مجتمع

الريسوني: في كل بلد عربي صحراء.. ولو اتبعنا معايير اختراع ”الجمهورية الصحراوية” لظهرت عشرات الجمهوريات

اعتبر الفقيه المقاصدي المغربي، أحمد الريسوني، أن في كل بلد عربي توجد صحراء، سواء كانت غربية أو شرقية أو جنوبية أو شمالية أو وسطى، مشيرا إلى أن استعمال المعايير التي تم بموجبها اختراع ”الجمهورية الصحراوية” ليؤدي إلى ظهور عشرات الجمهوريات الصحراوية بالعالم العربي.

وتساءل الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في مقال له، اليوم الإثنين، بالقول: “ألسنا جميعا صحراويين، من المحيط إلى الخليج؟ (…) أوَ ليس يوجد في كل صحراء من صحارينا “شعب صحراوي” يتكون من مائة ألف، أو من مئات الألوف، أو من مليون أو أكثر؟”.

وأشار الريسوني إلى أن ما يُسمى بـ”الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية” المزعومة، لا توجد إلا في الهواء، موضحا أن الحقيقة تكمن في كون “كل شيء يوجد في الجزائر أو يخرج من الجزائر”، وفق تعبيره.

وأوضح أن معظم المثقفين والنخب العربية والإسلامية، فضلا عمن سواهم، لا يعرفون شيئا عن شيء اسمه “الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية”، مع أن هذا هو السبب المحوري للنزاع والتوتر المزمنين في العلاقات بين المغرب والجزائر، وبين دول المنطقة المغاربية عموما.

إقرأ أيضا: بعد استقالة الريسوني.. اتحاد “علماء المسلمين” يكلف وزيرا سابقا بالرئاسة

وأضاف أنه منذ سقوط الأندلس بدأت الدول الأوروبية تعدُّ عدتها للقيام بغزو انتقامي مضاد للأقطار الإسلامية جنوب البحر الأبيض المتوسط، وعلى رأسها عدوهم الأكبر، المغرب الأقصى، مضيفا: “وقد تحقق لهم ذلك بالفعل، وتمكنوا في النهاية من احتلال مجمل هذه الأقطار، ثم الانطلاق إلى غيرها”.

وفي أواسط القرن العشرين، يضيف المتحدث، بدأت الدول الاستعمارية تترنح وتتأهب للرحيل والانسحاب، تحت ضغط المجاهدين والزعامات الدينية والسياسية الساعية للاستقلال.

وأبرز أنه في سنة 1956 حصل المغرب، من فرنسا وإسبانيا، على استقلال منقوص مبتور، رفضه وعارضه حينئذ عدد كبير من العلماء والزعماء وقادة المقاومة وجيش التحرير، حيث كانوا يصرون على أن الاستقلال لا بد وأن يشمل كافة المناطق المتبقية بيد إسبانيا وفرنسا.

وتابع قوله: “لكن بعض السياسيين المفاوضين استعجلوا الحصول على مغانم هذا “الاستقلال المنقوص”، على أمل أن تتواصل الجهود لاحقا لاسترجاع ما تبقى، وخاصة جنوبَ المغرب وشمالَه. وهو ما تم إلى حد ما”.

إقرأ أيضا: أثارت جدلا بموريتانيا والجزائر.. الريسوني يقدم توضيحات بشأن تصريحاته الأخيرة

وأردف الريسوني في سرده لهذه الأحداث التاريخية، أن المغرب نظم في 1975 مسيرة شعبية نحو صحرائه الجنوبية، عُرفت باسم “المسيرة الخضراء”، واستعاد على إثرها من إسبانيا صحراءه المحتلة (إقليمَي الساقية الحمراء ووادي الذهب)، التي تسمى في الاصطلاح الاستعماري “الصحراء الغربية”.

وأردف أنه في هذا الوقت اختُلقت للمغرب مشكلة جديدة، حيث أُعلن عن تشكيل “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب – البوليساريو”، وتولت كل من ليبيا القذافي، والنظام الجزائري، الاحتضان التام لهذه الحركة وتمويلها وتسليحها وتدريبها وإيواءها.

كما تحمل النظامان الليبي والجزائري كل أعباء التسويق والدعاية وشراء الاعتراف والتأييد للحركة الانفصالية. وبعد ذلك سارعت بعض الدول والأنظمة الشيوعية، ودول أوروبية وإفريقية ولاتينية، إلى الاعتراف بهذه الحركة وتأييد مسعاها نحو “الاستقلال” وتحرير الصحراء من “الاحتلال المغربي”، يضيف الريسوني.

وأفاد بأنه “لتحقيق قفزة دعائية نوعية، ولو في الهواء، تم في فبراير 1976 الإعلان عن قيام “دولة مستقلة ذات سيادة”؟، سميت: “الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية”، واعترفت بها بعض الدول التي سبق أن اعترفت بجبهة البوليساريو، وفي مقدمتها آنذاك ليبيا والجزائر، ثم تخلت عنها ليبيا القذافي، وبقيت الجزائر”.

إقرأ أيضا: بعد استقالته .. الريسوني: لا رئاسة بعد اليوم لا في المغرب ولا في المشرق

وبحسب العالم المقاصدي المغربي، ففي هذا الوقت كان عدد سكان الصحراء، حسب الإحصاء الإسباني الذي أجري سنة 1974 ويعترف به الجميع، هو 73497 نسمة.

وأضاف: “نعم: 73 ألف مواطن، وقد يصلون اليوم إلى مائة ألف أو يزيدون: يشتركون مع باقي إخوانهم سكان المغرب في الدين، والمذهب، والطرق الصوفية، واللغة واللهجة، والأصول القبلية، والروابط العائلية، والتاريخ، والجغرافية الصحراوية”.

وأشار إلى أن هؤلاء هم الذين سمَّوْهم الشعب الصحراوي، والجمهورية العربية الصحراوية، وجعلوا لهم الحكومة الصحراوية، والرئيس الصحراوي، والجيش الصحراوي، ووكالة الأنباء الصحراوية، والسفارات والقنصليات الصحراوية في أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، مشددا على أن “كل شيء يوجد في الجزائر أو يخرج من الجزائر”.

يقول الريسوني: “بين الفينة والأخرى نسمع عن تحركات لفخامة الرئيس الصحراوي، وأنه قد استُقبل هنا أو هناك. ولكن لم نسمع قط أن هو قد استَقبَل أحدا عنده: في عاصمة الجمهورية الصحراوية!؟ بل دائما يُذكر مبنيا للمجهول: استُقبِل.. مع أنهم يتحدثون دوما عن “الأراضي المحررة”، وأنها تمثل الربع أو الخمس من أراضي الجمهورية؟”.

إقرأ أيضا: بعد استقالته من رئاسة “علماء المسلمين”.. الريسوني “رجل دعوة لا يستوعبه حزب ولا جماعة”

وشدد على أنه “لو استعملنا المعايير التي تم بموجبها اختراع “الشعب العربي الصحراوي” و”الجمهورية الصحراوية”، لكنا قد “ربحنا” “عشرات الشعوب العربية الصحراوية”، وعشرات الجمهوريات الصحراوية الجديدة”، متسائلا: “ألسنا جميعا صحراويين، من المحيط إلى الخليج؟”.

وأضاف: “أليس في كل بلد عربي صحراء غربية، أو صحراء شرقية، أو صحراء جنوبية، أو صحراء شمالية، أو صحراء وسطى؟ أوَ ليس يوجد في كل صحراء من صحارينا “شعب صحراوي” يتكون من مائة ألف، أو من مئات الألوف، أو من مليون أو أكثر؟”.

وكان أحمد الريسوني قد أعلن استقالته من رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قبل أن يعلن بعدها عن انسحابه نهائيا من الاتحاد، وذلك على خلفية تصريح له عن الصحراء المغربية والعلاقات المغاربية أثارت موجة غضب في الجزائر وموريتانيا.

وصرح في وقت سابق، بأن ما يؤمن به شخصيا في هذه القضية هو أن المغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي، مشيرا إلى أن قضية الصحراء صناعة استعمارية، معبرا عن أسفه لتورط دول شقيقة عربية إسلامية في دعم وفي تبني هذه الصناعة الاستعمارية.

وقال إن معالجة قضية الصحراء يجب أن تكون بالاعتماد على الشعب المغربي المستعد للجهاد بماله ونفسه، وأن يتعبأ كما تعبأ في المسيرة الخضراء ليقطع آمال الذين يفكرون في فصل الصحراء عن المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الله
    منذ سنتين

    شكرا جزيلا على الحقيقة التي لا مجال للشك فيها وتنشرها والله يجازيك ويزيد من امثالك