مجتمع

بعد تطبيع العلاقات بين المغرب وإسبانيا.. هل تنتهي مأساة آلاف العمال القانونيين بسبتة ومليلية؟

يعقد آلاف العمال المغاربة الذين كانوا يعملون بشكل قانوني في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، آمالهم على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإسبانية إلى الرباط، فاتح أبريل المقبل، من أجل حسم مصيرهم الذي ظل معلقا لأزيد من سنتين، حيث يأملون فتح الحدود البرية مع سبتة ومليلية من أجل عودتهم لأعمالهم.

ويعيش أزيد من 8600 عامل وعاملة مغربية ممن كانوا يشتغلون بمدينتي سبتة ومليلية ضمن عقود عمل قانونية، أوضاعا معيشية مأساوية ومصيرا مجهولا منذ قرار إغلاق المعبرين قبل سنتين بسبب جائحة كورونا، وسط مطالب مُلحة بإيجاد حلول عاجلة تضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم.

ومن المرتقب أن يشرع المغرب وإسبانيا في التخطيط لفتح الحدود مع سبتة ومليلية المحتلتين، خلال الزيارة المنتظرة لوزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألبايس، وذلك بعد طي صفحة الأزمة بين البلدين عقب اعتراف إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي، في تحول تاريخي لموقف مدريد تجاه الصحراء المغربية.

وفي هذا الصدد، قال شكيب مروان، الكاتب العام لنقابة العمال والعاملات المغاربة المرخص لهم بسبتة، إن المتضررين يأملون في أن يكون ملفهم ضمن القضايا المطروحة على الطاولة خلال زيارة ألبايس للمغرب، مشيرا إلى أن المعطيات المتداولة داخل إسبانيا شير إلى إمكانية فتح المعبرين بعد رمضان.

وطالب المتحدث بأن تشمل المفاوضات المرتقبة شهر أبريل، بين الحكومتين المغربية والإسبانية، ملف عمال سبتة ومليلية، مشددا على ضرورة التفكير في هذه الفئة أثناء مناقشة تفاصيل فتح الحدود وكيفية الدخول والخروج من المدينتين ومستقبل التهريب المعيشي وغيرها من القضايا العالقة.

وأوضح مروان في اتصال لجريدة “العمق”، أن السلطات المغربية والإسبانية كانت تتعهد دوما بإيجاد حل لملف العمال القانونيين مباشرة بعد فتح المعبرين، مشيرا إلى أنه حان الآوان لإنهاء مأساة آلاف النساء والرجال ممكن عاشوا ظروفا صعبة جدا بعد توقفهم عن أعمالهم داخل المدينتين المحتلتين بسبب إغلاق الحدود.

المسؤول النقابي أبزر في حديثه مع “العمق” أن عمال سبتة ومليلية يأملون أن تفرض الحكومة المغربية مطالبهم على نظيرتها الإسبانية، من أجل عودتهم إلى أعمالهم بشكل يضمن كرامتهم وحقوقهم، خاصة عبر تسوية وضعيتهم القانونية ووثائقهم الإدارية المنتهية منذ سنتين.

ويرى مروان أن أهم وثيقة يُطالب العمال بمراجعتها، هي بطاقة العبور المعروفة باسم “فرونتيريسو”، والتي تسمح لحاملها بالعبور اليومي فقط عبر المعبر الحدودي، دون إمكانية الإقامة أو الدخول عبر المطارات أو الموانئ البحرية.

وشدد المتحدث على ضرورة التفاوض مع الإسبان حول منح العمال المغاربة القانونيين بطاقة “إقامة العمل”، بما يسمح لهم بالدخول إلى سبتة عبر إسبانيا أيضا، وهو ما سيضمن عدم تكرار هذه المأساة في حال إغلاق الحدود مستقبلا.

وبحسب أرقام غير رسمية، فإن أزيد من 5000 عامل قانوني كانوا يشتغلون في مليلية، إلى جانب 3600 في سبتة، توجد ضمنهم أعداد كبيرة من النساء المعيلات لأسرهن، حيث لم يستفيدوا من أي دعم مرتبط بجائحة كورونا خلال فترة توقفهم عن أعمالهم على غرار فئات أخرى بالمغرب.

ويتوفر هؤلاء العمال على عقود عمل قانونية بسبتة ومليلية، وعلى رأسها بطاقة الشغل وعقود التأمين والتغطية الصحية والتقاعد والتعويضات عن الأبناء، إلا أن إغلاق المعبر جعلهم مهددين بفقدان وظائفهم في ظل القوانين الإسبانية التي تسمح بفصل من تغيب عن العمل لأزيد من 6 أشهر.

وكان المتضررون قد كشفوا في تصريحات سابة لجريدة “العمق” أنهم أصبحوا يضطرون إلى بيع ملابسهم وأثاث منازلهم وكل ما يملكون من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم، بعدما عجز أفراد أسرهم عن الاستمرار في دعمهم طيلة عامين.

وفي ندوة صحفية بتطوان خلال الشهر المنصرم، أوضح عمال سبتة القانونيين أن هناك استدعاءات بحقهم في المحاكم بسبب عدم أدائهم سومة الكراء والقروض الصغرى المتراكمة عليهم، لافتين إلى أن بعض العائلات تم نزع عدادات الكهرباء من منازلها بسبب عدم أداء الفواتير المتراكمة عليهم منذ أشهر طويلة.

وإلى جانب ذلك، تعاني مجموعة من العاملات والعمال من أمراض مزمنة، يجدون معها صعوبة في توفير مصاريف العلاج والأدوية، بعدما كانوا يستفيدون من رعاية صحية جيدة في سبتة، بحسب قولهم، مشيرين إلى أن أغلبهم أمضى أزيد من 30 عاما في عمله داخل المدينة المحتلة.

وناشد العمال المذكورون، الملك محمد السادس من أجل إنصافهم، ويطالبون الحكومة والسلطات المعنية بإيجاد فرص عمل بديلة مؤقتة لهم توفر لهم سبل العيش اللائق، في انتظار إيجاد حل يُمكِّنهم من العودة إلى أنشطتهم داخل سبتة، لاسيما أن مشغيلهم لا زالوا متمسكين بعودتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *