خارج الحدود، مجتمع

يضم مئات الأطفال والنساء المغربيات.. الأمم المتحدة تكشف معطيات صادمة عن مخيم “الهول” بسوريا

كشفت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، عن معطيات صادمة تتعلق بالوضع الإنساني في مخيم “الهول” للاجئين في شمال سوريا، ضمن تقرير جديد عن الأوضاع في سوريا، صدر أمس الأربعاء، وسط استمرار أعمال القتل والعنف والتعذيب والاحتجاز منذ 10 سنوات.

وقالت الأمم المتحدة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إن الوضع الأمني يزداد سوءًا في مخيم الهول، مع الإبلاغ عن 34 جريمة قتل في المخيم بين 1 يناير 2022 و31 غشت المنصرم، مسجلة عدة اشتباكات دامية بين قوات الأمن الداخلي وسكان المخيم.

وبحسب المصدر ذاته، فإن التقرير الذي يتألف من 50 صفحة ويقدم تحقبقا شاملا عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، كشف أن الأطفال يقبعون في مخيم الهول ومخيمات أخرى في الشمال الشرقي في وضع مقلق على نحو خاص.

ويرجح وجود 97 امرأة مغربية محتجزة في مخيمات بشمال سوريا وبرفقتهن 259 من أبنائهن، بينما يبلغ عدد الرجال المقاتلين المغاربة المعتقلين في سوريا نحو 130 شخصا، كما يوجد 25 طفلا مغربيا يتيما، بحسب أرقام “التنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين بسوريا والعراق”.

احتجاز خارج القانون

وتشير الأمم المتحدة في تقريرها إلى أن أطفال مخيم “الهول” يفتقرون إلى الرعاية الصحية والتعليم الكافيين، ويعاني العديد منهم من العنف داخل المخيمات.

كما أن الفتيان الصغار، وبمجرد بلوغهم سن المراهقة، يتعرضون لخطر نقلهم إلى مراكز الاحتجاز العسكرية جنبًا إلى جنب مع بالغين يُزعم أنهم كانوا مقاتلين سابقين ضمن تنظيم “داعش”، ويحتجزون إلى أجل غير مسمى دون اللجوء إلى القانون.

وعرض التقرير تحقيقًا شاملا عن أكبر هجوم لـ”داعش” على الأراضي السورية منذ أن فقد سيطرته عليها في عام 2019، مسجلا أن القتال الذي جرى في سجن “الصناعة” ومحيطه بمدينة الحسكة منذ 20 يناير الماضي، أسفر عن مقتل المئات، حيث تم قطع رؤوس عدد من القتلى وتشويه جثثهم.

ووفق المصدر ذاته، فإن أزيد من 10 آلاف من مقاتلي “داعش” السابقين المشتبه بهم وغيرهم من الأفراد الذين يُزعم أنهم ينتمون إلى التنظيم، ظلوا محتجزين في شمال شرق سوريا بمعزل عن العالم الخارجي.

وأشار التقرير إلى المخاطر المستمرة باحتجاز المشتبه بهم في مناطق مدنية، لافتا إلى أن المعتقلين الأجانب، بمن فيهم الفتيان، لا زالوا بلا ملاذ قانوني بعد سنوات من اعتقالهم الأولي.

بالمقابل، اعتبر التقرير أن ما يبعث على التفاؤل هو أن مئات الأطفال العراقيين أعيدوا هذا العام من معسكرات الاحتجاز في شمال شرق سوريا إلى بلادهم، كما أعادت العديد من الدول الأوروبية النساء والأطفال إلى أوطانهم.

وفي هذا الصدد، أثنت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا على الدول التي أعادت رعاياها من النساء والأطفال الأجانب المحتجزين في المخيم، منذ بداية العام، داعية إلى مواصلة الجهود لضمان إطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي في هذه المعسكرات.

مطالب بتدخل المغرب

وتتواصل المطالب للسلطات المغربية بالتدخل لإعادة الأطفال والنساء المغربيات إلى أرض الوطن، في ظل أوضاع مأساوية داخل مخيمات “الهول” و”روج” بشمال سوريا، بسبب جرائم القتل التي تقع، إلى جانب غياب مياه الشرب وانتشار الأمراض الأوبئة وانعدام الأدوية.

وكانت التنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين بسوريا والعراق، قد كشفت أن الأكراد المشرفين على هذه المخيمات، يمنعون المحتجزات من زيارة المستشفى، كما يتأخرون في تقديم المساعدة الطبية لهن إلى أن تتأزم حالتهم، كما هو الحال بالنسبة لسيدة مغربية أصيبت بشلل نتيجة ارتفاع ضغط الدم.

وفي هذا الإطار، سجلت التنسيقية عدم السماح للصليب الأحمر بتزويد عائلات المعتقلين المغاربة بلوائح أسماء المعتقلين الذين توفتهم المنية داخل المعتقلات، حيث انقطعت أخبار عدد من المعتقلين دون أن تعرف عائلاتهم شيئا عن مصيرهم.

كما علمت جريدة “العمق” من مصادر داخل التنسيقية ذاتها، أن قوات سوريا الديمقراطية التابعة للأكراد، عملت على الإبعاد القسري لعدد من الأطفال عن أمهاتهن بمخيمات “الهول” و”روج”.

وأضافت المصادر ذاتها، أنه خلال عملية تفتيش قام بها الأكراد للأقسام المخصصة للأجنبيات بمخيم “الهول”، تم اعتقال كل طفل يفوق عمره الـ12 سنة، واقتيادهم إلى السجن خارج المخيم، وبالتالي إبعادهم قسرا عن أمهاتهم.

وكانت المهمة البرلمانية الاستطلاعية حول وضعية النساء والأطفال المغاربة العالقين ببؤر التوتر كسوريا والعراق، قد أوصت بإحداث مؤسسة وطنية تتكفل بتدبير هذا الملف، بالتنسيق مع الحكومة والمجتمع المدني الفاعل في المجال والمؤسسات الدينية والبحثية والأكاديمية ومختلف المؤسسات الدستورية والقضائية والأمنية المعنية.

كما دعت على المستوى القانوني والمؤسسات والإداري، إلى إصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقين في بؤر التوتر في سوريا والعراق من أجل تسهيل إرجاعهم بشكل سريع وإدماجهم في ظروف سليمة في محيطهم العائلي والاجتماعي.

جرائم ضد الإنسانية

وبشكل عام، قال تقرير الأمم المتحدة إن “الملايين يعانون ويموتون في مخيمات النازحين، بينما تغدو الموارد أكثر ندرة ويزداد الفتور في همة المانحين. فسوريا لا تحتمل العودة إلى القتال على نطاق واسع، ولكن هذا هو القدر الذي قد تتجه إليه”.

وأفاد التقرير الذي سيُرفع أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، يوم الخميس المقبل (22 شتنبر)، بأن ما يثير القلق هو استمرار أنماط الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة ووفيات أثناء الاعتقال والاحتجاز، سواء من طرف النظام أو الجماعات المسلحة.

وسجل المصدر ذاته أن عشرات الآلاف من السوريين لا زالوا مختفين قسريًا أو مفقودين حتى الآن، كما تواصل القوات الحكومية ممارسة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لأقارب المفقودين من خلال تعمّد إخفاء مصيرهم ومكان وجودهم.

كما سجل التقرير حالات متعددة تم فيها اعتقال واحتجاز نازحين سوريين عادوا إلى ديارهم من قبل القوات الحكومية، مع  حالات عديدة لعائلات لم تتمكن من العودة إلى مدنها وقراها بسبب مصادرة ممتلكاتها من قبل القوات، أو خوفًا من الاحتجاز التعسفي.

وفي ظل هذه الخلفية، لاحظت اللجنة أن بعض الدول المجاورة تضع خططًا ملموسة للعودة الجماعية للاجئين السوريين، مشددة على ضرورة أن تكون العودة اختيارًا، وأن تتم بطريقة آمنة وكريمة وطوعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Nordine dghoghi
    منذ سنتين

    انا في رأيي... لارجوع لهؤلاء .. ولا ثقة فيهم.. كالبركان يخمد مدة طويلة.. وبعدها ينفجر.. ويدمر اليابس والاخضر..