سياسة

بناصر أحوجيل .. حكاية مسار مشوق لمنتخب محلي (الحلقة الأولى)

يسر جريدة “العمق المغربي” أن تقدم لقرائها الكرام مقتطفات من كتاب “مسار منتخب. لقطات من ذاكرة آيت سغروشن” لمؤلفه الأستاذ بناصر أحوجيل. وهو كتاب غني بالمعلومات والتفاصيل عن سلسلة طويلة من الانتخابات المحلية التي خاضها بناصر أحوجيل باسم عدد من الأحزاب منذ 1976. هذه اليوميات المفصلة والمعززة بعشرات الأسماء والصور تعتبر شهادة فريدة من نوعها للتاريخ وللباحثين. يحكي الكتاب سيرة بناصر أحوجيل كمنتخب جماعي اشتغل في السياسة بدون انقطاع طيلة 45 سنة كرئيس جماعة في قرية صغيرة بالأطلس المتوسط هي ” آيت السبع” قبل أن ينطلق إلى السياسة على الصعيد الوطني، وهو ما جعله يتعرف على عدة شخصيات مثل: المحجوبي أحرضان، عبد الكريم الخطيب، عبد الله القادري، إدريس البصري… وغيرهم.

الحلقة الأولى

توطئة

لما طلب مني بعض الأصدقاء وبعض الفاعلين الجمعويين تأليف هذا الكتاب حول مساري السياسي محليا ووطنيا، لم أتردد في الاستجابة لطلبهم. لقد وجدتها فكرة صائبة، وعيا مني بأهمية الموضوع، وشعورا مني بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي، لأن الواجب يقتضي مني أن أتقاسم مع الناس بعض التجارب الغنية بالأحداث المتنوعة التي راكمتها من خلال ممارستي للشأن السياسي بدون هوادة لمدة ناهزت نصف القرن.

وأعتقد أن ما سأقوم بسرده ضمن هذا الكتاب سوف يكون مادة دسمة للمهتمين والباحثين للاستئناس بها في مختلف مجالات تخصصاتهم. وهذا العمل ليس بالأمر البسيط كما قد يعتقد البعض، لأنه يتطلب الكثير من الدقة والحذر والجرأة في انتقاء وضبط المعلومات الصحيحة والحقيقية التي تجود بها الذاكرة قبل نقلها إلى المتلقي بكامل الصدق والوفاء، حفاظا على المصداقية التي تتطلبها مثل هذه المواضيع.

ومما يميز هذا العمل أيضا أنه أقرب إلى السرد التاريخي بأسلوب جديد، يعتمد على وسائل التوثيق الحديثة المعززة بالصور والشهادات الحية. وهذه الميزة هي التي شجعتني على الإسراع بهذا العمل، ما دمت على قيد الحياة ليحظى بالمصداقية اللازمة عملا بالمقولة الشهيرة: “ليس من سمع كمن رأى.”، أو بالأحرى: “ليس من رأى كمن عاش الأحداث بنفسه ” ، لأن بعض الأحداث التاريخية التي يتم تدوينها عن طريق العنعنة، تصل إلى المتلقي بالزيادة أو بالنقصان.

ولقد تريثت بعض الوقت للتفكير جيدا في الأسلوب الذي سأنهجه قبل الشروع في الكتابة، لأنني كنت حائرا ومحرجا أمام اختيار الكلمات والألفاظ المناسبة وكذا الصور التي سأستعملها في وصف بعض الأحداث والمواقف التي كنت طرفا مباشرا فيها أو شاهدا عليها. واستقر رأيي في الأخير بأن أكون واصفا صادقا مع نفسي ومع غيري بدون محاباة ولا مجاملات زائفة وعقيمة، وإلا سيصبح عملي مجرد حكاية تقليدية لا قيمة لها. لكنني مع ذلك حاولت جهد المستطاع أن أكون لينا ولبقا مع الجميع. فلم أتناول الحياة الشخصية لأي كان، ولم أسلط الضوء إلا على ما له علاقة بالفعل السياسي محليا ووطنيا بالتقدير والاحترام اللازمين؛ لأن هدفي الوحيد وراء هذه المبادرة هو أن أساهم في كتابة تاريخ منطقتي بتجربتي المتواضعة حتى تستفيد منها الأجيال الصاعدة. ولا أتوخى من ورائها أدنى غرض شخصي أو سياسي وأنا في الثانية والسبعين من عمري.

أما بالنسبة للصور التي نشرتها في الكتاب، فما هي إلا مجرد وسيلة إضافية لدعم المعلومات التي أقدمها للمتلقي تقربه أكثر لمعرفة الشخص المتحدث عنه وكذا الظروف المحيطة بالحدث الذي كان مشاركا فيه أو شاهدا عليه. وجل الصور التي نشرتها كانت بإذن من أصحابها؛ وأخرى كنت طرفا مباشرا فيها.

فأتمنى أن تتم قراءة هذا المؤلف قراءة متأنية وموضوعية وأن يكون رد الفعل عليها ردا هادئا ومنصفا؛ علما أنني لا أنتظر لا جزاء ولا شكورا من أحد، اللهم العمل بالحديث الشريف: “إذا مات بنو آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ” .

بناصر أحوجيل.
قيدوم المنتخبين بإقليم صفرو. رئيس جماعة آيت السبع (1976 – 2003). رئيس المجلس الإقليمي صفرو (1977 – 2021) كتاب “مسار منتخب. لقطات من ذاكرة آيت سغروشن” . منشورات دار القلم. موجود في الأكشاك والمكتبات المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *