منوعات

لماذا يرى العلماء في الفيلة مفتاح علاج السرطان لدى البشر؟

نتائج دراسة علمية جديدة سوف تغير نظرتنا إلى الفيلة، من مجرد حيوانات تدهشنا بحياتها الاجتماعية، وذكائها المميز في مجتمع الغابة، وجمال أجسادها الضخمة، وأدوارها المثيرة في ألعاب السيرك، و … على أنها حاملة أمل علاج أحد أخطر الأمراض التي تفتك بملايين البشر كل سنة، وهو مرض السرطان.

فمرض السرطان، حسب منظمة الصحة العالمية، هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، وعبئه آخذ في الازدياد. وبحسب المنظمة، تجاوز العالم عتبة جديدة في عام 2021، حيث تم تشخيص ما يُقدّر بنحو 20 مليون شخص مصاب بالسرطان، فيما توفي 10 ملايين شخص بسببه.

فكيف تقاوم الفيلة، المعرضة لخطر الانقراض بسبب الصيد الجائر، مرض السرطان؟ وكيف تحمل مفتاح علاجه في البشر؟

 دراسة تكتشف مفتاح علاج السرطان

حسب قناة الحرة، أظهر بحث جديد شارك فيه باحثون أوروبيون أن الأفيال قد تملك مفتاح علاج أمراض السرطان لدى الإنسان، وذلك وفقا لما ذكرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية.

وكانت دراسة سابقة نُشرت قبل نحو أربعة أعوام أوضحت أن الأفيال لا تصاب بأمراض السرطان كبقية الحيوانات، لأنها تحمل جيناً من نوع خاص يقضي على جميع الخلايا ذات الحمض النووي التالف والتي تتحوّل فيما بعد إلى خلايا سرطانية.

وأوضح تلك الدراسة والتي نشرت بمجلة “تقارير الخلية” أن ذلك الجين مع تطور النشوء أصبح جيناً كامناً ينشط فقط لدى الأفيال، وأطلقوا عليه جين الزومبي لأنه يعود للنشاط من جديد كأنه يحيا من جديد.

وبحسب الدراسة الجديدة يمكن أن يؤدي تسخير الجينات الموجودة لدى الأفيال إلى إيجاد علاج لأمراض السرطان بمختلف أنواعها.

حارس الجينوم  P53

ولفت المؤلف المشارك في الدراسة فريتز فولراث، من جامعة أكسفورد إلى أن “الدراسة الجديدة معقدة ومثيرة للاهتمام بشأن قدرة الأفيال على مواجهة السرطان، وبالتالي يجب دراسة كل التفاصيل بدقة”.

وتابع: “يمكن معرفة الكثير عن مقاومة الأفيال للسرطان من خلال علم الوراثة وعلم وظائف الأعضاء بالإضافة إلى البيئة والنظام الغذائي السلوك اليومي لتلك الحيوانات”.

وعلى الرغم من أجسامها التي يبلغ وزنها خمسة أطنان وطول عمرها، فإن الأفيال تظهر مقاومة عالية للسرطان مع معدل وفيات أقل من خمسة في المائة، مقارنة بما يصل إلى 25 في المائة بالنسبة للبشر.

وقد حيرت تلك الظاهرة علماء الأحياء لعقود، إذ تلك المخلوقات وبحكم حجمها الكبير يجب أن تكون معرضة لخطر الإصابة بالسرطان أكثر من الإنسان.

فمن المعروف أن الخلايا تستمر في الانقسام طوال دورة حياة الكائنات الحية، وبالتالي فإن ذلك الأمر يحمل خطر إنتاج الأورام سواء الحميدة منها أو الخبيثة، ولكن الأفيال ترث 40 نسخة من جين يسمى P53، 20 من كل والد.

ويطلق على تلك الجينات اسم “حارس الجينوم” لأنها تلاحق وتقضي على الخلايا ذات الحمض النووي المعيب.

وفي هذا الصدد يقول قال المؤلف المشارك البروفيسور روبن فاهرايوس، من المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية في باريس إن: “هذا تطور مثير لفهمنا لكيفية مساهمة البروتين p53 في منع تطور السرطان”.

وزاد شارحا: “في البشر، يكون نفس البروتين p53 مسؤولاً عن تحديد ما إذا كان يجب على الخلايا التوقف عن التكاثر أو الانتقال إلى موت الخلايا المبرمج (الانتحار)، لكن كيفية اتخاذ p53 لهذا القرار من الصعب توضيحه”.

وأضاف: “إن وجود العديد من أشكال p53 في الأفيال بقدرات مختلفة على التفاعل يوفر أسلوبًا جديدًا مثيرًا لإلقاء ضوء جديد على نشاط مثبط للورم”.

وألقت نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة Molecular Biology and Evolution ضوءًا جديدًا على كيفية تنشيط بروتينات p53، فهي تفتح الباب أمام تطوير الأدوية التي تزيد من حساسية تلك الجينات وتعزيز استجابتها ضد البيئات المسببة للسرطان.

ونبه الباحث المشارك في الدراسة من جامعة برشلونة المستقلة، كونستانتينوس كاراكوستيس، إلى أن “تراكم أحواض p53 المعدلة هيكليًا، بشكل جماعي أو متآزر ينظم الاستجابات للضغوط المتنوعة في الخلية”.

لكنها مهددة بالانقراض

تجدر الإشارة إلى قطعان الأفيال، التي تحظى باهتمام كبير لأنيابها العاجية، معرضة لخطر الانقراض بسبب عمليات الصيد الجائرة وغير القانونية، حيث يوجد حاليا حوالي 400 ألف فيل فقط في إفريقيا، ونحو 30.000 في آسيا.

وتضافرت عدة عوامل مثل تجارة العاج، وفقدان المواطن الحيوية، وعدم توافر فهم أعمق لبيولوجيا الفيلة، إلى التقليل من شأن التهديد الفعلي الذي تواجهه.

وقال الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة إن الفيلة التي تعيش في غابات القارة الأفريقية معرضة الآن لمخاطر جسيمة بالانقراض.

بدورها، تواجه الفيلة التي تعيش في مناطق السافانا (نظام بيئي مختلط للأراضي الحرجية والمراعي يتميز بتباعد الأشجار على نطاق واسع) خطر الانقراض.

وقد أدى “انخفاض أعدادها على مدى عقود” إلى تصنيف هين النوعين من الفيلة، ضمن أعلى فئتين من الفئات المعرضة لمخاطر الانقراض.

وقيّمت الفيلة الأفريقية في السابق باعتبارها نوعاً مدرجاً في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.

وتواجه الفيلة منذ زمن بعيد خطر تجار العاج عبر العالم الذي يهددها بالانقراض، بعد أن ارتفعت وتيرة الصيد غير القانوني في السنوات الأخيرة.

وتشير تقارير إلى أن الفيل مهدد بالانقراض خلال قرن من الزمن بسبب عملية قتله المستمرة للحصول على أنيابه العاجية.

وتسبب الطلب على العاج من دول آسيوية مثل الصين وفيتنام أين يتحول العاج إلى حلي وأدوات للزينة، إلى ارتفاع وتيرة الصيد غير القانوني في أفريقيا.

وحظرت تجارة العاج الدولية منذ عام 1990 بموجب معاهدة حظر الاتجار الدولي في الحيوانات والنباتات المعرضة لخطر الانقراض التي وقعت عليها معظم الدول.

ويقتل صيادون جائرون ما يقدر بنحو مئة فيل أفريقي كل يوم بغرض الحصول على العاج واللحم.

وتضيف دراسة إلى أن أرقام القتل غير القانوني مخيفة، حيث تم صيد 40 ألف فيل عام 2011، ما ساهم في تضائل الأنواع بنسبة 3 بالمئة.

ويزداد الوضع سوء بشأن الفيلة الأفريقية والأسيوية، التي تواجه خطر الموت العشوائي على يد تجار العاج عبر العالم، إذا أعلنت المنظمة العالمية لحماية البرية عن تراجع عدد الفيلة في أفريقيا إلى 300 ألف فيل بعد أن كان 5 ملايين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *