مجتمع

هكذا حذر خبير قبل سنوات من التغير المناخي بالمغرب: المملكة تعرف “تطرفا” مناخيا والقادم أسوأ

حذّر محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ، في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، قبل سنوات، من “أن المغرب أصبح يعرف تطرفا مناخيا سيصبح هو القاعدة وليس الاستثناء.”

وأضاف قروق، في حوار أجراه معه موقع “عربي 21” سنة 2014، أن “المغرب مطالب بتجاوز التعاطي مع التحولات المناخية بكونها استثناء لأنها اليوم هي القاعدة، مشددا على أن ” المغرب مطالب بالتغيير الجذري لبنياته التحتية حتى تواكب الوضع المناخي الجديد وتقليلا من حجم الخسائر البشرية والمادية، بالنظر إلى أن الحالية أسست على ضوء تصورات عمرها 100 سنة”.

ودقّ الخبير في المناخ ناقوس الخطر في ذلك الوقت، مؤكدا أن “القادم أسوء إن لم تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها الكاملة في ابتكار حلول استباقية لمواجهة الفيضانات التي سيعرفها المغرب مرات ومرات، كما تحدث عن بعض إيجابيات هذه التحولات المناخية الجديدة”.

وفي تعريف للتطرف المناخي، قال قروق:”التطرف المناخي في المناخ بمعناه البائد، وأقصد بالتطرف المناخي التحول الذي يقع مقارنة بوضعية مستقرة، لكن اليوم التطرف عن المعتاد، سيصبح هو القاعدة فنحن اليوم في وضع جوي جديد، أصبح معه التطرف قاعدة.”

قروق الذي رشح لنيل جائزة “ألبرت أينشتاين” تقديرا لجهوده العلمية وإسهامه في الأبحاث العلمية حول التحولات المناخية على الصعيد العالمي، نبه إلى أن الموضوع غاية في الخطورة، ويتطلب الجدية اللازمة لأن المغرب يعرف تحولا مناخيا جديدا غير ظرفي وهو ليس وحده في هذا الأمر.

وتعزى هذه التغيرات، حسب المتحدث ذاته، “لكون القسم الشمالي من الكرة الأرضية يعرف دورة هوائية جديدة، تسمى الدورة الهوائية الطولية وهي تجعل الكتل الهوائية الساخنة تتقدم نحو القطب الشمالي وبالمقابل الكتل الهوائية الباردة تتجه للاستوائي، وتنتظم العملية بتوالي موجات هوائية مرتفعة الحرارة وجافة البرودة”، مشيرا إلى “أننا نعيش في وضعية مناخ جديد، يفسر ما نعيشه هذه الأيام وما عشناه متقطعا منذ سنة 2008 ثم 2009 ثم 2012 و2013 وأيضاً عده السنة مع نوع من الارتفاع في حدته وخسائره. ”

واعتبر قروق أن “التغيرات المناخية يتعرض لها العالم أجمع اليوم وليس المغرب لوحده، ويمكن تعريف التغيرات المناخية باعتبارها ارتفاع حرارة الكوكب، وهذا الارتفاع أدى إلى تَسارُع وثيرة الحرارة وسرعة وثيرة الظَّواهر الطبيعية”.

وبخصوص تأثير هذا الاضطراب المناخي على مواعيد التساقطات المطرية، قال الخبير في المناخ: ” “كانت الأمطار تتساقط في فصل الشتاء من نهاية نوفمبر إلى فبراير وتبدأ كمياتها تَقلُّ خلال مارس، وحين لا تتساقط الأمطار داخل هذه الفترة نكون في دائرة الجفاف، حاليا هذا التوزيع لم يعد متاحا حيث أن الأمطار تغيَّرت في توزيعها وأصبح من الممكن أن تتساقط في شهر نوفمبر وصولا إلى مارس ولم لا أبريل. التوزيع الجديد أصبح مغايرا لما عرفناه قبلا وأصبح يمثل عرقلة بالنسبة للإنسان في قضاء حاجياته اليومية وكذلك أنشطته المختلفة وخصوصا ما تعلق بالأنشطة الفلاحية”.

وأضاف: “أثرت درجات الحرارة المرتفعة على بقية الأنظمة الأخرى وعلى رأسها الدورة المائية على الأرض حيث أن التساقطات أصبحت تتميز بالغزارة وبتوزيع زمني ومجالي جديد، وهذا ما نَستشفُّه عبر العالم بظاهرة الفيضانات، فلا يمر يوم دون أن تُطالِعنا الأخبار بفيضان يجتاح أحد مناطق العالم وفي المغرب كذلك حيث أصبح المطر يعود بكميات كبيرة تتشكل معها فيضانات أحياء ومدن بأكملها.”

وللتعامل مع هذا الوضع المناخي الاستثنائي، اقترح قروق أولا من الناحية الثقافية التعامل مع الوضع بأنه غير استثنائي، بل هو قاعدي، كما أن صفة الاستثناء تسقط المسؤولية على الجميع، مشيرا إلى أن الوضع الجديد يُحَمّلُ المسؤولية للمعنيين، لأن تلك الأحداث كانت، على حد تعبيره، استثنائية واليوم هي قاعدية، وهي ظواهر بدأت في السنوات الأخيرة منذ 2005 وسوف تتكرر كل سنة، وما وقع يأتي في مجال جديد، حيث أن المجال الجنوبي لم يألفها وبالتالي فإن البنى التحتية غير مؤهلة بالنظر للتحولات المناخية الطارئة والمستمرة.”

وشدد الخبير في المناخ: “الوضع كارثي ويتطلب الانتباه، وقد نبهت لهذا الأمر أكثر من مرة، وأكرر يجب أن نتعامل مع ما يقع بمنطق جديد وبمسؤولية جديدة وما وقع سيتكرر لمرات ومرات، وبالتالي من أجل التخفيف في عدد الضحايا والخسائر ينبغي التعامل الجدي مع الموضوع، بحيث ينبغي إعادة النظر في الطرق والأودية والقناطر والآليات الفلاحة والصحية وطرق الإنقاذ، كلها أمور ينبغي إعادة النظر فيها”.

ودعا قروق إلى “إعادة النظر في البنى التحتية، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة ينبغي أن تتكيف والوضع الجديد وأن تستعد لأمور صعبة ستأتي، فشبكة الصرف الصحي مثلا وضعت، على حد تعبيره، ضمن تصور عمراني يعود لأزيد من 100 سنة والتي كانت تعرف في المعتاد تساقطات متوسطة، وعليه فالبنى التحتية والاقتصادية والاجتماعية ينبغي إعادة النظر فيها جميعا لأن الكل سيتأثر بهذا التحول حتى في المدن الكبرى.”

وعما إن كان لهذه التحولات المناخية الجديدة إيجابيان، أكد الخبير في المناخ على أن “هناك إيجابيات تتعلق بعلاقة الإنسان بالمناخ والطبيعة، فعلى المستوى الصحي ينبغي أن نفهم أن المناطق التي عرفت بالجفاف ستصبح رطبة، ثم أن الثلوج ستغدي الواحات المغربية وهذا أمر إيجابي، وأقصد هنا الواحات التي لم تعد كذلك منذ سنوات”

وأضاف: “على الإنسان أن يطور أنشطته المختلفة حتى تنسجم مع الوضع الجديد، وكمثال على الأمر فالمنتوجات الفلاحية أصبحت تنضج بسرعة وبعضها الذي كان يحتاج إلى أزيد من عشرين يوما بات ينضج في أقل من هذه الفترة بأحجام كبيرة مقارنة مثيلاتها سابقا ويمكن أن تختلف في المذاق.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • كريمي
    منذ سنتين

    هناك تطرف علمي في إعتبار الحوادث العرضية للطقس تغيرت مناخيا. يا سيدي هذه الافكار المرتبطة بما يسمى التغيرات المناخية ما هي إلا حيلة في يد العولمة والرأسمالية المتوحشة لتبرير الافتراس الذي تقوم به الموارد الطبيعية من أجل تجميع الثروة في يد نخبة ليبرالية عالمية على حساب التوازنات البيئية والمجتمعات. هذا رأي والله أعلم.