سياسة، مجتمع

نقابات الفنانين تنتقد مصادقة البرلمان على قانون “حقوق المؤلف” وتصفه بغير الدستوري

انتقدت تنسيقية النقابات المهنية الفنية، مصادقة البرلمان على مشروع القانون المتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، واصفة إياه بإنه “لا دستوري ويفتقر للديمقراطية والاستقلالية”.

وعبرت التنسيقية في بيان توصلت جريدة “العمق”، بنسخة منه، عن “رفضها وامتعاضها رفضها وامتعاضها من الأسلوب الذي تعامل به وزير الثقافة والشباب والتواصل ونواب الأغلبية في البرلمان بغرفتيه، من خلال التصويت على “مشروع القانون رقم 25.19″ دون الأخذ بعين الاعتبار لأي تعديلات”.

وسجلت التنسيقية أنه عوض تجويد القانون وملاءمته للمقتضيات الدستورية ولمبدأي الاستقلالية والديمقراطية المنصوص عليهما في الفصل السادس والعشرين من دستور المملكة، تم النزوح مقابل ذلك إلى مقاربة تحكمية ولا ديمقراطية تعتمد الأغلبية العددية في تمرير “قانون” يستصغر الفن والثقافة”.

وأكدت التنسيقية أن مشروع القانون في صيغته الحالية “يضع كل القرارات الخاصة بالمجال في يد الوزارة الوصية، من خلال الإفراط في التعيينات بالمجلس الإداري للمؤسسة؛ مقابل غياب أو تقليص عملية الانتخاب”، محذرة من “الآثار السلبية “للقانون” والكامنة في تكريسه لوضع أسوأ مما كان عليه الأمر سابقا”.

وأبرز البلاغ أن “كل الاختلالات السابقة كانت نتيجة استحواذ الوزارة الوصية على المجال، وخضوعها للضغط السياسي من قبل أصحاب المصالح سواء من فئات معينة من ذوي الحقوق أو من قبل بعض المستغلين، وهو الأمر الذي كان من الممكن تفاديه باضطلاع الوزارة ومعها مؤسسات أخرى للدولة بمهمة الإشراف والرقابة والحكامة والتدبير بموجب القانون، تفاديا للوقوع في وضعية عبثية تكون فيها الوزارة الوصية طرفا وحكما في مجال معروف بتنازع المصالح”.

واستنكرت التنسيقية ما وصفته بـ “كل الأكاذيب والإشاعات التي رُوجت ظلما وعدوانا على مناضلي التنسيقية لتهريب “قانون” غير ناضج، وقمع الحريات النقابية الفنية بوصف بعض قياداتها “باللوبيات التي كانت تستفيد من وضع سابق”، قصد إثارة البلبلة والتشكيك في النوايا، علما أن الوزارة الوصية تدرك جيدا بمعية إدارة المكتب أنها هي الوحيدة التي كانت تشرف على قطاع حقوق المؤلف وهي المسؤولة عن أي خلل فيه، وهو الأمر نفسه الذي يكرسه مشروع “القانون” الجديد”.

واعتبرت التنسيقية أن “تأسيس جمعية مهنية واحدة لكل صنف من ذوي الحقوق خارج المكتب، يضطلع رؤساؤها بعضوية المجلس الإداري بعد منحها اعتمادا، دون سند دستوري وفي غياب أي مساطر أو مقتضيات انتقالية أو لجن إشراف، أمر غير واقعي ويعني ضمنيا استحواذ الوزارة الكلي على المجلس الإداري، ما لم تقم هي نفسها بتأسيس هذه “الجمعيات المهنية” على مقاسها”.

وأوضحت أن الوضعية الدستورية والقانونية لـ “الجمعيات المهنية”، ملتبسة وغير واضحة “لتنافيها مع الفصل 12 من الدستور وتناقضها مع المادة 2 من ظهير الحريات العامة، والتي من المفروض أن ينص “القانون” على إمكانية تأسيسها والاكتفاء لزوما بانتخابات داخلية من قبل ذوي الحقوق المسجلين بالمكتب، على أن تهتم حصرا بتدبير الحقوق وألا تكون لها أي مهام مهنية أو نقابية مما سيشكل قاعدة أساسية لتحرير القطاع عند نضج الظروف… كل ذلك تم التنبيه إليه لكن لا حياة لمن تنادي، لغياب أية رؤية استشرافية للموضوع لدى السلطات الحكومية الوصية”.

وشدد البلاغ على إنه “إذ تعرب الهيئات النقابية المشكلة لتنسيقية النقابات الفنية المهنية عن قلقها وامتعاضها البالغين إزاء عقلية التعنت وأسلوب التحجر ومن السلوك اللاديمقراطي، الذي انتهجته السلطة الحكومية الوصية في مقاربة الملف، ومن التواطؤ المرفوض وغير المفهوم الذي اعتمدته الأغلبية الساحقة من السادة النواب والمستشارين لتمرير “قانون” غير ناضج وغير دستوري، فإنها تسجل موقفها التاريخي الرافض “للقانون” والذي لن تتأخر نتائجه السلبية في الظهور”.

وحملت التنسيقية الوزارة الوصية مسؤولية النتائج السلبية المحتمل ظهورها بعد تنفيذ القانون، “سواء في الخروقات الحقوقية المرتبطة بتأسيس الجمعيات إن كتب لها التأسيس من تلقاء نفسها في جمعية واحدة لكل صنف، أو ما يتعلق بالجرأة السياسية في رفع مداخيل المكتب من المستغلين سواء ما يتعلق منها بحقوق الاستغلال أو النسخة الخاصة، بعيدا عن الخضوع لأي ضغط، مادامت الوزارة الوصية قد وضعت نفسها محل ذوي الشأن”.

وأضاف البلاغ: “إن الوزير ومعه مكونات الأغلبية، إذ يصر على تمرير “قانون” بدعوى ضمان الجهاز الوصي للشفافية في التوزيعات، فهو يتناسى أن مسألة الشفافية ليست سوى عنصرا قابلا للتحقق بمقتضيات القانون وبإجراءات تقنية محددة وليس بإرادة أشخاص معينين، في حين يبقى دور المكتب الأساسي والمحوري هو علاقته بالمستغلين القائمة على استخلاص مستحقات ذوي الحقوق المغاربة والأجانب بشكل كامل وعادل، في ظل ارتفاع أعداد المنخرطين وضعف الاستخلاصات”.

وأبرزت التنسيقية أنها أخلت مسؤوليتها وقامت بدورها التاريخي من أجل التنبيه إلى نواقص “القانون”، حيث قامت في هذا الصدد “بكل الخطوات اللازمة في جو من المسؤولية والنضج، بما في ذلك توجيه طلب وضع “القانون” بالمحكمة الدستورية وجه من طرف التنسيقية لرئيس مجلس المستشارين”، مبرزة أن هدفها هو “تجنيب القانون السقوط في فخ تعارض المصالح، والتمييز بين أدوار أجهزته وفقا لخصوصية المجال وللأعراف والتقاليد الدولية في المجال”.

وأعلنت التنسيقية “عن مواصلة النضال من أجل تحقيق مبدأ المكافأة العادلة لذوي الحقوق، والذي لن يكون أولا وقبل كل شيء سوى بتوسيع مداخيل المكتب ومراجعة تسعيرة النسخة الخاصة، التي تم تخفيضها سابقا بضغط سياسي من جهات معينة خضعت لها الوزارة الوصية، وهو ما يجب على السيد الوزير مباشرته بمجرد صدور “القانون”، من خلال الشخصيات التي سيعينها في المجلس الإداري للمكتب، حتى لا يجد المصدقون لنظرية السيد الوزير انخفاضا في مداخيلهم رغم تطبيق الشفافية في التوزيعات إن تمت، وعندها سيكون معنيا مباشرا بأي نقص فيها، مع تحمل كل الضغوط السياسية لأي طرف يحول دون ولوجية ذوي الحقوق إلى مستحقاتهم، مع تحمل هشاشة هياكل المكتب دستوريا وحقوقيا وقانونيا إزاء أية طعون أمام القضاء من مختلف أطراف أصحاب المصلحة المعنيين بما فيهم المستغلين، وتحمل كل الخروقات الحقوقية المرتبطة بالحريات العامة بمناسبة تفعيله”.

واعتبر المصدر ذاته أن “اعتماد الوزير على أغلبية عددية ساحقة في البرلمان بغرفتيه، من أجل تمرير القانون، جعله ينصب نفسه طرفا وحكما في نفس الوقت، وأن يقرر بدلا عن أصحاب الشأن، وألا يكتفي بمهام الإشراف والرقابة والتحكيم بين مختلف أصحاب المصلحة في إطار قانون عادل ومنصف ومتوازن في ظل الاحتكار المشروع الممنوح قانونيا للمكتب، متناسيا أن إصرار التنسيقية بكل روح وطنية على مطالبها إلى آخر مرحلة لم يكن عبثا ولا مجرد “عرقلة” كما تم التسويق لذلك ظلما وعدوانا، بل نتيجة دراسة ورؤية استشرافية ورغبة في بناء أسس قانونية سليمة وفق دستور المملكة والأعراف الدولية في المجال، وهو ما قوبل للأسف بالتجاهل”.

وأهابت التنسيقية بعموم الفنانين إلى “التمسك بحقوقهم من أجل مكافأة عادلة، والتكتل من أجل كبح كل الممارسات السياسوية الرامية إلى تبخيس صوت النقابات الفنية الجادة المناضلة من أجل وضع قانوني واجتماعي أفضل للفنان المغربي، يتسم بالواقعية والعقلانية ويرمي إلى خدمة الثقافة المغربية وتعزيز حرية الإبداع في ظل شروط اجتماعية واقتصادية عادلة وديمقراطية، تراعي خصوصية المجال الحقوقية والدستورية والتشريعية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية”.

يشار إلى الهيئات الموقعة على هذا البيان هي كالآتي: “النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية – النقابة الفنية للحقوق المجاورة – المرصد الوطني لمبدعي الأغنية المغربية وحماية حقوق المؤلفين – المؤسسة المغربية لدعم وحماية الفنان – النقابة المهنية لحماية ودعم الفنان – النقابة الفنية للمنتجين والمنتجين الذاتيين – نقابة المؤلفين والملحنين المستقلين المغاربة – نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *