منوعات

“ضرائب الخطيئة”.. لماذا تشجع اليابان شبابها على استهلاك المشروبات الكحولية؟

خرجت سلطات الضرائب في اليابان للتواصل مع عموم المواطنين، ليس لدعوتهم إلى الكف عن التهرب الضريبي وأداء واجبهم القانوني، ولكن لتدعوهم إلى الإقبال على استهلاك المشروبات الكحولية.

والأمر ليس خبرا زائفا، بل إن السلطات الضريبية طرحت برنامجا تواصيا لحث الشباب بالخصوص على استهلاك المشروبات الكحولية.

فلماذا دعت السلطات اليابانية مواطنيها إلى الاقبال على استهلاك المشروبات الكحولية؟

 “الحل غير العادي”

حسب قناة الحرة، سلط تقرير لصحيفة واشنطن بوست الضوء على “الحل غير العادي” الذي توصل إليه المسؤولون اليابانيون لمواجهة مشاكلهم المالية، ويكمن بحسب تقرير الصحيفة في تشجيع الشباب الياباني على استهلاك مزيد من الكحول.

ووسط حالة من القلق حول التحول الديموغرافي والانخفاض الحاد في عائدات ما يسمى بـ”ضرائب الخطيئة”، حسب نفس المصدر، دعت مسابقة تشرف عليها وكالة الضرائب، بعنوان “ساكي فيفا”، الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 39 عاما إلى وضع “خطط أعمال” تساعده في إحياء ثقافة الشرب في اليابان، والتي كانت لفترة طويلة جزءا لا يتجزأ من حياة الشركات في الدولة الواقعة في شرق آسيا.

وكانت جائحة كورونا قد أدت إلى مفاقمة تراجع استهلاك الكحول في اليابان، حيث كان السكان يأكلون ويشربون أقل بكثير من المعتاد خلال الجائحة. ومع أن اليابان لم تدخل في حالة إغلاق كامل مطلقا، أُعلنت الطوارئ في طوكيو، وفُرضت قيود تضمنت إجبار المطاعم والحانات على الإغلاق مبكرا. وحُظر بيع الكحول في إحدى مراحل الوباء في المطاعم، واقتصر السماح ببيعه على أوقات معنية خلال يوميا، وفقا للصحيفة.

وحتى الاستهلاك المنزلي للكحول كان أقل من المعتاد خلال الجائحة.

وانخفضت عائدات ضريبة الخمور من أكثر من 813 مليون يورو في العام 2019، إلى حوالي 8.4 مليار يورو في السنة المالية 2020، وفقا لبيانات حكومية. وكان هذا أكبر انخفاض لعائلات المشروبات الكحولية خلال ثلاثة عقود، وتسبب بقلق للحكومة التي تواجه تحديات مالية واسعة النطاق.

وهذا العام، حقق الاقتصاد الياباني نموا في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وفق ما أظهرت بيانات رسمية منتصف الشهر الجاري، بعدما رفعت الحكومة قيود كوفيد التي كانت تفرضها على الأعمال التجارية.

وسجّل ثالث أكبر اقتصاد في العالم نموا بلغت نسبته 0,5 في المئة على أساس فصلي بفضل زيادة الاستهلاك والاستثمارات، لكن الارتفاع كان أقل من توقعات السوق التي بلغت 0,7 في المئة.

وبينما لم تفرض الدولة أي إجراءات حجر صحي خلال فترة الوباء، ألغت الحكومة في مارس القيود المرتبطة بالفيروس التي استهدفت على وجه الخصوص مواعيد عمل الشركات والمتاجر.

تاريخ سوق المشروبات الكحولية

حسب “اليابان بالعربي”، لعب النمو الاقتصادي في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية دوراً هاماً في تشكيل ثقافة شرب المشروبات الروحية الغربية، لا سيما الويسكي. حتى ذلك الحين، تمحورت ثقافة الشرب في جميع أنحاء اليابان حول الساكي. ولكن أصبح اليابانيون يشربون المزيد من البيرة والويسكي مع تطور الثقافة والمجتمع الياباني واستيعابه التأثيرات من الغرب.

وحسب نفس المصدر، لقد ارتفع استهلاك البيرة لا سيما بعد أن أصبح وجود الثلاجات من الثوابت الشائعة في المنازل، وفي الخمسينات كانت البيرة قد تجاوزت الساكي لتصبح المشروب الكحولي الأكثر شعبية في كافة أرجاء البلاد. وعلى الرغم من نمو الاستهلاك الكلي للكحول مع ارتفاع عدد سكان اليابان، تضاءل استهلاك الساكي بعد أن بلغ ذروته في عام ١٩٧٥.

وفي الوقت نفسه، توسع سوق الويسكي بشكل اطرادي حتى عام ١٩٨٣. ولكن ما يسمى بـ ”ثورة الأرواح البيضاء“ التي نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية وصعود الكحول المقطر مثل الفودكا والجن وانتقالها أيضا إلى اليابان، بدأ المستهلكون باختيار الشوتشو (مشروب روحي ياباني يصنع من الأرز، الشعير، البطاطا الحلوة) والتشوهاي (كوكتيلات على أساس الشوتشو). ومنذ عام ١٩٨٣، تضاعف استهلاك الشوتشو وتجاوز الويسكي خلال بضع سنوات. في المقابل، انخفض استهلاك الويسكي، الذي حقق نمواً ثابتاً في العقود ما بعد الحرب في غضون سنوات من أعلى مستوى له عام ١٩٨٣ بنسبة وصلت إلى الربع.

في عام ١٩٩٠، ألغت اليابان نظامها الفريد من وضع درجات للويسكي. على الرغم من أن هذا خفض من متوسط سعر بيع الخمور، واصلت السوق في الانكماش. وقبل حوالي عام ٢٠٠٠، وصل الإنتاج إلى ربع ذروته في وقت سابق ما يقرب من عقدين من الزمن. بدأ الوضع يتغير بالنسبة للويسكي فقط في السنوات الأخيرة.

نظام التصنيف الضريبي الفريد

من عام ١٩٦٢ حتى تعديل ضرائب الخمور في عام ١٩٨٩، حسب المصدر السابق، تم تصنيف الويسكي في المقام الأول وفقا لنسب الخليط إلى درجة استثنائية، أولى وثانية ومن ثم خضع للضريبة وفقاً لذلك. كانت الفروق كبيرة بين معدلات الضريبة لكل درجة، وقد اتسم الويسكي الياباني أكثر من غيره في البلدان الأجنبية من خلال التسلسل الهرمي بين العلامات التجارية. وأدى ذلك إلى تقسيم واضح للصناعة لنوعين من الويسكي: الفئة الثانية، وهو منتج للاستهلاك العام والفئة الخاصة وهو منتج فاخر.

في فترات التنمية الاقتصادية، تزداد باستمرار قيمة المنتجات عالية التكلفة كونها أشياء مرغوبة. الويسكي ليس استثناء، وهذا ما يفسر سبب انتماءه إلى فئة خاصة حيث له مكانة بارزة في سوق الهدايا اليابانية.

عندما تم إلغاء نظام التصنيف، كانت قيمة الضرائب المفروضة للويسكي من الدرجة الاستثنائية حوالي ١٤٠٠ ين وهي نسبة تصل لأكثر من ٤٠٪ من ٣١٧٠ ين وهو سعر التجزئة للمنتج النموذجي. في حالة الويسكي من الدرجة الثانية، وصل سعر التجزئة إلى ٧٢٠ ين والذي شمل ١٧٠ ين من ضريبة الخمور. بالإضافة إلى ذلك، مع زيادة مستويات المعيشة، تحول تركيز السوق من ويسكي الدرجة الثانية (مثل سنتوري توريس، سنتوري ريد، وهاي نيكا) إلى أشقائه من الدرجة الممتازة.

الضرائب التفضيلية بموجب نظام تصنيف أدت إلى تزايد التفاوت في الأسعار بين الويسكي من مختلف العلامات التجارية، وتشجيع الشركات المصنعة لتناول استراتيجية بيع علامات تجارية متعددة. في المقطع التالي، أعطي لمحة موجزة عن المستهلك الياباني للويسكي في ذلك الوقت.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • يوسف
    منذ سنتين

    السبب الخفي وراء قرار سلطات اليابان تشجيع الشباب على شرب البيرة هو خفض نسب الاكتئاب والانتحار وسط الشباب حيث أصبح الوضع مقلق جدا بسبب ارتفاع ظاهرة الانتحار وسط الشباب