في التاريخ كثيرا داخل جميع الرسالات عند اليهود والمسيحيين والمسلمين. العنف مرتبط بالإنسان سواء كان متدينا أو غير متدين، لكن عندما يرتبط العنف بالدين، والدين من الاستسلام لله ومحاولة إرضاء الله في الأرض من خلال نشر المحبة والسلام بين الناس، فهنا يطرح سؤال هل الدين يحرض على العنف ويوصي بالعنف ويقبل العنف؟ هل يقبل الدين أن يمارس الناس العنف؟ الذين يقولون أن العنف له جذور دينية يرجعون إلى المبررات التي يقدمها الذين مارسوا العنف في التاريخ، لكن عندما نرجع إلى النصوص المؤسسة سواء أسفار التورات أو الأناجيل أو باقي الرسائل، فإننا نعثر على العكس، أغلب آيات الوحي تؤكد على أن الإنسان الفاضل هو الإنسان الرحيم، وعلى أن الأنبياء جاؤوا لينشروا العدل والحق والسلام والرحمة والمحبة، وقد كانت رسالتهم واحدة في مصدرها وغايتها ومقصدها، والأنبياء إخوة كما في الحديث النبوي ورسالتهم واحدة لا نفرق بين أحد من رسله، من فرق بين الأنبياء فإيمانه ناقص ولم يستوعب رسالة النبوة، النبوة واحدة تدعو للاستقامة والأخلاق الفاضلة كلما كنت رحيما كلما تقربت إلى الله كلما كنت محسنا تكون قريبا إلى الله، إن رحمة الله قريب من المحسنين، كلما كنت نافعا للغير وفاعلا للخير تكون قريبا إلى الله. لا يمكن أن نتقرب إلى الله بالعنف وبالكراهية والحقد والبغض والإقصاء وظلم الآخر والاعتداء عليه وسرقة ثروته والاعتداء عليه، نكون رحماء فقط إذا كنا نحب الخير للغير ونحمل نيات طيبة تجاه جميع الناس لأن الخلق عيال الله ولا نكون عبادا لله إلا إذا كنا رحماء بالناس » ليؤكد بعدها أن الكتاب طبعته منظمة اللاعنف في إسبانيا بمدريد، وأنه كتب باللغة العربية وترجم بمدريد وانتشر على نطاق واسع بإسبانيا وخارجها، كما أن النسخة العربية ستصدر قريبا وسيترجم أيضا إلى لغات أخرى منها الفرنسية.

أما بخصوص القصد من الكتاب فقد قال الدكتور الفراك: « الكتاب كتب أصلا بقصد الاختصار، لم يكن في الكتاب قصد إلى الإطناب وكتابة مجلدات في الموضوع وإنما الكتاب هو تنبيه إلى أن الدين رسالة سماوية رحيمة بالخلق تذكر الإنسانية بضرورة التعايش وضرورة التحاب وضرورة التآخي وتذكر الإنسان بأن المنهج الديني السليم هو الرفق، وليس هو العنف، وهنا نتذكر الحديث النبوي عن الرفق، كلما تدخل العنف كلما أفسد العلاقات، في الأسرة إذا دخل العنف فسدت الأسرة، في التربية إذا دخل العنف فسدت التربية، إذا دخل العنف في أي مجال من المجالات. أنا لا أتحدث عن وسائل القوة، لا بد أن تكون هناك قوة لردع الخارجين عن القانون والأخلاق، لا نتصور حياة ملائكية بين الناس لأن الإنسان فيه نزوع نحو استعمال القوة لكن لا توجد لدينا ضمانات أخلاقية بأن الإنسان لا يستعمل العنف، في أي لحظة يمكن أن نمارس العنف دون أن نشعر، نمارس العنف على الصغير على المرأة على الفقير، هناك أنواع من العنف يمكن أن تمارس، ليس فقط العنف البدني وإنما العنف الرمزي أيضا والثقافي، العنف الغذائي أيضا، فإذن هذا الموضوع يتحدث عنه الكتاب يريد أن يؤصل لثقافة اللاعنف داخل الدين والدين واحد في الأصل » ليؤكد على أهمية الأخوة الإنسانية التي « إذا تذكرناها وفهمنا مقتضياتها وعشنا بموجبها فإننا سنغير حياتنا إلى منهج اللاعنف، منهج الرحمة ومنهج المحبة ومنهج النبل الأخلاقي » قبل أن يسرد قصص أنبياء الله تعالى موسى عليه السلام ومنهجه في الرفق، وعيسى عليه السلام كيف أوذي من قومه ورغم ذلك بقي مسالما محبا مستبشرا يدعو لهم بالخير والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كيف أنه كان يدعو لأمته بالخير وكيف أنه يحز في نفسه ألا يؤمنوا، ليؤكد على أن « هذه الرحمة وهذه المحبة هي الخلق الذي ينبغي أن نتمثله »قبل أن يختم برسالة، قائلا: « في النهاية أريد أن أقول في رسالة قصيرة أن العالم اليوم في حاجة إلى منهج اللاعنف، نحن اليوم في حاجة إلى منهج اللاعنف، في تفكيرنا في سلوكنا في معاملاتنا فيما بيننا ومع الآخر، إذا ما تبنينا منهج الرفق بأنفسنا والرفق بذوينا والرفق بأوطاننا والرفق بالآخرين فإننا سنوسع دائرة الرفق ودائرة الرحمة ودائرة التسامح وسنختزل ونضيق دائرة العنف ودائرة الكراهية لا نقول بأننا سنذيبها وإنما سنضيقها إلى أقصى حد وآنذاك سننتصر إذا ما انتصر الحب والرفق في حياتنا ».

وقد تفاعل الحاضرون بالقاعة والجمهور المتابع عن بعد بطرح أسئلة وتقديم إضافات أغنت الموضوع، ليختم الدكتور أحمد الفراك بالتفاعل مع أسئلة الحاضرين وإضافاتهم، ومما جاء في مداخلته بضرورة قراءة الآيات القرآنية التي تدعو إلى القتال في إطار السياق القرآني كاملا، حتى لا يبدو للناظر أن الوحي أو الدين يدعو إلى العنف، كما أشار إلى أن « الذي لا يميز بين استعمال القوة في موضعها واستعمالها في غير موضعها يظن أن الدين يدعو إلى العنف، في الإسلام يشرع القتال بشروط وبضوابط، عندما تظلم أو تنتهك الحرمة أو يعتدى عليك هل يعقل أن يقول لك الدين استسلم لكل من يعتدي عليك، لا بد من المواجهة حتى يكون هناك توازن، لا بد من مواجهة الظالم والمعتدي والمحارب الذي يحمل سلاحا ويريد أن يقتلك، المواجهة شرعت في إطار الدفاع عن النفس وليس في إطار الاعتداء على الغير، وفي هذه المواجهة التي تكون مقصودة ومعلنة وبين فريقين حاملين للسلاح وبينهما اتفاق على ممارسة العنف بعضهما البعض، مواجهة عسكرية، بين جيشين بين دولتين، هنا مشروع القتال من أجل الدفاع عن النفس، من أجل حفظ الأرواح، لهذا الذين فكروا في وجود الدولة قالوا بأن الداعي لوجود الدولة أصلا هو تنظيم العنف وتقليص العنف وليس محو العنف، من أسباب وجود الدولة أصلا هو استعمال العنف ضد العنف كما يقول ميشو ، لا يفل الحديد إلا الحديد، الدين كان واضحا نصوص كثيرة في التوراة والإنجيل والقرآن تدعو الإنسان إلى الدفاع عن نفسه وإلى تحصين المجتمع والأسرة والذي يموت دون أرضه أو دون عرضه فهو شهيد.. هناك قتال مشروع ولكنه محدود جدا ومضبوط وإذا لم تكن هناك دواعي لاستعمال هذه القوة في موضعها فغير مبرر أن يستعمل العنف ».

وفي تفاعل مع موضوع آخر، أشار الدكتور الفراك إلى أن: « ثقافة العنف ثقافة مُعدية، العنف بسيط لا يحتاج إلى تربية وجهد كبير وزمن طويل، يشتعل بسرعة ويعدي بسرعة ولا يكلف، العنف مثل الذي يهدم، يهدم بسرعة لا يحتاج إلى وسائل كبيرة وجهد ومال، كلما اشتغلنا في حقول التربية والتعليم والتثقيف والإعلام على ترذيل العنف وعلى استحقار أساليب العنف وكلما اشتغلت الأخلاق جنبا إلى جنب مع القوانين، جنبا إلى جنب مع المؤسسات الدينية الكنائس والمساجد وغيرها، كلما استطعنا أن نحاصر العنف عوض أن يحاصرنا العنف نتعاون جميعا من أجل نشر ثقافة اللاعنف في العالم، هذه هي الوسيلة لا توجد وسيلة أخرى من خلالها نستطيع أن نعيد صناعة الإنسان ونخرج إنسان لطيف غير عنيف، الوجود الإنساني يقوم بالضرورة على التربية وعلى القوة لا بد من قوة بها تبنى الدولة وينظم المجتمع ولا بد من نظام تعليمي تربوي به يتهذب سلوك الإنسان ويتربى الإنسان على العيش الجماعي والمشترك الذي بموجبه يستحق التكريم الجماعي الذي به وحده يستحق التكريم الإنساني وإلا فإنه سيسقط في البهيمية التي لا تحترم أخلاق التعايش والتسامح. » كما أكد أن التاريخ حافل ب « محطات كثيرة جدا كان فيها لطف وأخوة وتعايش (نموذج إيواء النجاشي للمسلمين)،وأنه لا يزال اليوم في بعض المناطق تعايش بين المسلمين والمسيحيين بحيث لا يتبين لك من الوجوه والمعاملة من المسيحي ومن المسلم، أنا كنت في مدينة في روسيا وفيها مسلمون ومسيحيون ولا تكاد تفرق بين المسلمين والمسيحيين إلا إذا ذهبت إلى المسجد أو الكنيسة ، في الشارع في الإدارة في المدرسة لا يوجد فرق تعايش وتساكن وتسامح كبير جدا لا يوجد عنف ولا كراهية وهذا نموذج أن يكون الإنسان منفتحا على الآخر ومتعايشا معه بل يجب أن يحب له الخير ويدعو له في صلاته بالخير والرحمة والتوفيق وأن يسعى من أجل خدمته، نحن نقول الرفق بالحيوان فكيف بالرفق بالإنسان، هذه الرحمة الموجودة بين الناس ينبغي أن تترجم عمليا وهي ترجمت في التاريخ وموجودة آثارها ومظاهرها في العالم ».

وبخصوص سؤال آخر عن الباعث لكتابة هذا الكتاب، قال الدكتور أحمد الفراك، أن « السياق العالمي الذي نعيش فيه، يوجد فيه ما يؤجج الصراع، الأسلحة سرقت أموال الجياع والضعفاء في العالم، هناك كراهية منتشرة، في سوريا اليمن كوسوفو أقليات كثيرة تتعرض للاضطهاد، وإذا ما انتشر العنف في العالم بصيغه المتعددة فإن العلاج لا يكون إلا بالتعاون من أجل نشر ثقافة اللاعنف من أجل التربية على اللاعنف التربية على السلم على الرحمة هذا هو السبيل الوحيد، الأسباب كانت واضحة العنف منتشر في العالم ونسبة هذا العنف إلى المسلمين، عندما كنت في فرنسا في 2017 وكنت أشاهد الإعلام المنشور المجلات والجرائد وأطلع على الصورة النمطية القبيحة التي يقدمها الإعلام عن المسلمين، المسلمون لهم لباس أفغاني وجهال ويحملون قسوة في قلوبهم على المرأة والطفل وهم يحاربون الحضارة ويكرهون النظام ولا يشتغلون ولا يؤمن مكرهم إلى آخره، صورة سلبية، كنت في محاضرة عن المشترك الإنساني، لكن في الواقع نلاحظ أنه لا تزال هناك مظاهر تشجيع العنف وإشعال فتيل العنف هنا وهناك، الذي يتحمل المسؤولية الجميع منهم ومنا الغرب ليسوا سواء ونحن لسنا سواء، المسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع والعنف معدي إذا وقع في منطقة فإنه ينتشر بسرعة في العالم، وإذا ما سكتنا وجلسنا نتفرج والعالم يأكل بعضه بعضا فإننا نتحمل المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية الدينية في هذا الواقع » قبل أن يختم بأن « الكتاب كتب ليصل إلى الجميع وليعرف الجميع منهج الرفق في الإسلام هذا المنهج الذي نحتاج أن نوصله إلى العالم، نحتاج أن نوصله إلى جميع الناس بل جميع الأجيال وبهذا المنهج سيطمئن إلينا الجميع ونتعامل مع الجميع ويتيح لنا فرص هائلة ليتعرف الناس علينا إذا كنا نقدم بين أيدينا رسالة العنف والكراهية ولا نذكر إلا ما نختلف فيه وننتقي من التاريخ نماذج للعنف وللعنف المضاد فإننا لا نتواصل ولا نتعايش بل ينبغي أن نركز على الكليات التي تجمعنا والمشترك الذي يجمعنا والمستقبل الذي سيجمعنا والمصلحة التي تجمعنا نحن إخوة شئنا أم أبينا أبونا واحد وديننا في أصله واحد ورسالتنا واحدة وحتى المصلحة العامة لأوطاننا ولأشخاصنا هي واحدة نريد أن نعيش آمنين مطمئنين على الجسد والمعتقد على الرزق على الأسرة هذا مشترك، كيف نحقق هذا الاطمئنان؟ هذه سعادة كلنا نسعى لكي نسعد وكل منا يحفظ لنفسه هذه الطمأنينة ويساعد الآخرين على حفظ هذه الطمأنينة… لا بد من إحياء ثقافة اللاعنف، لا بد من تشجيع ثقافة اللاعنف، لا بد من الانتصار لثقافة اللاعنف لا بد من ذم استعمال العنف كيفما كان هذا العنف ، العنف لا يأتي بخير نهائيا والعنف قوة تستعمل في غير موضعها ».

وقد ختمت الندوة بحفل شاي رمزي نظمه مركز ليرشوندي.

* بقلم الباحث حمادي لخضر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *