أما بعد

أما بعد .. نقطة نظام في ملف “فقيه الزميج”

اغتصاب طفلات

برزت في ملف ما يُعرف إعلاميا بـ”فقيه الزميج”، المشتبه في اعتدائه جنسيا على فتيات قاصرات أثناء حصص تحفيظهن القرآن الكريم في كُتاب قرآني بمدشر الزميج التابع لقيادة ملوسة إقليم الفحص أنجرة، (برزت) نقاشات على هامش الموضوع حاولت تحريف جوهر القضية التي هزت الرأي العام.

لذلك وجب الانتباه إلى أن النقاش يجب أن يكون حول خطورة فِعل الإمام كشخص (إن أثبتت التحقيقات ذلك) وليس بما يمثله الإمام من منظومة تعليمية وتربوية قرآنية.

فإذ كان هذا الفقيه فعلا ظالما يجب أن ينال أقصى العقوبات لأنه انتهك حرمة طفلات بريئات، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في حديث قطع يد السارق “ولو كانت فاطمة بنت محمد”، فما بالك بإمام عادي..

ولكن إذا كان هذا الإمام مظلوما وأثبت القضاء أن ما نُسب إليه غير صحيح، فيجب حينها إنصافه ورد الاعتبار إليه ومتابعة من افتروا عليه..

وكل من يناقش موضوعا آخر من قبيل الدعوة إلى إغلاق الكتاتيب القرآنية بدعوى تحولها إلى أماكن للاعتداءات الجنسية، فهو يحاول -عن قصد أو بدونه- الركوب على هذا الحادث من أجل النيل وتشويه سمعة منظومة تربوية وتعليمية مغربية عريقة خرَّجت آلاف المثقفين والعلماء والمفكرين، وتشكل واحدا من أهم أسس التربية والتعليم الديني كتقليد راسخ في ثقافة الأسر المغربية، خاصة في المجتمع القروي.

وإلا فإن الدعوة إلى إغلاق الكتاتيب القرآنية بسبب واقعة مثل هذه، تستلزم من أصحاب تلك الدعوات المطالبة أيضا بإغلاق المدارس والجامعات والملاهي الليلية والحمامات وغيرها من الفضاءات التي وقع في بعضها حوادث مماثلة، وهو أمر لا يمكن أن يتقبله العقل.

لذلك وجب التأكيد على أن الاعتداءات الجنسية، وبغض النظر عن مكان وقوعها، هي جرائم مدانة في ذاتها وليس في صفة ومهنة مرتكبيها، فهي في النهاية تبقى حوادث معزولة لأصحاب الميولات الجنسية غير السوية، وليست حالة عامة لفئة مهنية أو مجتمعية معينة.

وفي نظري يرجع سبب هذا الزخم والهالة الإعلامية التي ميزت هذه القضية، إلى سببين اثنين، الأول أن ملف “فقيه الزميج” جاء في وقت لا زال فيه الرأي العام تحت صدمة الجريمة البشعة التي تعرض لها الطفل عدنان بوشوف، وثانيا المكانة الرمزية للإمام كشخص يحظى بثقة كبيرة في المجتمع، خاصة في القرى، وإلا فإنه لو كان المتهم شخصا آخر غير الإمام لامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بمطالب إعدامه كما حدث في قضية الطفل عدنان.

المهم أن قضية “فقيه الزميج” حاليا بيد القضاء الذي سيقول كلمته بناءً على التحقيقات الجارية، فمحامو الطفلات المعنيات يشيرون إلى أن الفقيه اعترف بالمنسوب إليه أمام الوكيل العام، كما أن آباء وأمهات الضحايا يصرون على أن الإمام هو من اعتدى على فلذات أكبادهن بناء على ما جاء في شكاياتهم المرفوقة بشهادات طبية تثبت فقدان العذرية، بينما تعتبِر أسرة الفقيه وسكان مدشره أنه بريء من تلك الاتهامات وأن القضية تتعلق بتصفية حسابات..

وعليه، يجب انتظار القضاء الذي سيقول كلمته في النهاية لنعرف الحقيقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *