خارج الحدود

لاقى تهديدا سعوديا في السابق.. مبادرة تشريعية أمريكية لمقاضاة أوبك ودولها الأعضاء

بعد فشل الضغوط السياسية التي مارستها إدارة الرئيس الأمريكي جو بيدن في حمل دول أوبك، وخاصة السعودية، على ضخ كميات إضافية من النفط في الأسواق، فتحت أمريكا جبهة جديدة من خلال مجلس الشيوخ من خلال إعادة النظر في مشروع قانون يتيح رفع دعوى قضائية ضد مجموعة أوبك أو إحدى الدول الأعضاء فيها بتهمة التآمر لرفع الأسعار، وذلك بعد أن فشلت عدة محاولات سابقة في تمرير المشروع وهددت السعودية حينها باللجوء إلى البيع بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.

وحسب مصادر إعلامية، أقرت لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي أمس الخميس مشروع القانون المعنون بـ ” لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط ” والمعروف اختصاراً باسم نوبك، حيث حظي مشروع القانون والذي يرعاه النائب الجمهوري تشاك جراسلي والنائبة الديمقراطية إيمي كلوبوشار وغيرهما، بتأييد 17 عضواً في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ مقابل رفض أربعة.

وفشلت محاولات من التشريع في الكونغرس على مدار أكثر من عقدين. لكن قلق المشرعين يتزايد من ارتفاع التضخم المدفوع بعض الشيء بأسعار البنزين في الولايات المتحدة ، والذي سجل لفترة وجيزة مستوى قياسياً فوق 4.30 دولار للغالون هذا الربيع.

وقالت كلوبوشار، حسب نفس المصادر، “أعتقد أن الأسواق الحرة والتنافسية أفضل للمستهلكين من الأسواق التي يسيطر عليها تكتل من شركات النفط المملوكة لدول … المنافسة من أهم أسس نظامنا الاقتصادي”.

ومن شأن “نوبك” تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي أوبك وشركات النفط الحكومية في دولها منذ فترة طويلة من الدعاوى القضائية.

ويحتاج مشروع القانون، حسب المصادر نفسها، لأن يقره مجلسا الشيوخ والنواب، ثم يوقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً.

وإذا أصبح نوبك قانوناً سارياً، سيكون بمقدور المدعي العام الأمريكي مقاضاة أوبك أو أعضائها – مثل السعودية – أمام محكمة اتحادية. كما سيمكنه كذلك مقاضاة منتجين آخرين متحالفين مع أوبك – مثل روسيا – يعملون مع المنظمة على خفض الإمدادات في إطار ما يعرف باسم مجموعة أوبك+ .

وتجاهلت السعودية وغيرها من المنتجين في أوبك مطالب الولايات المتحدة ودول مستهلكة أخرى بزيادة إنتاج النفط بأكثر من الزيادات التدريجية التي تطبقها المنظمة، حتى مع تعافي استهلاك النفط من آثار جائحة كوفيد-19 وتراجع إنتاج روسيا بعد غزوها أوكرانيا.

وفي 2019، هددت السعودية ببيع نفطها بعملات غير الدولار إذا ما أقرت واشنطن نسخة سابقة من نوبك. ومن شأن ذلك تقويض وضع الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم، مما يخفض من نفوذ واشنطن على التجارة العالمية ويضعف من قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.

وحسب اندبندنت عربي، لازم الفشل تشريع “نوبك” في الكونغرس قرابة 22 عاماً، ففي 2007، وقفت له إدارة جورج دبليو بوش بالمرصاد، وفي عهد دونالد ترامب تعثر القانون مرة أخرى. ومع ذلك، يقول مؤيدوه إن المشروع قد يرى النور أخيراً هذا العام بسبب أفعال روسيا التي كانت تنتج أخيراً نحو عشرة في المئة من نفط العالم.

وقال تيلور فوي، المتحدث باسم غراسلي، الخميس الماضي، حسب نفس المصدر، “نظراً لارتفاع أسعار الطاقة وتعاملات الإدارة مع منتجي نفط أجانب، فإن ضمان عدالة التسعير وممارسات الإنتاج لم يكن قط أكثر أهمية من الآن”.

إلا أن الباحث في شؤون الطاقة المهند الهشبول قلل من جدوى القانون حال تمريره، لحاجة الادعاء إلى إثبات الاتهامات الموجهة لـ”أوبك” بأنها “كارتل” أو مجموعة احتكارية تمارس التلاعب في أسعار الطاقة، مشيراً إلى صعوبة إثبات هذه الممارسات، كون ذلك يتطلب أن يكون هناك “اتفاق مطلق بين الأعضاء فيما يخص حصص الإنتاج والتصدير والتقيد بها عالمياً، في حين أن “أوبك” ليس لها علاقة بالتصدير، وإنما تنظم حصص الإنتاج التي لا تلتزم بها الدول الأعضاء بشكل كبير”.

وقال الهشبول في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إنه “حتى لو نجح الادعاء في الإثبات بأن (أوبك) من عصابات السلع والاحتكار التي تتحكم بالأسعار، فيجب البحث والنظر في جميع العوامل التي أثرت في الأسواق العالمية”، إذ هناك من سيحتج بأن “ارتفاع الأسعار مرتبط بعوامل لا علاقة لها بـ(أوبك)، مثل الحرب الروسية – الأوكرانية والتعافي الاقتصادي السريع بعد جائحة كورونا”.

وأضاف أن هذه الخطوة ستكون “منهكة للولايات المتحدة اقتصادياً وسياسياً وقانونياً”، مشيراً إلى التعقيدات التي تتمثل في تعامل شركات أميركية مع معظم دول “أوبك”، وما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لمقاضاة هذه الشركات، إضافة إلى عامل أكبر قد يعوق مشروع القانون يتمثل في آثاره والتوترات السياسية التي سيخلقها مع دول كالسعودية.

وترفض السعودية، أكبر المنتجين في “أوبك”، دعوات من واشنطن لزيادة إنتاج النفط بأكثر من الزيادات التدريجية التي اتفقت عليها في إطار مجموعة “أوبك+” التي تضم روسيا.

وقالت ستة مصادر من “أوبك+” لـ”رويترز”، الخميس، إن التحالف سيتمسك على الأرجح بالاتفاق الحالي ويوافق على زيادة مستهدفة محدودة أخرى في الإنتاج لشهر يونيو (حزيران) عندما يجتمع في الخامس من مايو (أيار) على الرغم من توقعات من روسيا بانخفاض إنتاجها أكثر.

وتعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاؤها فيما يعرف باسم “أوبك بلس” على إلغاء تخفيضات الإنتاج القياسية المطبقة منذ انتشار جائحة “كوفيد-19” في عام 2020.

في المقابل، يضغط كبار المستهلكين بقيادة الولايات المتحدة على المجموعة لزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع، بخاصة أن العقوبات الغربية أضرّت بالإنتاج الروسي.

وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في يوليو (تموز) من العام الماضي فمن المقرر أن تزيد المجموعة إنتاج النفط بواقع 432 ألف برميل يومياً كل شهر حتى نهاية سبتمبر (أيلول) لتنهي بذلك تدريجياً كل كمية خفض الإنتاج.

وفي الشهر الماضي، وافقت المجموعة على المضي قدماً في الزيادة المقررة للإنتاج في مايو (أيار).

وتظهر البيانات أن إنتاج المجموعة يقل بمقدار 1.45 مليون برميل يومياً عن المستهدف في مارس (آذار) مع بدء الإنتاج الروسي في التراجع.

وأظهرت وثيقة من وزارة الاقتصاد الروسية اطلعت عليها “رويترز” أن روسيا قد تشهد تراجعاً في إنتاج النفط يصل إلى 17 في المئة في 2022 مع مواجهتها صعوبات بسبب العقوبات الغربية.

وسيكون نطاق التراجع هو الأكبر منذ التسعينيات عندما عانى قطاع النفط من قلة الاستثمارات.

وصعدت أسعار النفط لليوم الرابع، الجمعة، مع تغلب المخاوف من اضطراب الإمدادات الروسية على تأثير قيود الإغلاق لمكافحة فيروس كورونا في الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، والتي تلقي بظلالها على الطلب.

ومع ذلك، لا تزال أسعار النفط متقلبة، إذ لم تبد الصين أي مؤشر على تخفيف إجراءات الإغلاق على الرغم من تأثيرها على اقتصادها وسلاسل الإمداد العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *