وجهة نظر

گود مورنينغ طالبان

العالم أصبح منذ مدة مجرد قرية صغيرة ، يؤثر أصغر حدث في طرفها إلى عواقب غير متوقعة في الطرف الآخر ، وإذا كانت الأحداث مراتب حسب أهميتها وخطورتها فإن أهمها في هذه الأيام هو اكتساح طالبان للحكم في أفغانستان ، ولذلك يعتبر التفاعل معه ضروريا ، وكما قلت في مقال سابق :

– فإنني أعتبر طالبان الحالية مجرد صناعة أمريكية جاء وقت استعمالها ضد التحالف الصيني الروسي ، وتبدو مقدمات ودلائل ذلك واضحة من خلال تصريحات طالبان حول السماح للنساء بالعمل والدراسة ، حيث من المعروف أن التحالف الغربي هو من يستطيب هذه الملفات الإيديولوجية عوض التركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية . أما الانسحاب الأمريكي فلا يعدو كونه انسحابا تكتيكيا من أجل تفادي مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي المتمركز في أوزبكستان على الحدود مع أفغانستان ، والتي قد تسفر حال حدوثها عن كوارث نووية لا قدر الله .

– الترويج الإعلامي لانتصارات طالبان الأسطورية ، وإظهار أمريكا في وضع المنهزم الهارب المذعور ، هو خطاب عاطفي تحريضي وتهييجي يهدف إلى إبهار الإرهابيين من مختلف مناطق العالم وجذبهم إلى ما تستعد أمريكا وحلفاؤها لجعله لاحقا بؤرة على مشارف المجال الجيوستراتيجي لتحالف ص-ر ، في الوقت الذي مازال المغرب يكابد من أجل استرجاع مواطنيه المغرر بهم في كل من سوريا والعراق وحتى غوانتانامو.

وقد كانت أمريكا تعد لهذا اليوم منذ عقدين من الزمان ولذلك فهي حين احتلت أفغانستان ، لم تعمل على بناء دولة حقيقية ولا على تنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا بل صنعت دولة كرطونية بشخوص كارتونية يسهل التخلص منهم في الوقت الملائم وبأقل التكاليف .

– الموقف السلبي لأمريكا على الخصوص ولتحالف ” أ أ ” يفضح كل السيناريو ، ويكفي طرح الأسئلة التالية : من أين حصلت طالبان على السلاح والعتاد بينما الأقمار الاصطناعية الأمريكية وأجهزة تجسسها ترصد كل كبيرة وصغيرة وتتتبع مسار أصغر قطعة سلاح عبر العالم ؟ ومن أين جاءت هذه الأعداد من المقاتلين ، وكيف وأين كانت تتدرب وتعيش جيوش طالبان طيلة مدة الاحتلال الأمريكي ، وكيف تم تنظيمها وتوزيعها ومن أين جاءت الخطط التي استعملتها في هذه الحرب الخاطفة على النظام الكرطوني الذي نصّبته أمريكا ؟ وكيف يتم تدبير لوجستيك هذه الحرب من ماء ومأكل ومشرب وملبس ومبيت وغيره في شهر من أكثر الشهور حرارة في بلد أصلا تعتبر تضاريسه وطقسه من بين الأسوأ في العالم ، حيث الماء وحده يعتبر مشكلة عظمى .

لذلك لن تنطلي علينا حيلة ” الفتوحات ” الإسلامية التي تحققها ” طالبان” ، ولكننا لا نظن أن تحالف ص-ر في غفلة من هذا الذي يقع ، وبالتأكيد سنرى ردود أفعال سريعة وحاسمة في الأيام المقبلة .

وبداية أتوقع إنزالا عسكريا روسيا في أوزبكستان ومحيطها ، وأتوقع حصول مناورات عسكرية صينية روسية في المنطقة وأتوقع تسريعا لعملية تأسيس حلف عسكري بين البلدين ، وأتوقع تفجر الأوضاع في مناطق حليفة لأمريكا في سياق توازن الرعب وكما سبق وأن قلت في مقال سابق بعنوان ” الحرب بين الجزائر والمغرب قادمة لا محالة ” أتوقع أن تكون هذه المنطقة التي ستشعلها روسيا هي شمال أفريقيا عبر دفع التحالف الإيراني-الجزائري إلى بدأ مغامرة عسكرية في المنطقة بما يحول شمال وغرب أفريقيا إلى برميل بارود سنكون نحن وقوده ، ولا يجب أن ننسى الانسحاب الغير مفهوم لفرنسا من قواعدها في مالي وتركيز قواتها في تشاد بما يتيح كما سبق أن قلت مجالا جغرافيا كبيرا لانتشار وتدريب وتنظيم الحركات الإرهابية المتطرفة المتعددة الأسماء في المنطقة على غرار تنظيم طالبان في آسيا ، من أجل استعمالها في هذه الحرب ، وستمكن هذه الحرب تحالف الصين روسيا من طرق أبواب أوروبا الحليفة لأمريكا عسكريا من جنوبها واستعمال ورقة عدم الاستقرار الذي سينشأ عن هذا الصراع لإغراقها بالمهاجرين والإرهابيين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *