وجهة نظر

عشوائية التعليم عن بعد

إذا لم يصحب التعليم عن بعد حجر صحي؛ فلا جدوى منه بل سيشكل -لا قدر الله- بؤرة وبائية غير محسوبة العواقب.

لأن بؤر العدوى جراء الاختلاط في الأسواق والمقاهي والمرافق الرياضية والمسارح الفنية والأماكن الترفيهية والحدائق العمومية التي يعتادها الأطفال والتلاميذ أكثر بكثير مما يمكن أن يحصل في التعليم الحضوري؛ مع اتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة والحرص الشديد على توفير شروط السلامة الصحية في التعليم الحضوري.

لأن ضغوط التعليم عن بعد النفسية والاجتماعية على التلاميذ والأسر مدعاة:
– للإكثار من الاختلاط بين الناس للترويح وتخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية على الأسر والأبناء وهو مدعاة للتساهل في كثير من الإجراءات الصحية

– الإلحاح على الساعات الإضافية وربما في غفلة من التدابير الصحية؛ بدعوى عدم جدوى التعليم عن بعد وقلة مردوده أو قلة الاستيعاب. فيكون التلاميذ عرضة للعشوائية في إجراءات السلامة الصحية.

– تعويض الأنشطة الموازية المُؤطَّرة بالتعليم الحضوري بأنشطة لا تحترم معايير السلامة الصحية غالبا ويطبعها العشوائية والارتجال.

– ‏غياب الرياضة المدرسية المؤطرة والمسؤولة يكون مدعاة لممارسة رياضة غير مسؤولة جراء الفراغ الرياضي المدرسي.
– ‏ ولعل الذي أسهم في بصيص نجاح التعليم عن بعد سابقاً هو إلزامية الحجر الصحي رغم ضعف مردود هذا النوع من التعليم وأعطابه الكثيرة التقنية والنفسية والاجتماعية ورغم الجهد المبذول والمضاعف لرجال التعليم والأسر والوزارة الوصية. إلا أنه لا يساوي عشر التعليم الحضوري.
– عدم تكافؤ الفرص بين المتعلمين لتفاوت مجال السكن بين القرى والمجال الحضري
– التفاوت الاقتصادي بين الأسر
– تفاوت المستوى التعليمي بين أباء وأمهات وأولياء التلاميذ مما ينعكس سلبياً على نتائج التحصيل.

غياب الجودة في التعليم عن بعد بسبب ضعف الثقافة المعلوماتية لأغلب الآباء والأولياء مما يجعل التلاميذ في تيه في شعب الشبكة العنكبوتية في غفلة من ولي أمره أو جهله المعلوماتي
– التعليم عن بعد مدفوع الثمن بثمن الشبكة واقتناء الهواتف الذكية أو شبه الذكية وليس تعليماً مجاناً متكافئ الفرص.

– التعليم عن بعد فيه كثير من التعثر في التحصيل لضعف الشبكة في بعض الأماكن وكثير من القرى والمداشر والأرياف والجبال. فتتضاعف معاناة الأسر والتلاميذ ورجال التعليم.
عدم إمكانية التأكد من متابعة التلميذ لدروسه عن بعد لانعدام المراقبة.

أما عن انتشار الوباء بالتعليم الحضوري؛ فهي مخاوف لا تقل عن مخاوف التعليم عن بعد إذ التلاميذ سيصابون برغبة جامحة في الإختلاط والتهور والخروج غير الآمن والمخالطة واللعب لتعويض ما فاتهم في الفضاء المدرسي.

أما التعليم الحضوري ففضاء يمكن التحكم فيه وضبطه وتقليل العدوى فيه إلى حد كبير.

فتأمن الأسر بعودة أبنائها سالمين.
فالعدوى تكثر من محاولة تفريغ مكبوت التعليم عن بعد باعتياد الأماكن العمومية والرغبة الكبيرة في الاختلاط والمخالطة غير الآمنة فتتناقل العدوى به للأسر ومن فيها من كبار السن وضعاف المناعة وأصحاب الأمراض المزمنة الذين هم أكثر عرضة للإصابة بالفيورس جراء تهور الأبناء أو البنات نتيجة الضغط الذي قد يسببه التعليم عن بعد.

وبهذا يكون التعليم الحضوري أكثر احتياطاً من غيره في الحد من الانتشار العشوائي للوباء
كما أن بالتعليم الحضوري تأمن الأسر من الضغوط وعبء المسؤولية البيداغوجية التي لم تتلقى تكويناً فيه
وتتفرغ لعبء المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية والمتابعة والمواكبة التربوية إن هي قامت بذلك.

والتعليم الحضوري يسهم أكثر في التأطير والتوعية بخطورة الوباء كما يسهم في اتخاذ التدابير الصحية الصحيحة.

مقترحات عملية:
يكون التعليم الحضوري بالتناوب؛ لضمان التباعد الجسدي
حضور 50 ٪ بالمائة من التلاميذ في نصف المدة المخصص للمادة؛ وفي اليوم الموالي أو في المساء من نفس اليوم حضور 50٪ بالمائة الموالية من التلاميذ.
– تعقيم الأقسام باستمرار
– ‏استعمال الكِمامات داخل الفصل وخارجه.
– ‏استعمال المعقم ووسائل النظافة باستمرار
– ‏استعمال مقياس الحرارة عند الدخول.
– ‏استعمال كاميرات لنقل الدروس الحضورية ومراقبة شروط السلامة الصحية في الساحات والأقسام.
اجراء التحليلات الطبية في المدن الموبوءة للتلاميذ والأساتذة والطاقم الإداري وكل المعنيين بالمدرسة والمباشرين لها.
وبعد الرجوع للحياة الطبيعية نرجع تدريجيا إليها.
الحاصل أن “التعليم عن بعد”
بغير حجر صحي لا يُسهم إلا في الانتشار العشوائي للوباء
وهو تملص من المسؤولية الوقائية وتبرم من عبء التدابير الواجب اتخاذها؛ لضمان “تعليم حضوري” يتلائم من الوضعية الوبائية لتحصيل الجودة الممكن في ظل كوفيد 19 المستجِد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *