وجهة نظر

على شبيبة البيجيدي الإبداع في مقاومة التحكم لا مناقشة أطروحاته

قرار شبيبة العدالة والتنمية بإلغاء حضور الدكتور محمد جبرون لإلقاء محاضرة في مؤتمرها العام، قرار عادي ومن حق أي هيئة سياسية أن تتخذه إذ رأت في عدم حضوره مكاسب سياسية أو موقفا ينسجم والمرحلة أو إشارة لعدم الرضا عن أطروحة المحاضر ….

قرار الشبيبة لا يعني أنها صادرة رأي الدكتور جبرون في التعبير عن رأيه ومواقفه ، فكل القنوات مفتوحة لجبرون منها الوطنية وحتى العربية وإنما يعني أن موقف القيادة المركزية رأت أن مواقف المحاضر لا تنسجم وتوجهات الشبيبة ،بل وحتى أنها لا تشكل أي إضافة أو إغناء للنقاش في مؤتمرها هذا ..

بعض الأقلام والنشطاء في شبكة التواصل الاجتماعي عبروا عن رفضهم لهذا المنع واستغربوا لضيق صدر القيادة المركزية لأمثال أجبرون ابن مدرسة نفس التوجه لكنه وصل لقناعات مفادها أن التحكم “غول” لا يمكن مقوماته ومعاكسته ،هذا الاستغراب والرفض من طرف شباب المشروع مفهوم في سياق المبادئ والقناعات التي تربى عليها أبناء المشروع الإصلاحي في القبول بالرأي الأخر وعدم مصادرة حقه في التعبير عن الرأي بل أن جل كتابات قيادة المشروع الإصلاحي كانت تدعو إلى الأخذ والاستفادة من الرأي المخالف إذا كان صحيحا ….

ولكن دعنا نكون أكثر عقلانية في تبني بعض المبادئ والمواقف، هل استضافة واحتضان المخالف يكون لمجرد الاستضافة فقط والتباهي تنظيميا بأننا نحتضن من يخلفنا ولا يشكل لنا أي تخوف، أعتقد من يقول بهذا الآن يجني على جوهر هذا التنظيم وعلى أهداف مثل هذه الملتقيات ويتعسف على الحضور بالحشوية والنقاشات السياسية من أجل النقاش فقط…

للقيادة المركزية الحق في اختيار المحاضر مع ما ينسجم و شعارات المرحلة وحساسية الظرفية السياسية ،وللقيادة المركزية الحق في تمرير رسائلها السياسية لمن يهمهم الأمر، وللتنظيم حق في أن يكون المحاضر سواءً كان موافقا لخيارات التنظيم أو في اتجاه أخر – أن يكون – في حجم مشروع الشبيبة والمشروع الإصلاحي عموما وأن يكون مشروعه الفكري أو السياسي يستحق النقاش والاستلهام ،فليس كل مخالف يستحق أن يستضاف، واللقاءات العامة ليس المكان الوحيد لدراسة ونقاش هذه المواقف ، والمرحلة الآن وخاصة بعد الانتخابات التشريعية وحالة “البلوكاج” المتعمد من قوى تحكمية لتخفيف من صدمة النتائج الانتخابية يستدعي الانفتاح على الأطروحات التي تعزز الانتقال الديمقراطي وترسخ للممارسة السياسية الديمقراطية ، والانفتاح على المشاريع المجتمعية التي تجيب بشكل فعال على المعضلات الاجتماعية “البطالة ،الفقر ،الأمية ،التراجع الأخلاقي ،التعليم وغيرها من القضايا الآنية والحقيقية .

الحضور والاستضافة في مثل هذه اللقاءات هو في حد ذاته تعبير عن موقف سياسي من طرف الهيئة المنظمة ،لو تمت استضافت الدكتور محمد جبرون لشرح “أطروحته حول التحكم”في هذه المرحلة الحساسة من الانتقال الديمقراطي وفي ظل محاولة انقلاب التحكم على نتائج الانتخابات التشريعية ، قراءتي كانت ستتجه صوب أن الشبيبة بدأت تقتنع أو تناقش داخليا أطرحة الضيف عن التحكم،وتبعث رسائل للحزب ولباقي الأطراف أنها غير مستعدة لتدافع عن الخيار الديمقراطي …