مجتمع

نساء “الكبار” بالمغرب.. رزق بين وخز أشواك تزهر في جيوب السماسرة

مريم التايدي: سبت كزولة _ آسفي

كحبات العقد تنفلت بين أناملها واحدة تلو الأخرى، في حركة سريعة ومتكررة تجني حفيظة رقيب كريات نبتة “الكَبّار”. بدوار ولاد زناين منطقة سبت كزولة،بإقليم أسفي، تشرب حفيظة كوب قهوتها على عجل، وتسابق خيوط الشمس للحقل.

“منه ندرس أبناءنا، وبه ندفع أقساط معيشتنا” هكذا تعتبر حفيظة ومثيلاتها من النساء نبتة الكَبّار، التي يتصدر المغرب قائمة مصدريها عالميا ولا يعرفها الكثير من المغاربة.

رزق بين الأشواك
تنكب النساء على وجوههن كل صباح، تحملن مع آواني بلاستيكية الكثير من الأماني، وبعض الترانيم والأغاني،يفرزن حبات الكبارمن بين أشواكه ووهج شمس الصيف الحامية.

في صباح من صباحات غشت، زرنا أحد حقول “الكَبار” بإقليم أسفي، وعشنا مع نساء الكبار نشاط الجَني، فكانت الظروف القاسية التي تعمل فيها نساء الحقول بادية، وعلامات الجُهد الذي يبذُلنَه لكسب بعض الدريهمات طاغية.

لا يتجاوز ثمن الكيلوغرام الواحد من الكبار16 درهما في أحسن الأحوال، تجمعه النساء العاملات بالحقول ثمرة ثمرة، يقاومن الندوب على أياديهن، ويبصمن الشجيرات الشوكية ببعض من دماء أصابعهن.

هو الكسب ومنه الطعام
تعتبر منطقة آسفي موطن الكَبّار، منه كسب نساء وأطفال وكِبار، ومن ثمنه علف البهائم، وكتب المدارس، وملابس الأعياد.

تقولحفيظة رقيب إن سكان المنطقة يعيشون من الكبّار، سواء من مزارعهم الخاصة، أو كمُياوِمين عند الأغيار. وتضيف أنه يدخل في جزء من غَذاء فصل الشتاء، ممزوجا مع البيض أو كريات الأسماك.

يدخل الكبار في إعدادالكثير من الوصفات العالمية، ويقدم في المطاعم الفخمة، يوجه معظم إنتاجه للسوق الخارجية، وثقافة استهلاكه وطنيا لا زالت محدودة.

احتكار واستغلال
خلال موسم جني الكبار، يصبح عُملة المنطقة التي يتم التداول بها، فتدفع ديون الأسر لدى الجزار والبقال وكيال الحبوب كبّارا بسعرالسوق.

وسعر السوق يحدده السماسرة والوسطاء، فيما يشبه بورصة يتحكمون بحركِيَتها كل يوم، لا تخضع للعرض والطلب، فالعرض مفتوح حسب المحاصيل ووتيرة الجني، فيما الطلب متحكم فيه من قبل لوبي مسيطر يمتلك خيوط التصدير.

يتأسف محمد الزنايني، رئيس جمعية لمنتجي الكبار بضواحي آسفي،لكون المرأة القروية التي تعاني من لسعات الكبار لا تستفيد من القيمة المضافة له، ولا يعادل ما تحصل عليه مقابل بيع الكبار المجهود الذي تبذله. ويقول إن سوق الكبار محتكرة من شركات كبيرة تتولى التصدير، وتعج منطقة سبت كزولة وحدها بأكثر من 200 وسيط يستغلون جهود النساء والمزارعين.

وتصل قيمة كيلو من الكبّار المعلب خارج المغرب إلى حوالي 40 دولار،ما يظهر الفجوة الكبيرة في القيمة المضافة.

ويعتبر الزنايني أن السبب يعود لكون الكبار لم يعطى حقه في برامج التنمية المحلية، ولم يحظى بالترويج والإعلام. ويضيف الزنايني أن المنتوج يصدر خاما،ووحدهم محتكرو سوق التصدير من يستفيدون منه.

تثمين وتنمية
رغم مساهمة زراعة الكبار في الدينامية الاقتصادية لأسفي وضواحيها، إلا أن إسهامها في تنمية المنطقة يبقى محدودا بالنظر لاستغلال المنتوج من طرف الوسطاء، ما دفع شباب المنطقة إلى محاولة تثمين الكبار عبر تصبيره وتعبئته في القنينات، وتسويقه بالمتاجر الكبرى. يوضح الزنايني “نبيع المعلب في السوق الوطني، لا نستطيع التصدير لأن لوبي التسويق يحاصرونا”.

ويرى الزنايني أن نقل الكبار من طرق التسويق التقليدية لنمط عصري والتوجه للسوق الداخلي، يستطيع أن يخلق تنمية محلية تعود بالنفع على المزارعين والنساء المنخرطات بالتعاونية.

ويطمح منخرطو تعاونية تثمين الكبار إلى تطوير منتجات جديدة منه مثل الزيوت والصابون، ويطالب المزارعون بإحداث وحدات صناعية صغيرة وسوق خاص للكبار بشروط شفافة تحفظ حق المزارعين وتحميهم من سلطة الاحتكار والسمسرة.

وتشهد مدينة آسفي تنظيم معرض وطني للكَبّار، أصبح تقليدا سنويا للاحتفاء بهذا المنتوج،حيث يشهد تنظيم أنشطة مختلفة وندوات علمية حول فوائد الكبار الغذائية والطبية.

ويحدث موسم جني الكبار أكثر من 450 يوم عمل في الهكتار أي ما يعادل 1.5 مليون يوم عمل على مساحة 7000 هكتار المتواجدة بالإقليم.

أما حفيظة فقد خبرت عبر الممارسة أن شوك شجرة الكبار يزداد حدة مع اشتداد الحرارة، لهذا تعمل باكرا وتعود للجني آخر النهار. وتعتقد المزارعة أن الكبار مفيد للصحة ويحارب البرد، وتوصي بتناولهصباحا معالبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عزيز.0631815716
    منذ سنتين

    سلام.توناة.لمنتوج.الكبر.كتشتاغل.فيه