منتدى العمق

الطفل والعنف

إن مختلف حالات الاضطراب النفسي والهدم المعنوي التي يعيشها الطفل تكون ناتجة عن تعرضه للعنف من طرف أحد والديه خاصة كعقاب لأخطاء ارتكبها بعفوية او بجهل منه أو لبراءته أو لأسباب دراسية، فأثر السلطة الأبوية نفسيا يمس الجانب النفسي من شخصيته مستقبلا، فالانغلاق النفسي الذي يمارسه الطفل حين يتعرض للعقاب الأبوي قد نسميه “بالكهف الذهني” وهو حالة نفسية-معرفية نعني بها استهداف الحلول، في حالة العثور عليها يعود إلى الاستقرار العاطفي مع أهله وإن لم يجدها يبقى أسيرا في كهفه.

هذا الاعتصام الذهني يجعل منه يشعر بأنه لا يقدم النفع لا لنفسه ولا لأسرته ولا لمجتمعه، وبذلك فهو يفسر هذا الشعور تفسيرا شخصيا بأنه لم يعد محبوبا، فيكسر معنوياته ويخلق له فجوة حزن على مستوى مساحة الشعور وعقدة الخوف في مساحة اللاشعور كمتلازمة ترافقه طول طفولته و فوبيا العنف في مساحة اللاوعي واستمرار العقاب سيجعل منه انسان سائرا نحو النهاية النفسية بدرجاتها التي تشبه حالات الاكئتاب عن الكبار، وتتجسد النهاية النفسية عند الطفل في اختفاء مشاعر الحنان المكتبسة واحساسه أن أمه أو والده الذي عاقبه يعتبر حاجزا غير مفهوما في حياته، ويظن أن حضور أحد والديه في يومياته يعتبر أمر سيء جدا، فهو يفهم أن العقاب مصيره في أية لحظة، فيكتسب عقدة الاستعداد للخطر .

لذلك و لا شعوريا يكون دوما في حالة استعداد ليحمي نفسه مانسميه “حالة لاطمأنينة”، لأن الذي عاقبه سيكون في نفسيته مثل الخطر لم يعد يمثل أبا أو أما بل صار يمثل إنسان خطر بالنسبة له، وغالبا ما تظهر الاثار السلبية للعنف ضد الاطفال عند بلوغهم سن المراهقة وتعود هذه الأضرار بالخطر على صحته من خلال ظهور امراض نفسية وعضوية، لذلك العنف ضد الاطفال هو مصنع المجرمين، عاقبوا اطفالكم بالنصيحة والعناق والحب والهدايا، اجعلوا عقابكم لهم شيء جميلا يزرع في خواطرهم الزهور والحب والأمان النفسي، اتركوا أيديكم في جيوبكم في لحظة الغضب، ألقوا عليهم حبا كما يلقي الله الغيث على أرضه، فهؤلاء الأطفال لا يستحقون العنف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *