منتدى العمق

سؤال القيم داخل وسائل التواصل الاجتماعي.. مجموعة “لا بيرو” نموذجا

أصبحت مجموعة لابيرو من أكثر المجموعات الفيسبوكية، التي حظيت بإعجاب من قبل العديد من المتتبعين بمختلف فئاتهم العمرية والجنسية ،لكن الجميل في كل هذا وهو انه على الرغم من تقاسم الصور الشخصية في الجلسات التي اعتدنا القيام بها داخل العلب الليلية ،الا انها أصبحت اليوم معروضة امام الجميع بشكل طبيعي جدا ،وهذا مؤشر جيد يعبر عن فلسفة أخلاقية تؤمن بان الاخلاق لا لون لها ،وانما هي ارتقاء بالوعي في مستوى الذي يصبح فيه الانسان هو ذلك الكائن الوحيد القادر على التمييز بين الأشياء والتصرف بشكل حضاري ،وهناك لابد من الإشارة انه لم يسبق لأحد أن قلل من قيمة أي فتاة أو نعتها بألفاظ نابية ،الشيء الذي جعل هذه المجموعة تتسم بخصوصية فريدة ،عكس بعض المجموعات الفيسبوكية التي تناقش في أمورا الدينية الا انها تعرف تراشقا بالألفاظ ،الأمر الذي يدفعنا أمام مفارقة جدلية بين الحرية والقيم الأخلاقية التي لم تعد مجرد أقوال وأشكال ،وإنما هي أفعال سلوكية نلمسها عندما نتعامل بها مع الأخر ،وإن كانت الخطابات الدينية كلها ركزت على القول إلا أنها أهملت الفعل الإنساني ،باعتباره سلوك اجتماعي له مدرسته الخاصة ،والتي تبدأ من الاسرة مرورا بالمؤسسة المدرسية والرامية إلى بناء هدف تربوي ،وهو احترام الاخر والتعايش معه مهما كانت اختياراته الذاتية والاعتقادية ،وقد جسدت هذه المجموعة المعنى الحقيقي لهذا المبدأ ،وذلك عن طريق روح التفاهم في تقبل الأشياء ،فاختيار شرب الخمر لا يعني بالمرة انك بدون قيم أخلاقية ،لذلك علينا أن نتخلص من هذه الصور النمطية التي تم ترسيخها داخل المجتمع ،وذلك عن طريق التفكير الاختزالي الذي يختزل الانسان في صورة محددة ،الامر الذي يدفعنا الي إعادة النظر في العديد من الاعتبارات الدينية والاعتقادية ،التي صارت جزءا من التمثلات الاجتماعية الخاصة بالأفراد في نظرتهم إلى الأشياء، وكل هذا لا يمكنه ان يتغير إلا اذا تم بناء جيل يؤمن بقيم الاختلاف وتقبل الاخر حتى نستطيع على الأقل أن نتخلص من ظاهرة التلصص البصري ،والقائم أساسا على تتبع أغراض الخاصة داخل المجتمع.

* باحث في علم الاجتماع      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *