سياسة

تقرير: أنظمة عربية لم تستفد من حراك 2011 .. وانتفاضات على الأبواب

كشف تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016، والمعنون بـ “الشباب وآفاق التنمية .. واقع متغير”، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن أرقاما مخيفة عن الدول العربية تشير إلى أن “الربيع العربي” الذي عرفته في 2010 و2011 والذي دمر 6 دول في المنطقة لم تستفد منه بشكل جيد الأنظمة السياسية العربية.

وأشار التقرير أن العرب يمثلون فقط 5 بالمائة من سكان العالم، ورغم ذلك فهم يمثلون ـ45 بالمائة من المنضمين للجماعات الإرهابية عبر العالم، و68 بالمائة من الذين توفوا نتيجة الحروب خلال 2016، و47 بالمائة من النازحين نتيجة الاضطرابات، و58 بالمئة من اللاجئين خلال السنة ذاتها، مشيرا إلى أنه بحلول عام 2020، سيكون ثلاثة من أصل أربعة أشخاص عرب سيعيشون في دول ستكون عرضة للصراعات.

وأضاف أن تعداد الشباب العربي الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة يبلغ 105 ملايين من بينها، 30 بالمائة من العاطلين عن العمل أي ضعفي المتوسط العالمي، مشيرا إلى أن ما يقرب من نصف النساء العربيات الشابات الباحثات عن عمل لا يعثرن عليه، أي بمعدل 4 أضعاف المتوسط العالمي البالغ 16 بالمائة.

وينطلق التقرير من حقيقة أن جيل الشباب الحالي يمثل أكبر كتلة شبابيّة تشهدها المنطقة على مدى السنوات الخمسين الماضية، إذ يكون 30 في المئة من سكّانها الذين يبلغ عددُهم 370 مليونَ نسمة، مؤكدا أن البطالة بين شباب العرب هي الأعلى في العالم 29 بالمائة عام 2013 مقابل 13 في المائة عالميا حيث يبلغ الباحثون عن العمل للمرة الأولى نحو نصف العاطلين عن العمل وهو أيضا أعلى معدل في العالم.

ونبّه التقرير إلى أن البلدان العربية تستطيع تحقيقَ طفرة حقيقية ومكاسب كبيرة في مجالي التنمية، وتعزيزَ الاستقرار، وتأمينَ هذه المكاسب على نحوٍ مستدام إذا تبنَّت سياساتٍ تُعطي الشبابَ حصةً يستحقونها في تشكيل مجتمعاتِهم وتَجعلهم محطَّ الاهتمام – سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن آفاق الشباب في المنطقة تتعرض الآن أكثر من أي وقت مضى لخطر الفقر والركود الاقتصادي وفشل الحكم والإقصاء المتفاقمة بعنف الجسم السياسي وهشاشته، موضحا أن شباب العرب لا يزالون يعانون من تحديات صحية وتوفير غير واف للرعاية الصحية ورداء الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية.

واعتبر تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن جنوح الشباب إلى التطرف العنيف عوامله هو شعور عام بالاستبعاد وانعدام الفرص الذي يسود في معظم الدول العربية ويواجه الشباب عقبات هائلة في تنمية شخصيته عبر أوسع نطاق ممكن من المؤسسات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وفي أغلب الأحيان تتسم حياة الشباب بالإحباط والتهميش والانسلاخ عن المؤسسات.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية يرفع المزيد من الشباب في المنطقة أصواتهم ضد المسؤولين عن إقصائهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ويؤكد التقرير المذكور أن أحداث 2011 وما تلاها قدرة الشباب على المبادرة بالفعل وعلى تحفيز التغيير أظهرت وعيهم بما تطرحه الأوضاع العامة القائمة من تحديات خطيرة للتنمية، وقدرتهم على التعبير عن عدم رضا المجتمع ككل عنها وعن مطالبه بتغييرها، كما كشفت عن عمق التهميش الذي يعاني منه الشباب وعن عدم امتلاكهم أدوات العمل السياسي المنظم التي يمكنها ضمان سلمية التغيير واستدامته.

وأثبتت هذه الأحداث أن حصر الاستجابة لمطالب التغيير بالتعامل الأمني دون التصدي لمعالجة أسبابها يحقق استقرارا مؤقتا يؤجل دورات الاحتجاج، لكنه لا يقلل من فرص تكرارها، لا بل يؤدي إلى تراكمها لتعود إلى الظهور بأشكال أكثر عنفا، يضيف تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016.

ودعا التقرير ذاته دول المنطقة إلى الاستثمار في شبابها وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، كأولوية حاسمة وملحة في حد ذاتها وكشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، داعيا أيضا إلى تبني نموذجِ تنميةٍ ذي تَوجُّهٍ شبابي، يُركِّز في آن واحد على بناء قدرات الشباب وتوسيعِ الفرص المتاحةِ لهم، ويعتبر أن تحقيقَ السلام والأمن على الصعيدَين الوطنيِّ والإقليمي شرطًا أساسيًّا لمستقبلٍ جدير بالشباب.